stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

الكاردينال بارولين: لا ينقصنَّ أبدًا التضامن والاهتمام بالآخرين

724views

4 يوليو 2019

دبلوماسية الكنيسة ولقاء البابا المقبل مع الكاردينال بارولين وظاهرة الهجرات، هذه هي بعض المواضيع التي تحدّث عنها أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في مداخلته في عيد صحيفة “Avvenire” في بازيليكاتا في إيطاليا.

“دبلوماسية الكرسي الرسولي مع البابا فرنسيس” حول هذا الموضوع توقف أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين خلال الأمسية الختامية لعيد صحيفة “Avvenire” الذي نظّمه مجلس أساقفة بازيليكاتا ومنظّمة شباب أوروبا. وإذ أجاب على أسئلة مدير الصحيفة ماركو تاركوينيو ذكر الكاردينال بارولين بأن أهداف الكرسي الرسولي تلخّص في البحث عن السلام وتعزيزه.

شدّد أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان على أنّ البابا فرنسيس يدخل في إطار دبلوماسية الكنيسة بثلاثة ميزات فريدة، أولاً يدعو الأب الأقدس لكي لا نعتبر المشاكل بشكل مجرّد وإنما في واقعيتها واضعين على الدوام نصب أعيننا وجوه الأشخاص: الأطفال والمسنين والمهمّشين وضحايا العنف. أما الميزة الثانية فترتبط بالضواحي، لقد كانت الرؤية السابقة تتمحور حول أوروبا أما البابا فرنسيس فيسعى لإدخال وجهة نظر مختلفة وهي أن الضواحي تساعد المحور لكي يفهم حقيقة عالم اليوم. والميزة الثالثة هي الفعاليّة: أي عدم التوقف عند ردات الفعل على الأزمات وإنما أن نسعى للوقاية منها وان نكون حاضرين آخذين بعين الاعتبار الأدوات التي بين أيدينا.

ذكر بعدها الكاردينال بيترو بارولين بلقاء البابا السفراء البابويين في الثالث عشر من حزيران الماضي وقال إن دبلوماسيّة الفاتيكان تسعى لتكون دبلوماسيّة الإنجيل، والبابا يعتقد ان الأمر يتعلّق بأداة مفيدة لرسالة الكنيسة، وكفعل محبّة أراد أن يحذّر من الضعف الذي قد يجعل أحيانًا مهمّة السفراء البابويين أقلّ فعاليّة. كذلك سأل مدير صحيفة “Avvenire” الكاردينال بارولين عن اللحظات الأجمل واللحظات الأصعب التي عاشها إلى جانب البابا فرنسيس فأجاب أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان مشدّدًا على أنها لم تكن سنوات هادئة، وأضاف أفكر بالتوترات المتعلّقة بالدفع الإصلاحي الذي بدأه الحبر الأعظم، وبالانتقادات التي تلت الاتفاق مع الصين. لكن ما أثّر فيَّ في هذا الإطار كله موقف الهدوء والسكينة الذي يتحلّى به البابا فرنسيس. قد يكون الأب الاقدس قلقًا بسبب المشاكل ولكنّه يواجهها دائمًا بسلام داخلي كبير. يدهشني إصراره على الفرح الذي أتجرأ وأقول إنه ميزة حبريّته ويمكن تطبيقه بكل تأكيد أيضًا في إطار الدبلوماسيّة لأنّه لا يمكن لأحد أن ينتزع منا الفرح العميق بشعورنا أننا الأبناء المحبوبين للرب الذي يقود التاريخ بالرغم من اضطرابات وبلبلة البشر.

ذكّر الكاردينال بيترو بارولين في المقابلة أيضًا بالاتفاق التاريخي مع الصين وتعيينات الأساقفة، أول نتيجة إيجابية وبالتالي فإن جميع أساقفة الصين هم الآن في شركة مع الأب الاقدس، وقد شارك اثنان منهما في السينودس الذي عقد في تشرين الأول الماضي حول الشباب وتمييز الدعوات. ولذلك يمكننا القول إن هذا الاتفاق قد بدأ يُترجم إلى الواقع؛ لأن ما يهمّنا فعلاً هو أن يكون المؤمنون الصينيون مواطنين صالحين وكاثوليك صالحين، وبالتالي أن يحترموا القوانين ولكن في الوقت عينه ألا يُمنعوا من عيش إيمانهم الكاثوليكي بالكامل بما فيه الشركة الفعلية مع الأب الأقدس. لن تغيب الأوضاع الصعبة ولكن قد تمَّ خلق نوع من الثقة المتبادلة التي يمكننا أن نستثمرها لمواجهة مشاكل المستقبل. نأمل أن يكون هذا الاتفاق بذرة صغيرة يمكنها أن تزهر وتثمر.

خلال المقابلة أشار الكاردينال بارولين إلى لقاء البابا فرنسيس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقال أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان أنَّ الرئيس الروسي يُعتبر رجل متديِّن وأعتقد أنّه يجد في البابا تجسد القيم التي يعتبرها مهمّة لحياته. من ثمَّ هناك اهتمام روسيا لمواضيع كحماية مسيحيي الشرق الأوسط وأزمة القيم المسيحية في المجتمعات الغربية. وبالتالي سيكون اللقاء أيضًا فرصة لطرح مسائل تُقلق الكرسي الرسولي كالوضع في سوريا والنزاع في المنطقة الشرقية من أوكرانيا.

كذلك ذكّر مدير صحيفة “Avvenire” أنَّ أساقفة الأرض المقدّسة الكاثوليك قد أعلنوا مؤخّراً أنّهم يعتبرون أنّ صيغة “دولتان – شعبان” قد أصبحت “نظرية فارغة”، لكن الكاردينال بييترو بارولين أكّد أنَّ الفاتيكان لا زال يعتبر هذه الصيغة قائمة مع الحدود المعترف بها بشكل مشترك ودولي بحسب قرار الأمم المتّحدة. كذلك نحن نعتبر أن الدرب الوحيدة هي درب الحوار المباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي يمكن استعادته فقط شرط أن يكون هناك القليل من الثقة المتبادلة والتي وللأسف تغيب اليوم.

كذلك توقّف الكاردينال بارولين عند العلاقة بين المسيحيين والمسلمين وسلّط الضوء بشكل خاص على وثيقة الأخوّة البشريّة من أجل السلام العالمي والتعايش المشترك التي وقّعها البابا فرنسيس وشيخ ​الأزهر​ الشريف الإمام الاكبر ​أحمد الطيب في أبو ظبي وقال إنها نقطة مهمّة في الحوار مع الإسلام، ونجد فيها مبدأ مهمًّا وهو مفهوم المواطنة أي أنَّ جميع سكان بلد ما هم مواطنون متساوون في الواجباتِ والحُقوقِ قبل أي تمييز ديني. وما يثير الاهتمام هو أن هذه الوثيقة قد دخلت في بعض البلدان الإسلامية في المنهج الدراسي في المدارس والجامعات وهذه علامة جيّدة.

بعدها سأل مدير صحيفة “Avvenire” الكاردينال بارولين عن المعايير التي يتّبعها البابا فرنسيس في اختياره للبلدان التي يزورها، وقال أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان لكي نفهم المعايير يكفي أن نلقي نظرة على لائحة البلدان التي زارها خلال هذا العام: هناك معيار الحوار بين الأديان التي تشهد له الزيارة إلى المغرب وإلى الإمارات العربية المتّحدة، من ثم هناك المعيار المسكوني مع الزيارات للبلدان الأرثوذكسيّة كبلغاريا ومقدونيا الشماليّة ورومانيا. أما الزيارة المقبلة إلى أفريقيا فتقدّم المعيار الثالث وهو الاهتمام بالجماعات المسيحية المتألّمة والتي تقيم في الضواحي والتي تحتاج للتعزية والتشجيع. وفي هذا الإطار أيضًا تأتي الزيارة إلى جنوب السودان وإلى العراق، زيارتان تظهران أيضًا معيارًا آخرًا وهو الاهتمام بالسلام الذي تشهد له أيضًا الزيارة التي لا تزال قيد الدراسة إلى اليابان والتي تحمل اهتمامًا خاصًا بنزع الأسلحة النوويّة.

تمحور اللقاء أيضًا حول مسألة تاريخية تواجهها أوروبا اليوم وهي مسألة الهجرة، وسأل مدير صحيفة “Avvenire” الكاردينال بارولين حول كيفية موافقة الواجب الأخلاقي للاستقبال مع فضيلة الحذر السياسية؟ وأجاب أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان: على الكنيسة أن تتذكّر متطلبات الإنجيل، أما على العلمانيين أن يكون أحرارًا في اتخاذ القرارات السياسيّة، ولكن ينبغي على هذه القرارات أن تحترم الشخص البشري وكرامته وحقوقه. لكن وللأسف هناك انقسام حول هذه المواضيع والانقسامات لا تحمل ابدًا إلى حلول أفضل، ولذلك أسمح لنفسي بأن أدعو الجميع لنواجه معًا هذه الظواهر ولنكون بنّائين ونتحاشى الكلام المغيظ الذي لا يفيد. لقد سعت الجماعة الدولية لإعطاء أجوبة ملموسة من خلال الـ “Global Compact” وبالتالي فالتعاون الدولي هو أسلوب لا يمكننا أن نستغني عنه.

بعدها توقّف أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان عند السينودس من أجل منطقة الأمازون والذي سيعقد في الفاتيكان من السادس وحتى السابع والعشرين من تشرين الأول أكتوبر المقبل وقال لقد اظهر البعض مخاوفهم حول الطبيعة السياسية لهذه الجمعية العامة بالإشارة إلى النفوذ على منطقة الأمازون، لكن الكرسي الرسولي قد أكّد على الطابع الكنسي والراعوي للحدث علمًا أن هذا الأمر لا يعني تجاهل الواقع الملموس والمشاكل التي يعيشها سكان تلك المنطقة وواقع أن الأمازون هو خير للبشرية وينبغي الحفاظ عليه.

وفي الختام وفي إشارة إلى الوضع في فنزويلا سلّط الكاردينال بييترو بارولين الضوء على أنَّه من الاخبار التي تصلنا من مصادر موثوقة يظهر إطار مأساة تستمر وتتعمّق وعدم القدرة على إيجاد أجوبة فعّالة تقلب الأوضاع. أعتقد أن الحل يجب أن يكون سياسيًا وحسب؛ هناك اقتراحات كثيرة – كالمفاوضات التي يدعمها النروج – ولكنها تحتاج لحكمة وشجاعة ورغبة في البحث عن الخير الحقيقي للسكان من قبل الرواد المتورّطين. لكن الكرسي الرسولي لن يتوقّف أبدًا عن مرافقة البلد ودعم المبادرات القادرة على تعزيز تطورات إيجابيّة.

نقلا عن الفاتيكان نيوز