stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصركنيسة الأقباط الكاثوليك

تهنئة بعيد القديس يوسف

488views

القاهرة ١٨ مارس ٢٠٢٢

تهنئة بعيد القديس يوسف

“فعل كما أمره ملاك الرب”

الاباء الأحباء، الرهبان والراهبات، كل الأنشطة الرسولية،
وشعب الايبارشية البطريركية المبارك،
سلام ومحبة في الرب يسوع.

ونحن في مسيرة “سينودوسية” – نسير معًا – لنعيد اكتشاف – وبلا ملل – رسالة الكنيسة الأساسية: خلاص النفوس، ننتهز هذه الفرصة العظيمة، اذ نحتفل بعيد القديس يوسف، المختار من الله ليكون ساهرًا وحارسًا على الفادي وأمه مريم. “فعل كما أمره ملاك الرب” (مت ١ / ٢٤).

إذ نضع أمام أعيننا تواضعه وحكمته في خدمة التدبير الخلاصي والمشاركة فيه، فائتمنه الله على هذا الحب العظيم المقدم للبشر، ونتساءل: كيف عاش يوسف هذا؟

تأتي الإجابة بحسب البشير متى “وإذ كان يوسف زوجها بارًا ولم يرد أن يشهرها، عزم على أن يطلقها سرًا”. (مت ١ / ١٩). نعم، عاش يوسف البار، زمن حيرة، فلم يكن يدري أي موقف يتخذه من مريم، لم يكن يدري أي موقف يتخذه أمام هذه الامومة “المدهشة” و “العجائبية”.عاش حيرة كبيرة؛ وكان يبحث عن جواب للسؤال الذي استمر يقلقه. ولكنه ايضًا كان يبحث عن مخرج لهذا الوضع العسير عليه.

“وما ان نوى ذلك، حتى تراءى له ملاك الرب في الحلم وقال له: لا تخف أن تأتي بإمرأتك مريم إلى بيتك، ان الذي كون فيها هو من الروح القدس، وستلد ابنًا فسمه يسوع، لانه هو الذي يخلص شعبه من خطاياهم (مت ١ / ٢٠-٢١). “فلم قام يوسف من النوم، فعل كما أمره ملاك الرب” (مت ١/ ٢٤). أخذ مريم إلى بيته، أخذًا معه سر أمومتها كله؛ أخذها مع الابن المخلص والفادي. فأعطى بذلك جوابًا شبيهاً بجواب مريم وهي في حيرتها: “هاءنذا أمة للرب فليكن لي بحسب قولك”.

حقيقة، لم يقدم يوسف جوابًا بالكلام، “ففعل ما أمره به ملاك الرب” اذن ما فعله هو “طاعة في الإيمان” (روم ١ / ٥، ١٦ / ٢٦، ٢ كور ١٠ / ٥-٦).

عاش يوسف الناصري “شاهد عيان”، على الميلاد العجائبي؛ “شاهد عيان”، لسجود الرعاة (لو ٢ / ١٥ – ١٦) و سجود المجوس – الملوك الآتيين من الشرق – وشاهد عيان على مظاهر الإجلال التي قدموها للصبي وامه (مت ٢/ ١١). “شاهد عيان”، أيضًا على العناية الإلهية التي استعانت به كأب أرضي وحارس للفادي وساهرًا عليه هو وامه مريم. “اذ تراءى ملاك الرب مرة أخرى وقال له ” قم فخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، وأمكث هناك حتى أكلمك، أن هيرودس سيبحث عن الطفل ليهلكه.” (مت ٢/ ١٣).

ثم يأتي إعلان آخر، يستحق التأمل فيه لنعرف مدى تأثيره على يوسف الناصري، اعلان جاءه بعد اثنتي عشر عامًا من حياة يسوع على الأرض: نقرأ في انجيل الطفولة، للبشير لوقا الاصحاح الثاني هذا الحدث: “لما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد. وبعدما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في أورشليم، ويوسف وأمه لم يعلما”. هنا قالت مريم ليسوع ي”ا بني، لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين!”

فكان جواب يسوع هو بمثابة “اعلان تذكيري ” لكل الإعلانات التي تلقاها يوسف منذ اللحظة الاولي من اختياره حتى هذا الحدث. ولكنه اعلان من فم يسوع نفسه: “فقال لهما: “لماذا كنتما تطلبانني؟ ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟”.

نعم، لم ولن يتركنا الله أبدًا بدون “تذكر”، لعمله الخلاصي وتدبيره وعنايته لنا. فإعلاناته لم تنته، وتأتي دومًا في وقتها بحسب تدبيره وحكمته الإلهية. وتجاوبًا مع هذه الإعلانات، ظل يوسف – مثل مريم – كل أيامه أمينًا صامتًا – لم ينطق بكلمة – ولكنه “فعل” فقط “فعل ما أمره به ملاك الرب” (مت ١ / ٢٤). فلم يذكر الانجيليون كلمة واحدة نطق بها؛ ولكن صمت يوسف له مغزى خاص: فبفضله يمكن أن نفهم الحقيقة التي أعلنها الإنجيل في يوسف، آنه “البار” (مت ١/ ١٩).

عانت الأسرة المقدسة كثيرًا: الفقر الذي عاشته في بيت لحم، ثم في الهجرة والهروب إلى مصر، ثم في حياتها في الناصرة. لكنها أسرة، حافظت على ميثاق المحبة. ولهذا تضع لنا الكنيسة، أسرة الناصرة نموذجا لحياة كل اسرة من أسرنا: في اختياراتنا، وقراراتنا، وحيرتنا، ومن ثم تجاوبنا مع هذا الحب العظيم الذي يهديه لنا الثالوث الاقدس.

ان القديس يوسف اب حقيقي وابوته ليست بالإنجاب وليست ابوة ظاهرية، او مجرد ابوة بالوكالة. بل أبوة حقيقية متحملة، وملتزمة رغم كل الصعوبات. وامومة مريم، امومة حقيقية “أنا وأبوك نبحث عنك” امومة “طائعة في الايمان” “تحفظ كل شيء في قلبها” والابن يسوع المسيح، يقول عنه البشير لوقا في انجيله “وأما يسوع فكان طائعًا لهما” (لو ٢ / ٥١).

عاش يوسف حياته وهو على صلة يومية “بالسر المكتوم في الله منذ الأزل”. عاش صامتًا – نجارًا متواضعًا – ولكنه كان “يفعل ما يأمره به الرب”.، ولهذا استطاع أن يتخذ قرارات كبيرة في حياته وحياة أسرته؛ قرارات تتوافق وقصد الله، وتدبيره الخلاصي واضعًا حريته وانسانيته وسعادته الزوجية تحت تصرف الله.

وأخيرًا، يوسف هو شفيع كنيستنا، فالكنيسة اليوم بحاجة إلى “فضيلة الصمت والعمل”. لكي نحمل إلى العالم من جديد بشرى الخلاص بيسوع المسيح. هذه الفضيلة التي تحلى بها يوسف البار “ليفعل كل ما يأمره به الرب”. حيث كان “يفعل بصمت” وتواضع وحكمة.

نحتاج اليوم إلى شفاعة هذا البار لكي نعلن ثانية وبقوة – “قوة خاصة من العلاء” – (لو ٢٤/ ٤٩) – لنعلن الايمان والرجاء والمحبة.

“احفظنا أيها الآب بمحبتك العظيمة، من كل دنس زلةٍ أو فساد؛ كن لنا ناصرًا، وأعضدنا من علو السماد في الحرب التي نخوضها ضد سلطان الظلمات؛ صن اليوم كنيستك المقدسة من مكايد العدو ” بشفاعة مريم ام الخلاص والقديس يوسف حارس الفادي وحارس الكنيسة. أمين

فبالنيابة عن غبطة ابينا البطريرك، الانبا إبراهيم اسحق، أتوجه اليكم بخالص التهنئة.

صلوا لأجلي،

+ باخوم
النائب البطريركي
لشئون الايبارشية البطريركية

هذه الكلمة هي قراءة مختصرة مع تعليق للارشاد الرسولي حارس الفادي للبابا القديس يوحنا بولس الثاني. وشكر وامتنان لكل من يعاون معنا لاجل هذا العمل، فهو ليس مني بل هو بالأحرى ثمرة عمل العديد.