stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الأسرة

القديس يوحنا بولس الثاني، نبي الزواج

1.8kviews

topic

خلال أكثر من 25 سنة، وضع يوحنا بولس الثاني أسس رجاء جديد للمحبة البشرية وسط عالم منطبع أكثر فأكثر بآلام وشدائد الحب والجنس والزواج والعائلة. وإذ أشار كاتب سيرته الأكثر شهرة جورج ويغيل إلى التحول التاريخي في الفكر البشري والكنسي، والإسهام الثمين الذي قدمه مجموع حبريته التعليمي والإنجيلي الفعلي حول المعنى المسيحي للزواج والجنس، تحدث عن محتواه كما لو أنه “قنبلة موقوتة” فعلاً. عندما سيُعرف ويُصغى إليه، سيحدث ثورة إيجابية جداً وعميقة وطويلة الأمد في العلاقة – بالنسبة إلى الكنيسة وإلى مجتمعاتنا على حد سواء – بين الإيمان المسيحي والحياة الزوجية والجنس. إنه فعلاً مادة رعوية شديدة التفجر نختبرها في خدمتنا إلى جانب الشباب أو الأزواج، المؤمنين وغير المؤمنين، منذ أكثر من 30 سنة!

انطلق يوحنا بولس الثاني في هذا التعليم العظيم منذ بداية حبريته وطوال أربع سنوات، فاستجاب لنداء الله لكي يعطي هذا التعليم “المتفجر”، من خلال السلطة اللاهوتية والروحية العظيمة للخدمة البطرسية. كان يوحنا بولس الثاني يعلم أنه صاحب الدور الرئيسي في ما سماه بنفسه لحظة تاريخية تدرك فيها الكنيسة بطريقة أكثر حيوية وإلحاحاً أهمية رسالتها، التي تقضي بأن تعلن للجميع تدابير الله حول الزواج والجسد والجنس.

منذ زمن آباء الكنيسة مثل يوحنا فم الذهب، لم يكن أحد واضحاً مثله إلى هذا الحد في الكنيسة اللاتينية حول هذه المواضيع. يوحنا بولس الثاني الذي اعتبر أن “الجسد والجنس مقدران بشكل قليل” في المسيحية، أعاد النظر بشدة في كلام يسوع عن التدبير الإلهي لـ “جسد واحد” زوجي وبيبلي، الأمر الذي قدّمه كـ “ليتورجيا الزوجين” الفعلية، المصطلح القوي والغني بالمعاني لدى الكاثوليك! لقد ذكّر بكلام القديس بولس من دون لبس: “مجدوا الله من خلال أجسادكم”، “أجسادكم هي هيكل الروح القدس”، “لا يمتنع أحدكما عن الآخر”، “في المسيح، لا تكون المرأة من دون الرجل، ولا الرجل من دون المرأة”، وغيرها.

في ختام تأمله ، يؤكد يوحنا بولس الثاني للزوجين أن العمل الداخلي للتحول الإنجيلي “لا يُضعف الحنان والمشاركة – حتى الجنسية – لدى الزوجين، بل على العكس يجعلهما أكثر قوة وغنى”. هذا ما أعاد تثمينه خليفته بندكتس السادس عشر موضحاً للزوجين أن المسيح يريد إرشادهما على “درب تطهر وشفاء”، لأن “غريزة الحب قادرة على أن ترفع في نشوة نحو الإله” و”تعطي شعوراً مسبقاً بذروة الوجود، وبالغبطة التي يميل إليها كل كياننا”! ما من كلام أوضح من ذلك بالنسبة إلى كل إنسان وكل زوجين لديهما الرغبة في النمو في نوعية العلاقة والشركة الزوجية.

لذلك فإن تجدد الفكر حول الزواج، الذي عززه يوحنا بولس الثاني عند ملتقى القرنين العشرين والحادي والعشرين، يتخذ طابعاً قوياً ونبوياً بالنسبة إلى الشباب الباحثين عن معنى الحياة والحب، وأيضاً بالنسبة إلى الأزواج الساعين إلى تحقيق تطلعاتهم في ما يتعلق بالشركة والسعادة. باتت الكنيسة الكاثوليكية تملك مفاتيح قراءة أساسية لتخطي العقبات – التقدمية أو التقليدية – التي غالباً ما سببت ضلال عدة رعاة أو مفكرين خلال العقود الأخيرة: دوغماتية محدودة وأخلاقية، روحانية عائلية متجردة من الماديات، صمت رعوي مرادف لعجز رسولي أو الامتثال للعلوم البشرية. تستطيع الكنيسة من الآن فصاعداً اقتراح درب جذابة وموسعة على العديد من الشباب أو الأزواج الطامحين إلى أن يعيشوا – حتى على حساب عدة صراعات داخلية – الحب والشركة القويين في حياة الزوجين، فيما يعيش كثيرون الاختبار المؤلم لحب يتلاشى، أو صعوبة تبادل الحب باستمرار، أو حياة جنسية تعيسة أو خالية من المعنى.

هذه المحن التي يزداد انتشارها تعيث فساداً بين الأزواج المسيحيين وغير المسيحيين، وبالتالي ضمن العائلات ولدى العديد من الأطفال، حسبما كشفت دراسات أجريت مؤخراً. لكن، لم يتمكن أي “خبير” في التاريخ المعاصر – سواء كان راعياً، لاهوتياً، فيلسوفاً، سياسياً، طبيباً، عالماً نفسياً أو متخصصاً بعلم الاجتماع – أن يقدم على مثال يوحنا بولس الثاني تشخيصاً وعلاجاً مناسباً لعلّة القرن العميقة والعامة. بعيداً عن الادعاء بمعرفة كل شيء، يقترح يوحنا بولس الثاني على الجميع مفاتيح جديدة ومناسبة لعدم اليأس من الحب والزواج، لكي تحمل درب الحب الصعبة والخطيرة بشكل تدريجي ثمار المغفرة والشفاء، والقوة والديمومة في قلوب الأزواج… والعائلات. وبعيداً عن الأزواج، يُعتبر الأطفال المستفيدين الأوائل من درب الشفاء وتجدد الحب، وهم الدليل الملموس على الحب المتبادل بين أهلهم. أوليس الحب الدائم بين الأب والأم هو أجمل إرث يمكن تركه لراشد شاب، وأكبر محفز له؟ إننا كأهل نطمح جميعاً إلى أن نترك أفضل إرث لأبنائنا و”نسلحهم” على أفضل نحو في حياتهم؛ إذاً، ومن أجل مصلحتهم الكبرى، فلنحب بعضنا البعض بقوة كأزواج متبعين درب الزواج الضيقة وإنما المباركة، كما يقترح علينا هذا البابا العظيم.

شكراً لـلقديس الجديد يوحنا بولس الثاني لأنه قدّم في فجر هذه الألفية الجديدة، وباسم الله، هذه الهدية الكبيرة للإنسانية: هناك عالم يسعى إلى المعنى والحب ويتوق إليهما بصبر وبشدة! فلنُصل إلى القديس الجديد لكي تحدث هذه الكرازة الإنجيلية الجديدة عن الزواج والجنس في هذه الأزمنة المضطربة بسبب هذه القضايا.

روما / أليتيا (aleteia.org/ar)