تاملك 5-2-2019
مز39
قُلْتُ: « أَتَحَفَّظُ لِسَبِيلِي مِنَ الْخَطَإِ بِلِسَانِي. أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي». 2صَمَتُّ صَمْتًا، سَكَتُّ عَنِ الْخَيْرِ، فَتَحَرَّكَ وَجَعِي. 3حَمِيَ قَلْبِي فِي جَوْفِي. عِنْدَ لَهَجِي اشْتَعَلَتِ النَّارُ. تَكَلَّمْتُ بِلِسَانِي: 4«عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ، فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ. 5هُوَذَا جَعَلْتَ أَيَّامِي أَشْبَارًا، وَعُمْرِي كَلاَ شَيْءَ قُدَّامَكَ. إِنَّمَا نَفْخَةً كُلُّ إِنْسَانٍ قَدْ جُعِلَ. سِلاَهْ. 6إِنَّمَا كَخَيَال يَتَمَشَّى الإِنْسَانُ. إِنَّمَا بَاطِلاً يَضِجُّونَ. يَذْخَرُ ذَخَائِرَ وَلاَ يَدْرِي مَنْ يَضُمُّهَا.
7«وَالآنَ، مَاذَا انْتَظَرْتُ يَا رَبُّ؟ رَجَائِي فِيكَ هُوَ. 8مِنْ كُلِّ مَعَاصِيَّ نَجِّنِي. لاَ تَجْعَلْنِي عَارًا عِنْدَ الْجَاهِلِ. 9صَمَتُّ. لاَ أَفْتَحُ فَمِي، لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ. 10ارْفَعْ عَنِّي ضَرْبَكَ. مِنْ مُهَاجَمَةِ يَدِكَ أَنَا قَدْ فَنِيتُ. 11بِتَأْدِيبَاتٍ إِنْ أَدَّبْتَ الإِنْسَانَ مِنْ أَجْلِ إِثْمِهِ، أَفْنَيْتَ مِثْلَ الْعُثِّ مُشْتَهَاهُ. إِنَّمَا كُلُّ إِنْسَانٍنَفْخَةٌ. سِلاَهْ. 12اِسْتَمِعْ صَلاَتِي يَا رَبُّ، وَاصْغَ إِلَى صُرَاخِي. لاَ تَسْكُتْ عَنْ دُمُوعِي. لأَنِّي أَنَا غَرِيبٌ عِنْدَكَ. نَزِيلٌ مِثْلُ جَمِيعِ آبَائِي. 13اقْتَصِرْ عَنِّي فَأَتَبَلَّجَ قَبْلَ أَنْ أَذْهَبَ فَلاَ أُوجَدَ».
الكلمة
مرقص 5: 21-43
ورجَعَ يسوعُ في السَّفينَةِ إِلى الشَّاطِئِ المُقابِل، فازدَحَمَ علَيه جَمعٌ كثير، وهو على شاطِئِ البَحْر. فجاءَ أَحَدُ رُؤَساءِ المَجْمَعِ اسمُه يائِيرس. فلَمَّا رآهُ ارتَمى على قَدَميْه، وسأَلَه مُلِحّاً قال: «اِبنَتي الصَّغيرةُ مُشرِفَةٌ على المَوت. فتَعالَ وضَعْ يَدَيكَ علَيها لِتَبرَأَ وتَحيا». فذَهبَ معَه وتَبِعَه جَمْعٌ كثيرٌ يَزحَمُه. وكانت هُناكَ امرأَةٌ مَنزوفَةٌ مُنذُ اثنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَة، قد عانَت كثيراً مِن أَطِبَّاءَ كَثيرين، وأَنفَقَت كُلَّ ما عِندَها فلَم تَستَفِدْ شَيئاً، بل صارت مِن سَيِّئٍ إِلى أَسوَأ. فلمَّا سَمِعَت بِأَخبارِ يسوع، جاءت بَينَ الجَمعِ مِن خَلْفُ ولَمَسَت رِداءه، لأَنَّها قالت في نَفسِها: «إِن لَمَسْتُ ولَو ثِيابَه بَرِئْتُ». فجَفَّ مَسيلُ دَمِها لِوَقتِه، وأَحَسَّت في جِسمِها أَنَّها بَرِئَت مِن عِلَّتِها. وشَعَرَ يسوعُ لِوَقْتِه بِالقُوَّةِ الَّتي خَرجَت مِنه، فالتَفَتَ إِلى الجَمعِ وقال: «مَن لَمَسَ ثِيابي ؟» فقالَ له تَلاميذُه: «تَرى الجَمْع يَزحَمُكَ وتقول: مَن لَمَسَني ؟» فأَجالَ طَرْفَه لِيَرَى الَّتي فَعَلَت ذلك. فخافَتِ المَرأَةُ وارتَجَفَت لِعِلمِها بِما حدَثَ لَها، فَجاءت وارتَمَت على قَدَمَيه واعتَرفَت بالحَقيقَةِ كُلِّها. فقالَ لها: «يا ابنَتي، إِيمانُكِ خَلَّصَكِ، فَاذهَبي بِسَلام، وتَعافَي مِن عِلَّتِكِ». وبَينَما هُو يَتَكَلَّم، وَصَلَ أُناسٌ مِن عِندِ رئيسِ المَجمَعِ يقولون: «اِبنَتُكَ ماتَت فلِمَ تُزعِجُ المُعَلِّم ؟» فلَم يُبالِ يسوعُ بهذا الكَلام، بل قالَ لِرئيسِ المَجمَع: «لا تَخَفْ، آمِنْ فحَسْبُ». ولَم يَدَعْ أَحَداً يَصحَبُهُ إِلاَّ بُطرُسَ ويعقوبَ ويوحَنَّا أَخا يَعقوب. ولَمَّا وَصَلوا إِلى رئيسِ المَجمَع، شَهِدَ ضَجيجاً وأُناساً يَبكونَ ويُعْوِلون. فدَخلَ وقالَ لَهم: «لِماذا تَضِجُّونَ وتَبكون ؟ لم تَمُتِ الصَّبِيَّة، وإِنَّما هيَ نائمة»، فَضَحِكوا مِنهُ. أَمَّا هو فأَخرَجَهم جَميعاً وسارَ بِأَبي الصَّبيَّةِ وأُمِّها والَّذينَ كانوا معَه ودخَلَ إِلى حَيثُ كانَتِ الصَّبيَّة. فأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وقالَ لها: «طَليتا قوم !» أَي: يا صَبِيَّة أَقولُ لكِ: قومي. فقامَتِ الصَّبيَّةُ لِوَقتِها وأَخَذَت تَمْشي، وكانتِ ابنَةَ اثنَتَي عَشْرَةَ سَنَة. فَدَهِشوا أَشَدَّ الدَّهَش، فَأَوصاهم مُشَدِّداً علَيهِم أَلاَّ يَعلَمَ أَحَدٌ بذلك، وأَمَرَهُم أَن يُطعِموها.
تامل
القدّيس بطرس خريزولوغُس
«لِماذا تَضِجّونَ وَتَبكون؟ لَم تَمُتِ ٱلصَّبِيَّة، وَإِنَّما هِيَ نائِمَة»
إنّ كلّ قراءة للإنجيل هي ذات فائدة عظيمة لنا سواء للحياة الحاضرة أو للحياة المستقبليّة. وبنوع خاصّ إنجيل اليوم، لأنّه يحتوي على كامل رجائنا ويزيل كلّ سبب لليأس… رافق رئيس المجمع الرّب يسوع المسيح إلى بيته، وفي نفس الوقت أعطى الفرصة لامرأة كانت تعاني من نزيف لتأتي إلى الرّب يسوع… كان الرّب يسوع يعرف المستقبل ولم يكن يجهل بأنّ هذه المرأة سوف تأتي لملاقاته. إنّها هي التي ستُفهِم رئيس اليهود أنّ الله لا يحتاج للتنقّل، وأنّه ليس من الضروريّ أن نُريه الطريق أو أن نلتمس حضوره الجسديّ. على العكس، يجب أن نؤمن بأنّ الله حاضر في كلّ مكان، وبأنّه حاضر بكلّ كيانه وإلى الأبد. وبأنّه يستطيع أن يفعل كلّ شيء دون عناء بإصداره أمرًا، وبأنّه يرسل قوّته دون أن ينقلها؛ وبأنّه يجعل الموت يهرب بأمرٍ دون تحريك يده. وبأنّه يعيد الحياة بقرار منه، دون اللجوء إلى الطبّ…
ما إن وصل الرّب يسوع المسيح إلى البيت ورأى أنّ الناس يبكون الفتاة على أنّها ميتة، حتّى أراد أن يعيد إلى الإيمان قلوبهم غير المؤمنة. وبما أنّهم كانوا يظنّون أنّه لا يمكن إقامة أحد من بين الأموات بسهولة أكبر من إيقاظ نائم من سباته، أعلن الرّب يسوع المسيح أنّ الفتاة نائمة وليست ميتة.
وحقًّا، فالموت بالنسبة إلى الله هو نوم. لأنّ الله يعيد الميت إلى الحياة في وقت أقلّ ممّا يوقظ أحدهم إنسانًا من نومه… إستمع لما يقوله الرسول بولس: “فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، يُقَامُ الأَمْوَاتُ” (1 كور 15: 52)… وعلاوةً على ذلك، كيف أمكنه أن يوجِز بكلماتٍ سرعةَ حدثٍ تتجاوز فيه القوّةُ الإلهيّة السرعةَ نفسها؟ كيف يمكن أن يتدخّل الزمن في عطيّة واقع أبديّ، غير خاضع للزمن؟