stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عن الكنيسة

تكوين كهنة المستقبل – الموقع

811views

images (18)

66- غاية الوثيقة

ما سبق عرضه، موجه إلى كل المعنيين بواجب ومسئولية تكوين المرشحين للكهنوت وطلبة المعاهد اللاهوتية المتعددة. لقد أُعد بهدف التسهيل والحث على العمل التربوي، داخل إطار التعليم الاجتماعي للكنيسة. ومما لا شك فيه، أن المعلمين سوف يستفيدون منه للوصول إلى تنظيم جيد لمضمون وأسلوب التعليم.

إن هدف الوثيقة، هو إيضاح النقاط الأساسية والجوهرية اللازمة، للوصول إلى تكوين لاهوتي رعوي لكهنة المستقبل. ومن أجل ذلك، نرى أنه من المناسب تخصيص هذا الفصل، للوصول إلى توجيهات واقعية ترتقي بالتكوين المميز للمعلمين، وتساهم في بناء أفضل لتنشئة الطلاب.

1- تكوين المعلمين:

67- التكوين اللاهوتي، العلمي والراعوي

لعله من البديهي القول، إن مدى قبول الطلاب لتعليم الكنيسة الاجتماعي، متوقف بدرجة كبيرة على كفاءة المعلمين وأسلوبهم في التقديم. وللوصول إلى ذلك، يلزم إعداد المعلمين إعداداً جيداً؛ ولضمان الوصول إلى هذه الدرجة من الإعداد، لا يكفي مجرد بضع دروس حول تعليم الكنيسة الاجتماعي ضمن برنامج الدراسة الفلسفية واللاهوتية. لهذا تقع على عاتق الأساقفة ورؤساء مراكز التكوين الكنسي، مسؤولية كبرى لإرسال بعض الطلبة الأكفاء، والذين يتمتعون بميول في مجال التربية، إلى المؤسسات المعترف بها من الكنيسة والمهتمة بالتربية، من أجل تحضير معلمين ذوي تكوين علمي مناسب.

فالكنيسة تريد أن يكون اختيار مثل هؤلاء المعلمين، الذين تعهد إليهم مسؤولية تكوين الإكليروس، من بين أفضل العناصر، وممن يتمتعون بإيمان قوي وخبرة رعوية مناسبة إلى جانب تكوين روحي وتربوي.

وجدير بالذكر إنه، لتدريس التعليم الاجتماعي للكنيسة، لا يكفي مجرد معرفة الوثائق الصادرة عن التعليم الرسمي للكنيسة- بل من الضروري أن يتمتع المدرس بتكوين لاهوتي عميق وشامل، وأن يكون كفءً في الأخلاق الاجتماعية، وأن يكون على دراية بالعناصر الأساسية للعلوم الاجتماعية الحديثة. وإلى جانب ذلك، لابد من العمل المشترك مع مدرسي اللاهوت الأخلاقي والعقيدة والرعوي، من أجل ضمان توافق ووحدة وصلابة التعليم. وفي النهاية، السماح للطلبة أن يحصلوا على نظرة متكاملة للاهوت والرعاية. ولابد أيضاً من الاهتمام بأن يكون التكوين العقيدي والرعوي، في علاقة وثيقة مع التكوين الروحي.

68- مهمة العلوم الاجتماعية

كما سبق وأشرنا (رقم10/50) فإن التعليم الاجتماعي، إذا أراد أن يظل في علاقة مع حياة المجتمع، وأن يكون له تأثير حقيقي على الواقع الرعوي، لا يمكنه الاستغناء عن العلوم الاجتماعية.

ولهذا السبب، فإننا نوصي بشدة مدرسي التعليم الاجتماعي، أن يعملوا على أن يُعدّوا المرشحين للكهنوت، إعداداً رعوياً ناضجاً، واضعين في اعتبارهم ألا يقتصر تعليمهم على سرد القواعد العامة فقط، وإنما لابد من الاهتمام بشرحها بتفكير ناضج يتوافق مع أحوال العالم المتغيرة على ضوء الإنجيل كينبوع للتجديد. وبالتالي يجب عليهم أن يدربوا الطلبة، على استعمال الوسائل التي تقدمها العلوم الإنسانية بما يتفق والقواعد الكنسية.

فالعلوم الإنسانية هي وسيلة هامة للتطوير والتغيير، ولإقامة حوار مع العالم، ومع كل البشر بمختلف آرائهم. وهي تقدم إلى التعليم الاجتماعي الإطار التجريبي الذي فيه يمكن لا بل يجب، أن يُطبق المباديء الأساسية. كما توفر العلوم الإنسانية كمّاً هائلاً من مواد التحليل، يساعد على تقويم الظروف والبُنى الاجتماعية والحكم عليها. وتساعد أخيراً على تبني اتجاه معين أمام الاختيارات الواقعية. وجدير بالذكر أننا، في دراستنا للعلوم الاجتماعية وفائدتها، يجب ألا نقع في شراك الأيديولوجيات التي تتلاعب بتفسير المعطيات، أو في التفاؤل المفرط الذي يبالغ في تقدير المعطيات التجريبية، على حساب النظرة الشاملة للإنسان والعالم.

69- التكوين الدائم

من البديهي أن الواقع الاجتماعي والعلوم المختصة بدراسته، تخضع لغيّر سريع ومستمر. ولهذا السبب، فالحاجة ماسّة إلى تكوين دائم للمعلمين، مما يضمن لهم أن يكونوا باستمرار على دراية بكل جديد. لأن غياب الاحتكاك المباشر بالقضايا والتوجيهات الحديثة، على المستوى المحلي والدولي والعالمي، وكل التطورات المتعلقة بالتعليم الاجتماعي للكنيسة، يمكن أن يحرم تعليمهم من ميزات وقدرات تكوينية.

 70- خبرة رعوية

للخبرة الراعوية المباشرة فائدة كبرى، ليتمكن المعلمون من تدريس وتعليم الكنيسة الاجتماعي، ليس كنظرية مجردة، وإنما كمنهج حياة يقود إلى العمل الواقعي.

هذه الخبرة تختلف تبعاً للمكان، للحالات، لقدرات وميول كل شخص، بشرط أن تكون مختارة ومنظمة بطريقة تؤيد الطابع الواقعي الذي يجب أن يتسم به التعليم.

2- تكوين الطلاب

71- إرشادات رعوية

طبقاً لروح المجمع الفاتيكاني الثاني والقانون الكنسي، فإن أهلية المرشحين للكهنوت الراعوي تُكسب عن طريق التكوين الشامل الذي يهتم بتنمية كل جوانب الشخصية الكهنوتية: الإنسانية، الروحية، اللاهوتية والرعوية. ويجوز القول نفسه بالنسبة لإعداد العلمانيين للرسالة.

في هذا الصدد، يجب التذكير بأنه، وإن صح أن كل تكوين له هدف رعوي، إلا أنه من الضروري أن يكون لكل منهما تعليم رعوي خاص به يأخذ في اعتباره تعليم الكنيسة الاجتماعي.

72- إطار التكوين

في إطار هذا التكوين، الذي كما سبق القول يتطلب ويشمل إعداداً لاهوتياً مناسباً لإعلان كلمة الله طبقاً لظروف الأشخاص والأماكن والأزمنة، ولإقامة حوار بين الكنيسة والعالم، لابد من إيقاظ رغبة الطلاب وجذب اهتمامهم بتعليم الكنيسة الاجتماعي والراعوي.

وفي هذا الاتجاه، يتحدث القانون عن ضرورة تربية كهنة المستقبل على “الحوار مع الأشخاص” وحثهم على “الأعمال الاجتماعية” الخاصة بالكنيسة.

73- دروس في تعليم الكنيسة الاجتماعي

فيما يتعلق بالمساحة الخاصة، بتدريس التعليم الاجتماعي داخل برنامج الدراسة في مراكز التكوين الكنسي، فمن الواضح أنه لا يكفي تناوله خلال بضع ساعات اختيارية، وإنما من الضروري تخصيص محاضرات إجبارية خاصة به. أما فيما يتعلق بالأوقات المناسبة لهذه الدراسة، فإن ذلك يعود إلى كل منظمة دراسية في مختلف المراكز وهيئات التكوين. فقد يكون مفيداً أن يستمر التدريس للطلاب طوال فترة التكوين. فيضمن ذلك الاستمرارية والتدرج في الدراسة، كما يسمح لفهم أعمق لمفاهيم الفلسفة الاجتماعية واللاهوت المتضمّن في الوثائق المتنوعة.

على كل حال، من الضروري خلال التكوين ضمان التعرف على الموسوعات الاجتماعية الكبرى، التي يجب أن تكون مادة لمحاضرات متخصصة وبمثابة قراءة إجبارية للطلاب. وفي تناولهم لهذه المواد، عليهم أن يضعوا في الاعتبار سياقها الاجتماعي- الثقافي الذي كُتبت فيه، والمعطيات اللاهوتية والفلسفية التي تعتمد عليها، وكذا علاقتها بالعلوم الاجتماعية ومعناها بالعلاقة مع الحالة الراهنة. بالإضافة إلى ذلك، وبالارتباط بوثائق الكنيسة الجامعة، لابد من دراسة القضايا الاجتماعية الخاصة والمحلية.

 74- الأساس الفلسفي- اللاهوتي

بالإضافة إلى إيقاظ الحس الراعوي تجاه القضايا الاجتماعية، فمن الضروري أن نقدم للطلاب قاعدة فلسفية- لاهوتية صلبة لمباديء التعليم الاجتماعي وعلاقته بالمواد الأخرى.

ولهذا الأمر أهمية كبرى خاصة في الوضع الحالي للكنيسة التي تعيش “حواراً مع العالم” حسب توجيهات المجمع الفاتيكاني الثاني. وبالفعل فالكهنة والعلمانيون الملتزمون في المجال الاجتماعي، مطالبون باستمرار بالرد على أيديولوجيات جذرية شمولية، جماعية كانت أم فردية، ذات ميول متعلمنة إن لم تكن مباشرة منهج مدني غريب عن الروح المسيحي.

75- رسالة المسيح الحقيقية والتامة

كما سبق القول فإن التكوين اللاهوتي- الراعوي والروحي، لكل الراغبين في تكريس حياتهم للعمل الاجتماعي، يشمل إيقاظ الحس بقضايا المجتمع المتنوعة؛ واكتساب عادة التقويم طبقاً لمقاييس تعليم الكنيسة الاجتماعي، للحالات والبنيات والنظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كما تشمل إعداداً مميزاً لكي يمكن العمل بطريقة ملائمة على المستويات المتنوعة، وفي مختلف أقسام النشاط الإنساني. وفوق ذلك كله، فإن تكويناً كهذا، للعلمانيين أو المرشحين للكهنوت، يتطلب وعياً بواجب الشهادة للمسيح في وسط العالم من خلال عملهم. وبصفة خاصة فإن الأساقفة والكهنة مدعوون لنشر رسالة المسيح لكي يغمر نور الإنجيل كل نشاط زمني يقوم به البشر.

مما لا شك فيه أن مشاركة الكنيسة الأساسية في المجال الاجتماعي، هي دوماً الإعلان التام للإنجيل: إعلان واعٍ تماماً للقضايا الاجتماعية. فشرح الإنجيل وتطبيقه على الواقع الاجتماعي لإنسان اليوم، هما عنصران أساسيان في التكوين اللاهوتي، والمتعدد الجوانب للطلاب، كما أن لهما قيمة وفاعلية في الرعاية.

في هذا التكوين، ليس هناك انفصال بين شهادة الحياة والوعظ والعمل، لأنهم متحدون جميعاً في شخص المسيح، كما يظهر في الإنجيل والتقليد الكنسي.

76- الخبرات الرعوية الأولى

ننصح خلال فترة التكوين، أن يوجَه الطلاب إلى القيام بخبرات ذات طابع راعوي واجتماعي، تدخلهم في احتكاك مباشر مع ما يدرسونه من قضايا. كما هو معمول به في بلاد متعددة وتؤكده النتائج الإيجابية.

إنه لمن المهم، في هذا التكوين، أن يعي الطلاب تماماً الدور الكهنوتي المتميز في حقل العمل الاجتماعي، خاصة ما وضعه التعليم الرسمي للكنيسة الجامعة أو الكنائس الخاصة. وتأتي في الدرجة الأولى الزيارات التي يقوم بها الطلبة مصحوبين بمعلميهم، والدخول في حوار، مع عالم العمل (العمال والنقابات) وكل المنظمات الاجتماعية والمهمشين.

77- واجب الكهنة تجاه العلمانيين

وهناك جزء لا يتجزأ من التكوين الرعوي الاجتماعي، وهو توجيه الطلاب فيما يتعلق بواجبهم، والأسلوب الذي يجب اتباعه، حتى يبثوا الوعي في العلمانيين بدورهم ومسئوليتهم نحو الجانب الاجتماعي للرسالة.

من هذا المنطلق، فإن واجب الكاهن، يقوم في مساعدة العلمانيين على الوعي بدورهم، وتكوينهم، سواء روحياً أو عقائدياً، ومصاحبتهم في العمل الاجتماعي، ومشاركتهم أتعابهم وآلامهم، والاعتراف بأهمية عمل منظماتهم على المستوى الرسولي، وكذلك على مستوى الالتزام الاجتماعي، وفي النهاية بشهادة الكاهن الحية بحياته واقتناعه. لذلك ففاعلية البشرى المسيحية تعتمد- بد عمل الروح القدس- على أسلوب حياة الكاهن وشهادته في الخدمة الرعوية، فهو يعلن، بواسطة خدمته للناس بأسلوب إنجيلي، وجه الكنيسة الحقيقي

78- خاتمة

وختاماً، فإن مجمع التعليم الكاثوليكي، وهو يضع هذه الوثيقة بين يدي الآباء الأساقفة، ومعاهد الدراسات اللاهوتية المتعددة، يتمنى أن تكون لهم عوناً وتوجيهاً أكيداً في تعليم عقيدة الكنيسة الاجتماعية. فمثل هذا التعليم، متى أُعطي بأسلوب صحيح، سيلهب بالتأكيد حمية كهنة الغد الرسولية وكذلك كل العاملين في المجال الرعوي، موضحاً لهم المنهج الأكيد لعمل راعوي فعّال.

واضعون في الاعتبار، الضرورات الروحية والمادية لمجتمع اليوم، التي أشار إليها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مناسبات متعددة. لا يسعنا إلا أن نتمنى أن يصبح كل مقدم على الكهنوت، رسالة مضيئة، ومسئولاً عن التعبير بأسلوب عصري، عن إعلان الإنجيل الذي يقدم العلاج الناجح لما يتعلق بأخلاق عصرنا، ويساهم هكذا في خلاص العالم. وسوف يكون ذلك واجب الأساقفة ومسؤولي معاهد التكوين الإكليريكية. فعليهم أن يسهروا بكل الوسائل لكي ينتج عن هذه التوجيهات، بعد تغلغلها في برنامج التكوين، انطلاقة التنشئة الإيمانية والرعوية، وهذا ما ينتظره عالم اليوم، وما يمكن أن يجيب على أمانينا المشتركة.

روما، مجمع التعليم الكاثوليكيفي 30 ديسمبر 1988

منقول عن مجلة صديق الكاهن  2 / 1993