stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

الكاردينال بارولين يترأس القداس الإلهي احتفالا بعيد القديسة مريم أم الله

524views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

1 يناير 2021

كتب : فتحي ميلاد – المكتب الأعلامي الكاثوليكي بمصر .

“من خلال مريم نلتقي الله كما هو يريد: في الحنان والحميمية والجسد” هذا ما قاله الكاردينال بارولين في عظته مترئسًا القداس الإلهي احتفالا بعيد القديسة مريم أم الله، ولمناسبة اليوم العالمي الرابع والخمسين للسلام تحت عنوان “ثقافة العناية كمسيرة سلام”

ترأس أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين عند العاشرة من صباح اليوم الجمعة الأول من كانون الثاني يناير ٢٠٢١، القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس، احتفالا بعيد القديسة مريم أم الله، ولمناسبة اليوم العالمي الرابع والخمسين للسلام تحت عنوان “ثقافة العناية كمسيرة سلام”. وألقى الكاردينال بييترو بارولين عظة استهلها بالقول: في القراءات التي تقدمها الليتورجية اليوم تظهر ثلاثة أفعال تجد تمامها في أم الله: بارك، ولد ووجد.

تابع الكاردينال بارولين يقول بارك. في سفر العدد يطلب الرب من الكهنة أن يباركوا شعبه: “كذا تُباركونَ بَني إِسْرائيلَ وَتَقولونَ لَهم: يُبارِكُكَ الرَّبُّ”. هذا ليس طلبًا تقويًّا بل هو طلب واضح؛ ومن الأهمية بمكان أن يبارك الكهنة اليوم شعب الله بلا كلل وأن يكون المؤمنون أيضًا حملة للبركة ويباركوا. إن الرب يعرف أننا بحاجة لأن ننال البركة وبالتالي أول ما فعله بعد الخلق كان أن بارك كل شيء وباركنا. أما الآن مع ابن الله نحن لا ننال كلمات بركة وحسب وإنما البركة بحد ذاتها: يسوع هو بركة الآب. به، يقول القديس بولس، باركنا الآب بكل بركة؛ وكل مرة نفتح قلوبنا ليسوع تدخل بركة الله إلى حياتنا.

أضاف الكاردينال بارولين يقول نحتفل اليوم بابن الله المبارك بالطبيعة والذي يأتي إلينا من خلال الأم المباركة بالنعمة٠ هكذا تحمل لنا مريم بركة الله؛ وحيث تكون هي يصل يسوع. لذلك نحن بحاجة لأن نستقبلها على مثال القديسة أليصابات التي أدخلتها إلى بيتها واعترفت فورًا بالبركة وقالت: “مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك”. إنها الكلمات التي نكرّرها في صلاة السلام عليك. بإفساح المجال لمريم نتبارك نحن أيضًا ولكننا نتعلّم أيضًا أن نبارك. إن العذراء في الواقع تعلّمنا أننا ننال البركة لكي نعطيها. هي المباركة قد كانت بركة لكلِّ من التقى بها: بالنسبة لأليصابات وللعروسين في قانا وللرسل في العليّة… نحن أيضًا مدعوون لنبارك باسم الله. إن العالم ملوّثٌ بالكلام السيء والتفكير الشرير بالآخرين والمجتمع وبأنفسنا. لكن اللعن يُفسد ويجعل كل شيء يتدهور، أما البركة فتجدّد وتمنح القوة لكي نبدأ من جديد. لنطلب من أم الله النعمة لكي نكون للآخرين حملةً فرحين لبركة الله، كما هي بالنسبة لنا.

تابع الكاردينال بارولين يقول ولد هو الفعل الثاني. يسلّط القديس بولس الضوء على أن ابن الله قد ولد من امرأة. بمعنى آخر يقول لنا أمرًا رائعًا: أنّ الرب قد ولد مثلنا. لم يظهر بالغًا وانما طفلاً؛ لم يأتِ إلى العالم وحده وإنما من امرأة، بعد تسعة أشهر في أحشاء الأم التي سمح لها بأن تنسج بشريّته. إن قلب الرب بدأ ينبض في مريم، وإله الحياة أخذ نفَسَه منها. ومنذ ذلك الحين تجمعنا مريم بالله لأنّ الله فيها قد ارتبط بجسدنا ولم يتركه بعد ذلك أبدًا. لقد كان القديس فرنسيس يحب أن يقول إن العذراء مريم قد جعلت رب المجد أخًا لنا. فهي ليست الجسر بيننا وبين الله وحسب، بل هي أكثر: إنها الدرب التي سارها الله لكي يصل إلينا وهي الدرب التي علينا أن نسيرها لكي نصل إليه. من خلال مريم نلتقي الله كما هو يريد: في الحنان والحميمية والجسد. نعم لأن يسوع ليس فكرة مجرّدة بل هو ملموس ومتجسّد وقد ولد من امرأة ونما بصبر. إن النساء يعرفنَ هذا الواقع الصبور: نحن الرجال غالبًا ما نكون نظريين ونريد الأشياء فورًا؛ أما النساء فهنَّ عمليات ويعرفن كيف ينسجن بصبر خيوط الحياة. كم من النساء وكم من الأمهات في هذا العالم يجلعن الحياة تولد مرارًا وتكرارًا ويعطين مستقبلاً للعالم.

أضاف الكاردينال بارولين يقول لم نأتِ إلى هذا العالم كي نموت، بل لنعطي الحياة. تعلّمنا والدةُ الله القديسة أن الخطوةَ الأولى لإعطاء الحياة لما يحيط بنا تتمثل في أن نحبَّهُ بداخلنا. يقول إنجيلُ اليوم إنها كانت تحفظ كل شيء في قلبها. من القلبِ يولد الخير: كم من المهم أن نحافظ على نقاوة القلب، وعلى الحياة الداخلية والصلاة! كم من المهم أن نربي القلب على العناية بالأشخاص والأشياء. كل شيء يبدأ من العناية بالآخرين، بالعالم وبالخليقة. معرفةُ أشخاص كثيرين وأشياء كثيرة لا تجدي نفعاً إن لم نعتني بهم. في هذا العام الذي نأمل فيه بولادة جديدة وبعلاجات جديدة، دعونا لا نهمل العناية. لأنه فضلا عن لقاح الجسد، ثمة حاجةٌ إلى لقاح للقلب: إنه العناية. سيكون عاماً سعيداً إذا ما اعتنينا بالآخرين، كما تفعل العذراء معنا.

تابع الكاردينال بارولين يقول الفعلُ الثالث هو “وَجَدَ”. يقول الإنجيل إن “الرعاة وجدوا مريم ويوسف والطفل”. لم يجدوا علاماتٍ مدهشةً وفائقة الطبيعة، بل مجردَ عائلة. لكنهم وجدوا هناكَ الله حقاً، الذي هو عظمةٌ في الصِغَرِ، وقوةٌ في الحنان. لكن كيف وجد الرعاةُ علامة كهذه لم تظهر بشكل مُبهر؟ لقد دعاهم الملاك. ونحن أيضا لَما وجدنا الله لو لم نُدعَ بواسطة النعمة. لم نستطع أن نتصور إلهاً كهذا، يولدُ من امرأة ويُحدث ثورةً في التاريخ من خلال الحنان، لكننا وجدناه بواسطة النعمة. واكتشفنا أن مغفرتَه تجعلنا نولد من جديد، وتعزيتَه تضيء شعلةَ الرجاء، وحضورَه يعطي فرحاً لا يُقهر. لقد وجدناه، لكن ينبغي أن نُبقيَه أمام أعيننا. فإننا، في الواقع، لا نجد الربّ مرةً واحدة ونهائية: إذ ينبغي أن نجده يومياً. ولهذا السبب بالذات يصف الإنجيلُ الرعاةَ بالسائرين والباحثين دوما: “فجاءوا مسرعين، وجدوا، أخبروا، وعادوا يمجّدون الله ويسبّحونه”. لم يكونوا خاملين، لأن قبول النعمة يتطلب منا أن نبقى نشطين.

وختم أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين عظته بالقول ماذا ينبغي أن نجد نحنُ في مطلع العام؟ كم جميلٌ لو وجد كلُّ واحد بعضَ الوقت. الوقتُ هو الغنى الذي نملكه جميعاً، لكننا نغار عليه لأننا نريدُه لأنفسنا فقط. يجب أن نطلب نعمةَ إيجاد الوقت لله وللقريب: للأشخاص الوحيدين، والمتألمين والمحتاجين إلى الإصغاء والعناية. لو وجدنا وقتاً نهديه للآخرين لأُصبنا بالذهول وشعرنا بالسعادة، تماما كالرعاة. لتساعدنا العذارءُ التي حملت الله إلى هذا الزمان، على أن نهب وقتنا. يا والدة الله القديسة، لكِ نكرّس العام الجديد. نسألُكِ أن تعتني بنا، يا من تعرفين كيف تحفظين الأمور في القلب. باركي وقتَنا، وعلّمينا أن نجدَ وقتاً لله وللآخرين. ونحن نهتف إليكِ بفرح وثقة قائلين: يا والدة الله القديسة!