” مريم والكتاب المقدس “
إنّ الكتاب المُقدس ، بعهديه القديم والجديد ، هو اساس ايماننا المسيحي ، ومنه تَستلهم الكنيسة تعليمها وطقوسها وصلواتها. وقد نظن للوهلة الاولى اننا لن نجد أثراً لمريم أو تنويهاً لها في العهد القديم ، والحقيقة هي بعكس ذلك . فحُبنا وإكرامنا لمريم له جذوره المتأصلة في الكتاب المُقدّس . لأن أسفار العهد القديم تصف تأريخ الخلاص كتمهيدٍ لمجيء المسيح الى العالم ، وترسم لنا صورة تزداد وضوحاً شيئاً فشيئاً لأُم الفادي . وتظهر ملامح هذه الصورة من خلال النبؤة . ففي الوعد الذي قطعه الخالق لأبوينا الأولين على أثرِ سقوطهما ، نرى صورة مريم في المرأة التي تسحق رأ س الحية . وفي سفر المزامير نسمع داؤود النبي يتغنى بجمال الملكة القائمة في المجد عن يمين الملك الجالس على عرش لا تزعزعه الدهور ( مزمور ٤٤ : ١٠ ) ، ونرى اشعيا يتهلل للنور المنبثق من العذراء ليضيء الطريق للشعب السالك في الظُلمة ، فهي آية الله وقدرته ، فيقول ” ها إن العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه “عمانوئيل ” أي ” الله معنا “( اشعيا ٧ : ١٤ ) .
وهي التي تظهر بين الودعاء و المساكين بالرب الذين يرجون منه الخلاص بثقة وأمل .
وتمت الازمنة اخيراً بوصفها الإبنة المصطفاة بعد طول انتظار الوعد ، فأخذ ابن الله منها طبيعته البشرية ليخلِّصَ الإنسان من الخطيئة . فكم علينا ان نتعمق في قراءة الكتاب المقدس ، ونتأمل في معانيه ورموزه ، ونستقي منه علم الروح و الخلاص .
فلنطلب من مريم ان تنير أفكارنا لنفهم المعاني السامية الموجودة في الكتاب المقدس .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك