تأمل الأحد ٨ اكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٧
” لا نعرف ” . فقال لهم يسوع : ” وأنا لا أقولُ لكم بأيّة سلطانٍ أعمَلُ هذه الأعمال ” ( مرقس ١١ : ٣٣ )
هنالك عدد صغير جدًّا من الأشخاص الذين يَظهرُ لهم الله من خلال المعجزات . لذا، يجب الإستفادة من هذه الفرص ، كونه لا يخرج من سرّ الطبيعة التي تحجبُه إلاّ لإثارة إيماننا على خدمته بقتاعةٍ وحماسة شديدة ، ومعرفته معرفة تامة وبثقةٍ أكبر ” يا ربُّ زدنا إيماناً ” ( لوقا ١٧ : ٥ ) .
لو كان الله يكشف عن نفسه للبشر بشكل مستمرّ ، لما كان لنا الفضل في الإيمان به ، ولو كان لا يكشف عن نفسه على الإطلاق ، لما كان هنالك أيّ إيمان ” بالإيمان نُدرِكُ أن الْعَالَمِينَ أُنشئَت بكلمةِ اللهً ، حتى إنَّ ما يُرى يأتي ممّا لا يُرى ” ( عبرانيين ١١ : ٢ ) . لكنّه غالبًا ما يختفي ، ونادرًا ما يَظهر للذين يُريد أن يحوّلهم إلى خدمته . هذا السرّ الغريب العجيب ، الذي احتجبَ خلفه الله ، والغامض بنظر البشر لقلةِ إيمانهم ، هو درس مهمّ لحَملِنا إلى الوحدة بعيدًا عن نظر وكلام البشر . لقد بقي مخفيًّا خلف ستار الطبيعة التي حجبَته عنّا، حتّى التجسّد ” فَلَمَّا تمّ الزمان ، أرسلَ الله ابنَهُ مولوداً لآمرأةٍ ” ( غلاطية ٤ : ٤ ) . وحين وجبَ عليه الظهور، اختبأ أكثر فأكثر خلف ستار البشريّة . لقد كان معروفًا حين كان غير مرئي أكثر ممّا أصبح عليه حين صارَ مرئيًّا . وأخيرًا، حين أرادَ أن يفي بالوعد الذي قطعَه لتلاميذه بأن يبقى مع البشر حتّى مجيئه الثاني ” وهاءَنذا معَكم طوال الأيام إلى نهايةِ العالم ” ( متى ٢٨ : ٢٠ ) ، اختارَ أن يبقى وسط السرّ الأغرب والأكثر غموضًا، أيّ سرّ الإفخارستيّا ” القربان المُقدّس ” . هذا هو السرّ الذي سمّاه القدّيس يوحنّا في سرّ الرؤيا ” المنّ الخفيّ ” ( رؤيا ٢ : ١٧)؛ وأعتقد أنّ أشعيا كان يراه بهذه الحالة، حين قالَ بروح النبؤة : ” إنّكَ لإله مُحتجِب ” ( أشعيا ٤٥ : ١٥) .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك