السامري الصالح ( لوقا ١٠ : ٢٥ – ٣٧ )
تأمل الأحد ١٣ مارس / آذار ٢٠١٦
السامري الصالح ( لوقا ١٠ : ٢٥ – ٣٧ )
من هو قريبك ؟
إن القريب ليس فكرة نظريّة ، إنما هو واقع ملموس .
من خلال هذا المثل يريد يسوع أن يقول لنا : إن الإنسان واحد ، اياً كان لونه أو جنسه أو عرقه أو معتقده أو دينه . ولا توجد سوى علاقة واحدة تجمعنا على الأرض وهي : ” الله والإنسان ” . وكلمة قريب تعود إلى فعل قرّب قرباناً .
إنه مثال مزدوج :
أليس يسوع هو السامري ؟ أما يقول لوقا الإنجيلي :” تركه اللصوص جريحاً بين ميت وحي ؟ ” ( لوقا ١٠ : ٣٠ )
أليست هي حالة يسوع على الصليب ؟ عرّوه ولطموه وبسقوا عليه وضربوه وتركوه وحيداً ؟
هكذا كان مصير يسوع ، وهذا عموماً مصير التلاميذ .
من هم الاشخاص الذين مروا أمام الرجل النازل إلى أريحا ؟ ومن يمثّلون ؟
١ – الكاهن : يمثل مرتبة دينيّة راقية . رمز العبادة لله ، كمال الثقة ، فقيه في علم الشريعة والكتب المقدّسة : هذا نزل في الطريق وليس له ردة فعل نحو الرجل الملقى على الطريق كما يريد يسوع . يعبر ، ويجتاز الطريق غير مبالي وحتى لا يريد أن يعرف من هو قريبه ،
ولا يريد أن يتعرّف و يقبل الآخر . وخلاصة القول : يعتبر نفسه فوق الكل !
٢ – اللاوي : وهو من الصنف نفسه ، يقول لنا القديس لوقا : إن المعرفة النظرية لا تنفع شيئاً من دون عمل وتطبيق . لإن المؤمن بالإيمان والأعمال يحيا . والمشكلة هي انّ اللاويين ليس لهم ميراث إلاّ الله كما يقولون ، وانهم جُعلوا للخدمة والتضحية . ولكن أين هم من هذا الكلام ؟
٣ – السامري : إنسان عادي ، لا يهتم بالتعايم و المعطايات الدينية ، وليس فقيهاً بالشريعة ، بل يتحرك بسرعة لنجدة ومساعدة الآخرين .
عندما رأى الرجل المنطرح على الطريق ويعرف أنه يهودي ، و اليهود يكرهون السامرين ، أشفق عليه ، واراد أن يرحمه لينقذه من العذاب والموت ، فتحركت الشفقة والرحمة في داخله ، ومن هنا تأتي كلمة رحمة من الرحم ، أي من الأحشاء ، وكان هذا السامري يعرف جيداً أنّ الشريعة تنبع من القلب ، وليس على الأفكار النظرية والمظاهر العلنية .
اهتمّ بالرجل وأخذ على عاتقه المسؤولية وذهب به إلى الفندق وطلب الاعتناء به لتعود إليه صحته .
السامري الصالح يعطينا درساً بالعمل والقدوة والتصرف والخدمة وبذل الذات ، وايضاً يعطي من وقته لإنقاذ الآخرين وادخال السعادة والفرح إلى قلوبهم .
التضامن مع إنسان مريض ، مهمّش ، محتاج ، تعبير عن حب ناضج ، يقفز بنا ويرفعنا فوق الحواجز ويدمرها .
فالمسيحي مدعو للذهاب إلى أبعد من ذلك من خلال :
١ – القدرة على رؤية النداء الذي يتطلب منه جواباً سريعاً وخاصةً في الظروف الصعبة .
٢ – القدرة على الشعور بألم الآخرين في محيطه ومجتمعه . واليوم كلنا مدعوون لنفكر معاً بالعائلات النازحة من بلدانها بسبب الحروب ، وهي مع الأسف بالآلاف ، متذكرين قول السيد المسيح ” كلما صنعتم شيئاً من ذلك لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار ، فلي قد صنعتموه ” ( متى ٢٥ : ٤٠ ) .
٣ – الإهتمام و الاستعداد للخدمة وعمل شيء ملموس لتجاوز وتخفيف ظروف الآخر الصعبة .
٤ – دعوة الآخرين للدخول في مجال أعمال المحبة والرحمة والعناية بالمحتاج وبكل من هو بحاجة إلى خدمتنا .
نعم ، في وسط المحن والصعوبات والمشاكل والحروب و …. التي نعيشها نحن بحاجةٍ إلى سامري صالح وحنون يمد يد العون والمساعدة والخدمة .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
أسقف الإسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك