العصفور وملك
المتكبر مثل الشجرة مرتفعة وبهية لا ثمر فيها… والحسود مثل ثمر بهي من ظاهر هو تالف من داخله (القديس مار أفرآم السرياني)
جاءني شاب يئن بسبب أفكار الشهوة التي تحطم نفسه. قال لي:
“إني أصوم وأصلي وأقرأ في الكتاب المقدس. إني أمارس التوبة والاعتراف. ليس لي أصدقاء سوء. لا أقرأ في مجلة رخيصة معثرة، ولا أتطلع إلى أفلام معثرة… ماذا أفعل؟”
أجبته: “ينقصك أمر واحد أن تكتشف السلطان الذي وهبك إياه مخلصك. تمسك بوعده؛ إنه يعطيك سلطانًا أن تدوس على الحيات والعقارب. لا تستخف بالإمكانيات التي قدمها لك مخلصك. ولا تخف من إبليس وكل قواته”.
وإنني في هذه المناسبة أذكر قصة العصفور والنسر ملك الطيور.
قيل أن النسر كملك عظيم للطيور استدعى أعضاء البرلمان من كل أنواع الطيور. وفي كبرياء قال لهم:”من منكم يعطي صوتًا قويًا مثل صوتي؟!”
صمتت كل الطيور ولم تستطع أن تجيب بكلمة.
عاد في تشامخ يقول:”من منكم يرتفع فوق السحب مثلي؟!”
صمت الكل، لكن عصفورًا استخف بكبرياء النسر، وقال له:”أستطيع أن أطير في الجو أعلى منك”. في سخرية نفض النسر ريشه وقال: “أنت!”
في اليوم التالي وقفت كل الطيور ترى السباق بين النسر العظيم والعصفور الصغير. وما أن بسط النسر جناحيه ليطير حتى قفز العصفور فوق النسر، واختفي بين ريشه الضخم.
في كبرياء طار النسر وارتفع إلى ما فوق الجبال والعصفور ممسك بالريش الذي على ظهر النسر ومختفي فيه.
صرخ النسر: “أين أنت أيها العصفور؟”
أجاب العصفور: “أنا فوقك. أنا أعلى منك!”
لم يشعر النسر بوجوده، وإنما صار يصعد فوق السحاب ويطير من هنا وهناك. وفي تشامخ سأل: “أين أنت يا أيها العصفور؟” في يقين أجاب: “أنا فوقك يا أيها النسر المتشامخ!”
غضب النسر جدًا وصار يطير ويطير حتى تعب جدًا، وإذ انهارت قوته سقط وارتطم بالحجارة ومات، بينما استطاع العصفور أن يطير قبل بلوغه الأرض. وهكذا تحطم النسر المتشامخ وانتصر العصفور الصغير الذي وطأ بقدميه النسر الطائر في العلو.
أنت الذي تنقذ العصفور من فخ الصياد.
الفخ انكسر ونحن نجونا.
أنت الذي ترفع المتواضعين.
أنت تقاوم المستكبرين.
ليس لي، ليس لي!
نعمتك تهبني روح الغلبة والنصرة.
لن يقدر العدو أن يقاوم نعمتك العاملة فيّ!
أعطيتني سلطانًا أن أدوس على إبليس وكل قواته!
منقول من موقع سلطانة الحبل بلا دنس