الكنائس الكاثوليكية فى مصر معالم ومعانى :كنيسة سان جوزيف وسط القاهرة
دراسة وتحقيق : ناجح سمعـان
فى قلب العاصمة المصرية القاهرة تقف كنيسة سان جوزيف للآباء الفرنسيسكان فى شموخ ، إذ تحمل صفحات أيامها تاريخ عريق يؤهلها لتكون من اهم الكنائس الكاثوليكية الشاهدة على العصر . كما حباها الموقع الفريد مكان الصدارة فى الاحتفالات الدينية والرسمية على مستوى الكنيسة الكاثوليكية بمصر . حتى انها اصبحت مقراً لرئاسة الرهبنة الفرنسيسكانية فى مصر . تدعوك مبانيها الفخمة وروعة مقتنياتها إلى مزيد من البحث فى قراءة المكان والسعي إلى توثيق بعض من ملامح الحياة الزاخرة فيه حيث تعكس الكنيسة بموقعها المركزى معنى روعه الاشعاع الروحى والحضاري كما تبرز فيها قيمة التنوع الطقسي والثقافى فى حياة المصريين الكاثوليك . وفى محاولة لقراءة المعالم المعمارية والروحية للكنيسة نطالع ما دونه جبرتى الفرنسيسكان المصريين الاب عمانوئيل ماكن فى كتابه الخالد “اضواء على تاريخ الرهبنة الفرنسيسكانية بمصر “.
التعريف بالكنيسة :
كنيسة سان جوزيف للاباء الفرنسيسكان وسط العاصمة القاهرة ، ضمن ثانى اقدم الكنائس الفرنسيسكانية بمصر . ولموقعها الفريد فى وسط البلد دور كبير فى مركزية الرسالة التى تلعبها على خريطة الكنيسة الكاثوليكية بمصر . كما ان لانشطتها المجتمعية اثار بعيدة فى تعزيز السلام الاجتماعى وازدهار الثقافة والفنون بين جموع المصريين كافة .
تمثال مار فرنسيس :
ما ان تطأ قدميك أرض الكنيسة حتى تتقابل فى فنائها الفسيح وجها لوجه مع مار فرنسيس الاسيزى مؤسس الرهبنة الفرنسيسكانية . يمد يده الأولى اليك مرحبا بك بين ارجاء المكان وفى يده الاخرى الكتاب المقدس ، مصدره الوحيد الذى طاف به بلاد الشرق يزرع الحب ، منادياً بالخير والسلام .
لمحة تاريخية :
لما كان للتاريخ سحره ، وجب ان نذكر فى المفتتح بأن كنيسة سان جوزيف تتمتع بعمر طويل يعود إلى عام 1871 وذلك عندما اراد الرهبان الفرنسيسكان التابعون للاراضى المقدسة بناء كنيسة فى قلب المحروسة . حيث أهدى الخديو اسماعيل للرهبان الأرض بحى الاسماعيلية ” شارع بنك مصر حالياً ” . وقد شيدت الكنيسة باسم القديس يوسف عام 1875وقام بتصميمها المهندس فرينا باشراف الاب اورتنسيو دافيكى ، وفى عام 1882 بدأت الكنيسة فى ممارسة نشاطها الروحي . ولما ضاقت الكنيسة بالمؤمنين قام الرهبان ببنائها على مساحة اكبر عام 1904 حيث قام بتصميم مبناها الحالى الفخيم المهندس الايطالى اريستيدى ليونورى على طراز عصر النهضة مدعمة بالفن الكلاسيكى . فجاءت تحفة معمارية وفنية .
ابواب دخول للكنيسة :
قبل ان نقرع الابواب للدخول إلى صحن الكنيسة يقع بصرنا على ثلاث صور من الموزاييك تعلو الابواب الثلاث الرئيسية للكنيسة وترتيبها كالتالى الوسطى تمثل هروب العائلة المقدسة إلى مصر ، واليمنى جروحات القديس فرنسيس ، والصورة اليسرى لانتقال العذراء الى السماء فيما يقف شفيع البيعة مار يوسف البتول خطيب مريم العذراء أعلى الابواب حاملاً الطفل يسوع على ذرراعيه المباركين .
مبنى الكنيسة :
بشوق ندخل إلى مبنى الكنيسة لنتأمل لوحة فنية محاطة بهالة من القداسة تدعوك للخشوع ، ولعل أول ما يلفت الانتباه مساحتها الشاسعة اذ يبلغ طولها 60 متر وعرضها 30 متر فيما يرتفع برج الكنيسة إلى 52 متر . والكنيسة مكونة من ثلاثة أروقة وبها عشرة مذابح جانبية وقد اهدت الكونتسه كارولين توميتش للكنيسة خمسة اجراس وسبع نوافذ مشغولة بالزجاج المعشق تمثل حياة القديس يوسف البتول كذلك تبرع السيد بليزواس بثمن الارغن الكبير أهم معالم الكنيسة .
المذبح الرئيسى :
هو مذبح من الرخام الايطالى الابيض الفاخر يرجع تاريخه إلى عام 1920 حيث تقام عليه القداسات الالهية . وفى خلفية المذبح يظهر حائط رخامى من اربعة طوابق يقع بيت القربان فى الطابق الثانى منه ويعلو الحائط الرخامى صليب كبير محاط بستة شموع بيضاء على الجانبين . ووراء المذبح الرئيس الحنية وهى قبة نصف دائرية تحتضن داخلها سبعة نوافذ مشغولة بالزجاج المعشق تروى حياة القديس يوسف البتول خطيب العذراء وشفيع الكنيسة . وفى خلف الحائط الرخامى توجد كابيلا مريم العذراء وعلى يسار المذبح الرئيس تقع كابيلا قلب يسوع الاقدس وبها نافذة من الزجاج المعشق بالرصاص للقديسة جان دارك .وعن يمين المذبح الرئيس تقع السكرستيا وهى حجرة الملابس الطقسية الكهنوتية إلى جانب كتب القراءات . و أمام المذبح الرئيس توجد منجلية من الرخام الايطالى للقراءات والوعظ عند التعليم .
المذابح الجانبية :
على جانبى الكنيسة عشرة مذابح صغيرة يحمل كل واحد منها اسم قديس ، إلى جانب مذبح عذراء فاتيما الذى تم تكريسه عام 1951 . اعلى المذبح الرئيسى للكنيسة توجد القبة الثمانية الشكل تتوسطها صورة للروح القدس على هيئة حمامة فيما تزين اضلاعها الثمانى بنقوش .
الاعمدة الرخامية :
يُحمل سقف الكنيسة على 24 عمود رخامى دائرى الشكل . يجمع كل اثنين منهما قوسا تعلق فى منتصفه ايقونة لاحد تلاميذ السيد المسيح الاثنى عشر فيما راس العمود منقوشة باللون الزيتى ومرسوم عليها فى الجانبين الاولين الصليب المقدس وعلى الجانبين الاخرين شعار الرهبنة الفرنسيسكانية حيث يد الرب يسوع تحتضن يد مار فرنسيس الاسيزى . وبين كل عمودين وسط صحن الكنيسة تعلق نجفة نحاسية سداسية الشكل يتدلى منها 12 قنديل. يثبت على الاعمدة الرخامية صور مراحل درب الصليب الاربعة عشر التى تصلى رياضتها عادة أيام الجمعة خلال زمن الصوم الاربعينى .
تماثيل القديسين :
يزين صحن الكنيسة بثلاثة تماثيل مختلفة الاحجام الاول للقديس البادرى بيو والثانى ليسوع الطفل والثالث للقديسة مريم العذراء . فيما تعلق صورة زيتية للقديس شارل دى فوكو مؤسس رهبنة اخوة يسوع الصغار . وعند دخول المصلين إلى الكنيسة من جهة اليسار يوجد جرن الماء المبارك مصنوع من الرخام الابيض دائرى الشكل له حامل ذى قاعدة رخامية .
كرسي الاعتراف :
اقصى يمين المذبح الرئيسى يوجد كرسي الاعتراف حيث يتقدم إليه المصلون لنوال سر التوبة فيما تعلق على الحوائط حول كرسي الاعتراف صلاة قبل الاعتراف وفعل الندامة وصورة فوتوغرافية للآب الرحيم .
انشطة الكنيسة المتنوعة :
لقد ساعد المبنى الفخيم لكنيسة سان جوزيف على اتساع الخدمة الرعوية حيث تقام خمس قداسات على مدار اليوم الواحد باربعة لغات هى الفرنسية والايطالية والعربية والانجليزية كذلك تزخر الكنيسة بالانشطة الروحية منها مدارس الاحد والكشافة وخدمة الشباب ونادى العائلات واخوة الرب وقاعة مناسبات إلى جانب اعمال السكرتارية فى حفظ سجلات الكنيسة . من اهم علامات القوة الروحية فى كنيسة سان جوزيف ياتى كورال الكنيسة الذى يمتاز بالاداء الجميل فى الترانيم الروحية والألحان الكنسية حيث ينظم الكورال احتفالين سنوياً بمناسبة عيدى الميلاد والقيامة . كذلك على الصعيد الفنى تشهد قاعة النيل بالكنيسة اقامة مهرجان المركز الكاثوليكى للسينما والذى يعقد كل عام بهدف الارتقاء بفن التمثيل فى مصر كما يقوم المركز بعمل تحليل قيمي للاعمال الفنية . كما تحتل الكنيسة مكان الصدارة فى الاحتفالات الدينية الرسمية على مستوى الكنيسة الكاثوليكية بمصر ، كذلك يفضل الكثير من الشباب اقامة مراسم سر الزواج بها لجمال بنائها واتساع مساحتها .
دعاء الأخوة الأصاغر :
تشعر فى ختام الرحلة عند خروجك من عتبة كنيسة سان جوزيف وسط العاصمة القاهرة وكأنك قد عاينت بالروح مسيرة عطاء رهبنة الاباء الفرنسيسكان فى الشرق عامة ومصر خاصة مصحوبة بترتيلة مار فرنسيس وتلاميذه على مدى العصور عند لقائهم وجه كل إنسان مرددين تحية الأخوة الأصاغر “خير وسلام” .