stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعوية

“تعالوا، يا مَن باركهم أبي”الأب نادر ميشيل اليسوعيّ

1kviews

c541f0d622d8e202dd3df852fd92a95d_XL

القراءات الكتابيّة

* حزقيال 34: 11 – 12. 15 – 17

هكذا يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ: «هاءنَذا أَنشُدُ غَنَمي وأَفتَقِدُها أَنا. كما يَفتقِدُ الرَّاعي قَطيعَه، يَومَ يَكونُ في وَسَطِ غَنَمِهِ المُنتَشِرَة، كذلك أَفتَقِدُ أَنا غَنَمي وأُنقِذُها مِن جَميعِ المَواضِعِ الَّتي شُتِّتَتْ فيها يَومَ الغَمام والضَبَاب، أَنا أَرْعى غَنَمي وأَنا أُربِضُها، يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ، فَأَتَطلَّبُ المَفقودَةَ وَأَرُدُّ الشَّارِدَةَ وأَجبُرُ المَكْسورَةَ وأُقَوِّي الضَّعيفَةَ وأَحْفَظُ السَّمينَةَ والقَوِّية، وأَرْعاها بِعَدْل. وأَنتُنَّ، يا غَنَمي، هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ: هاءَنَذا أَحكُمُ بَينَ ماشيةٍ وماشية«.

* 1 قورنتس 15: 20 – 26. 28

أَيُّها الإخوَة: إِنَّ المسيحَ قد قامَ مِن بَينِ الأَموات، وهو بِكرُ الَّذينَ ماتوا فَقَد أَتَى الموتُ عَن يَدِ إِنسان، وعَن يَدِ إِنسانٍ تَكونُ قِيامةُ الأَموات. وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم، فكذلك سَيَحْيَون في المسيح. كُلُّ واحِدٍ ورُتْبَتُه. فالمَسيحُ أَوَّلاً لِأَنَّه البِكْر، ومِن بَعدِه الَّذينَ يَكونونَ خاصَّةَ المسيحِ عِندَ مَجيئِه. ثُمَّ يَكونُ المُنتَهى، حِينَ يُسَلِّمُ المُلْكَ إِلى اللهِ الآب، بَعدَ أَن يُبيدَ كُلَّ رِئاسةٍ وسُلطانٍ وقُوَّة. فلا بُدَّ لَه أَن يَملِكَ، «حتَّى يَجعَلَ جَميعَ أَعدائِه تَحتَ قَدَمَيه« والمَوْتُ آخِرُعَدُوٍّ يُبيدُه؛ ومتى أُخضِعَ لَه كُلُّ شَيء، فحينَئِذٍ يَخضَعُ الاِبْنُ نَفْسُه لِذاكَ الَّذي أَخضَعَ لَه كُلَّ شيَء، لِيكونَ اللّهُ كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ شيَء.

* متى 25: 31 – 46

في ذلك الزَّمان: قال يسوع لتلاميذه: «إِذا جاءَ ابنُ الإِنسانِ في مَجْدِه، تُواكِبُه جَميعُ الملائِكة، يَجلِسُ على عَرشِ مَجدِه، وتُحشَرُ لَدَيهِ جَميعُ الأُمَم، فيَفصِلُ بَعضَهم عن بَعْضٍ، كما يَفصِلُ الرَّاعي النِعاج عنِ الجِداء. فيُقيمُ النِّعاج عن يَمينِه والجِداءَ عن شِمالِه. ثُمَّ يَقولُ الملِكُ لِلَّذينَ عن يَمينِه: «تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم: لأَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيتُموني، وكُنتُ غَريبًا فآويتُموني، وعُريانًا فَكسَوتُموني، ومَريضًا فعُدتُموني، وسَجينًا فجِئتُم إِلَيَّ«. فيُجيبُه الأَبرار: «يا رَبّ، متى رأَيناكَ جائعًا فأَطعَمْناك أَو عَطشانَ فسَقيناك؟ ومتى رأَيناكَ غريبًا فآويناك أَو عُريانًا فكَسَوناك؟ ومتى رَأَيناكَ مريضًا أَو سَجينًا فجِئنا إِلَيكَ؟« فيُجيبُهُمُ المَلِك: «الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلَّما صَنعتُم شَيئًا مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه«. ثُمَّ يقولُ لِلَّذينَ عنِ الشِّمال: «إِليكُم عَنِّي، أَيُّها المَلاعين، إِلى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ المُعدَّةِ لإِبليسَ وملائِكَتِه: لأِنِّي جُعتُ فَما أَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فما سَقَيتُموني، وكُنتُ غَريبًا فما آوَيتُموني، وعُريانًا فما كَسوتُموني، ومَريضًا وسَجينًا فما زُرتُموني«. فيُجيبُه هؤلاءِ أَيضًا: «يا رَبّ، متى رَأَيناكَ جائعًا أَو عَطشان، غَريبًا أَو عُريانًا، مريضًا أَو سجينًا، وما أَسعَفْناك؟« فيُجيبُهم: «الحَقَّ أَقولُ لَكم: أَيَّما مَرَّةٍ لم تَصنَعوا ذلك لِواحِدٍ مِن هؤُلاءِ الصِّغار فَلي لم تَصنَعوه«. فيَذهَبُ هؤُلاءِ إِلى العَذابِ الأَبديّ، والأَبرارُ إِلى الحَياةِ الأَبدِيَّة«.

العظة

عندما يأتي يسوع في مجده، ويتوّجه الآب ملكًا على الكون بأكمله، يظهر في صورة الراعي الصالح الذي يهتم بغنمه، فيجمعها من جميع المواضع التي تكون قد تشتّتت فيها أيام الغمّة والظلمة، فيطلب المفقودة، ويردّ الشاردة، ويجبر المكسورة، ويقوّي الضعيفة، ويحفظ السمينة والقوية، ويرعاها جميعها بعدل (حز 34: 15-16). مُلك يسوع هو فرح وحياة لكلّ من تشتاق حياته إلى نور وسند ودعم، وهو أبوّة غامرة ومحبّة تشمل الكلّ ولا تقصي أحدًا. مُلك يسوع هو في الحقيقة عطاء وسخاء يرويان عطش الناس جميعًا، وتواضع ووداعة يغلبان أصحاب السلطة والجاه والقوّة، وهو حياة متدفّقة تبدّد ظلمة الموت إلى الأبد.

ويسوع الملك الراعي الصالح هو نفسه صورة الآب، “فما من أحد رأى الله، الإله الأوحد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنه” (يو1: 18)، فإذا كان يسوع هو الراعي الصالح الذي يبذل حياته عن خرافه (يو10: 11)، فهو لا يعمل شيئًا من عنده بل الذي رأى الآب يعمله (يو5 : 19). ومتى أُخضع ليسوع كلّ شيء، الرئاسات والسيادات، وعندما يبيد آخر عدوّ وهو الموت، “فحينئذ يخضع الابن نفسه لذاك الذي أخضع له كلّ شيء، ليكون الله كلّ شيء في كلّ شيء” (1قو15: 28). حياة يسوع هي تواصل ومشاركة مع الآب، حبّ لا نهائيّ، وهي في الوقت نفسه نور متدفّق يملأ الكلّ ويضيء كلّ شيء. أحبّ يسوع الآب من كلّ قلبه وكلّ نفسه وكلّ قوته، فأحبّ خاصته الذين هم في العالم حتى المنتهى (يو13: 1). فطريق يسوع نحو الآب هو طريقه كخادم لأصدقائه وأحبّائه.

وأصدقاء يسوع وتلاميذه هم مَن يحملون في قلبهم المشاعر نفسها التي فيه، فهو أخلى نفسه وصار إنسانًا مطيعًا حتى الموت، والموت على الصليب، ليرفع كلّ مَن وقعوا في براثن الألم والمرض، وفخاخ الخطيئة والموت (فل2: 7-11). إنّ رفقاء يسوع هم مَن أشبع جوعهم للفرح والكرامة، وجاء لنجدتهم في عطشهم للبرّ والصلاح، فصاروا على مثاله رعاة صالحين، يبحثون عن الضائع والمجروح، التائه والمسجون، المريض والفقير. فمن قال إنّه يحبّ الله الذي لا يراه وهو لا يحبّ أخاه الذي يراه فهو كاذب (1يو4 :20)، و”ماذا ينفع الإنسان، يا أخوتي، أن يدّعي الإيمان من غير أعمال؟ أيقدر هذا الإيمان أن يخلّصه؟ فلو كان فيكم أخ عريان أو أخت عريانة لا قوت لهما، فماذا ينفع قولكما لهما: إذهبا بسلام! استدفئا واشبعا، إذا كنتم لا تعطونهما شيئًا مما يحتاج إليه الجسد؟” (يع2: 14-16).

سكن يسوع فينا وفي كلّ إنسان، ومن أراد أن يحبّ يسوع وأن يخدمه، أحبّه وخدمه في أخوته البشر المحتاجين إلى التقدير والمساعدة والتعزّية. وصارت حياته عطاءً فياضًا وغير محدود، وتحوّل قلبه فأصبح مثل قلب يسوع، وديعًا ومتواضعًا، يسمع لأنين المتألمين ويستقبل المتعبين وثقيليّ الأحمال (متّى11: 28-29). إنّ تجسّد الله الكلمة ليس حدثًا عابرًا بل حقيقة حياتنا الأكيدة، وهو حاضر فيها كالخميرة في العجين (متّى13: 33)، حتى تمتلئ بنعمته جوانب وجودنا كافة، وتتحوّل حياتنا معه فتصبح على صورة الراعي الصالح المحبّ لخرافه، وبالأخص تلك المتروكة والضائعة.

إنّ المحبّة تظهر في الأفعال أكثر منها في الأقوال، والإيمان بحضور يسوع في واقعنا الإنسانيّ لا يمكن أن يكون ترديدًا لكلمات طنانة فحسب. إذا آمنا بأنّ يسوع يسكن فينا حقًّا، يجمع ما أنكسر من شخصنا، ويداوي ما جُرح من تاريخنا، ويغفر ما اقترفناه من خطايا، وإذا اختبرنا أنّه الصديق والرفيق الذي يبحث دائمًا عن الضائع في حياتنا ليعيده إلينا ويصالحنا مع خبرات الفشل والألم والتيه التي مرّرنا بها، فعندئذ لا بدّ وأن يتجسّد إيماننا في أفعال محبّة واضحة وواقعيّة، حقيقيّة وفعالة.

يكمن معنى حياتنا في المحبّة الأخويّة التي تشمل الكلّ بدون حدود ولا تمييز، ونحن لا نعرف أن نحبّ إن لم ندع يسوع يعلّمنا، ولا نقدر أن نكون بشرًا إلا بنعمته وروحه القدّوس. الله فقط بوسعه أن يمنحنا قلبًا من لحم قادرًا على التضامن والتعاطف، على الشفقة والرحمة، على المغفرة والمصالحة. فالله يريد أن يجمع الإنسانيّة كما يجمع الراعي خرافه، ولكنّه وضَع مستقبل عالمنا وبلادنا ومجتمعاتنا بين أيدينا، فإذا عرفنا الحبّ وعشناه، عرف الناس أنّ الله محبّة وفرح وحياة، ومَلك يسوع على القلوب وملأها بنور الأخوّة والإنسانيّة.

الأب نادر ميشيل اليسوعيّ

         يسوعيون