stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

خـواطـر الـقـديـسـة تـريـز الـطـفـل يـسـوع فـي الـحـيـاة الـمـسـيـحـيـة

4kviews

إعداد الأب د. لويس حزبون
2018/10/01

نحتفل اليوم بعيد القديسة تريز الطفل يسوع، معلمة الكنيسة جمعاء. وقبل وفاتها وعدتنا ان توزع علينا البركات والنعم. “أريد أن اقضي وقتي في السماء، وأنا أنشر الخير على الارض”. من هنا نطرح عليها بعض الاسئلة التي لها أثر بليغ في التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية وفي رسالتنا الكهنوتية والمسيحية:

كيف يجب ان يكون إيمانك بالله؟

تجيبك القديسة تريز بان تضع ثقتك بالله خصوصا وقت الشدة: “لا يُقلقنّكّ شيءٌ، لا يُخيفنّك شيء، كلّ شيء يزول، الله لا يتغيّر، الصبرُ يَحصل على كلِّ شيء، من معه الله فلا ينقصه شيء، الله وحده يكفي” (ت 227).

ما هو الإنجيل؟

“الانجيل هو الذي فوق كل شيء يحدثني في تأملاتي؛ فيه اجدُ كل ما تحتاج اليه نفسي البائسة. اني اكتشف فيه دائما اضواء جديدة، معاني خفية وعجيبة” (ت 127). “ان اللذين يتأملون فيه يستنيرون (مز 33/6). “فحسبي ان القي نظرة على الانجيل المقدس، فأتنشق حالا عطور حياة يسوع، وأتبيّن في أي اتجاه أجري”.

ما هي الكنيسة؟

“فهِمتُ انّ للكنيسة جسدًا، مكوّنًا من أعضاءَ مختلفةٍ، وان العضوَ الأنبلَ والاكثرَ ضرورةً ليس ناقصاً فيها: فهمتُ أن للكنيسةِ قلبًا، وان هذا القلبَ مضطرمٌ بالمحبة. فهمتُ انّ المحبةَ وحدَها هي تُحرّكُ اعضاءَ الكنيسة، وان الحبّ اذا انطفأ فلن يُبشّرَ الرسلُ بالإنجيل، ولولا الحبّ لرفضَ الشهداءُ ان يسفكوا دماءهم… فهمتُ أن المحبة تشمَلُ كلّ الدعوات، وانها كلّ شيء، وتشمَلُ كلّ الاوقاتِ وكلّ الامكنة… بكلمة واحدةٍ هي أبدية” (ت رقم 826). وعبّرت عن هذا الحب بصلاتها: “أعيش في حب لا غبارَ عليه، أقدّم ذاتي فيه محرقة الى حبّك الرحيم، راجية إيّاك ان تلتهمني بحبّك المتّقد على الدوام… وهكذا أضحي شهيدة حبّك يا الهي. (9 حزيران 1895) يقول القديس يوحنا الصليبي: “إن أصغر نبضة حب صاف لأنفع للكنيسة من كل أعمال الخير مجتمعة”.

وأما دعوتها في الكنيسة فكتبت تريز: “يا يسوعُ، حبّي، إني وجدت أخيرًا دعوتي. دعوتي هي الحبُّ. نعم وجدت مكاني في الكنيسة، وهذا المكان، أنت يا ربِّ، منحتني إيّاه. في قلب الكنيسة أمي، سأكون الحبَّ”. وعبرت عن دعوتها ايضاً بصلاتها: “يا إلهي، ايها الثالوث الاقدس، أودّ ان احبّك وأن اجعل الناس يحبّنك، وأن أعمل في تمجيد الكنيسة المقدسة، بإنقاذ النفوس الهالكة على الارض، والمتعذّبة في المطهر (9 حزيران 1895). فأرادت ان تقدّم ذاتها لله محرقة حبًّ، فكتبت على ورقة نص التقدمة: “تقدمة ذاتي محرقة للحبّ الرحيم النابع من الله”. “الحب يتغذى بالتضحيات. وكلما حرمت النفسُ ذاتها ارضاءَ الحواس الطبيعي، كلما أصبح حنانها قويًا ونزيهًا”. “ان نفسي متوطّنة في ذاك الذي كنتُ اريد ان أحبه وحده. ارى ان القلب ينمو عندما يحب الله، حتى ليَسعُه ان يغمر الذين هم اعزاء عليه بحنانٍ أكثر بكثير مما لو كان قد تقوقع في حب أناني عقيم”. وقبل موتها صرّحت “لا أندم على استسلامي لحب”. نستنتج أخيرا ان المحبة هي روح القداسة التي دُعي اليها الجميع: “أنها توجّه جميع وسائل القداسة وتُعطيها روحها، وتقودها الى غايتها”.

ما هي الصلاة؟

“الصلاة، في نظري، هي توق القلب، نظرة بسيطة تلقيها إلى السماء، إنها صرخةُ شكرٍ وحبٍ في المحنة كما في الفرح (ت 2558). وانها أخيرا شيء عظيم وفائق الطبيعة يشرح النفس ويوحّدني بيسوع”.

و”اما الصلاة العقلية فهي ليست في نظري سوى علاقة صداقة حميمة، يتحدث فيها الانسان مرارا مع الله وحده، مع ذاك الاله الذي يعرف انه يحبه” (ت 2709). “تصبح الصلاة داخليّة بمقدار وعينا لذاك “الذي نخاطبه” (ت 2704). اخِذتْ تريز بالصلاة والتأمل الروحي، حتى انّ أمور الارض لم تشغل بالها.

طلبت من مرشدها الكاهن ان يصلي لأجلها هذه الصلاة التي تحتوي كلّ رغباتها: “أيّها الآب الرحيم، باسم يسوعنا الحنون ومريمَ العذراء وجميعِ القديسين، أطلب إليك أن تُلهب أختي بروح محبّتك وأن تمنحها النعمة لتحبِّبه كثيراً إلى النفوس. لأنّني ما أرغبُه على الأرض أرغبه في السماء: حبّ يسوع وتحبيبَه إلى النفوس”.

ما هو موقف الانسان في النعمة والتبرير؟

“عندما ينتهي زمن منفاي على الارض، رجائي ان اذهب وانعم بك في الوطن. ولكني لا اريد ان اكدّس الاستحقاقات للسماء، اريد ان اعمل لأجل حبّك وحده (…). في غروب هذه الحياة سأظهر امامك فارغة اليدين، لأني لا اسألك، ربي، ان تحسُب اعمالي. فكل صلاح فينا لا يخلو من العيب امام عينيك. أريد إذَنْ ان اتّشح بصلاحك أنتَ، وان اتقبّلَ من حبِّك امتلاكك انت الى الابد” (ت 2011) (9 حزيران 1895).

“إن الله لا يرفض أبدًا النعمة الاولى التي تمنح الجرأة على الذات، فإن كانت النفس وفيّة بهذه النعمة، فاض عليها النور حالا. فعلينا إذًا ان نعمل بشجاعة”. وهنا نستنتج ان محبة المسيح فينا هي ينبوع استحقاقاتنا جميعها امام الله. وعبّرت عن فكرة نعمة الاستحقاق بصلاتها هذه: “بما أنّكَ أحببتني فمنحتني ابنك الوحيد، مخلصًا لي وعروسًا، فإن كنوز استحقاقه اللامحدودة هي لي، وأنا أزفّها اليك سعيدة”، أقدم اليك ايضًا كل استحقاقات القديسين في السماء وعلى الارض، وحبّهم وحب الملائكة والقديسين. أخيرًا أقدم اليك، أيها الثالوث الاقدس، حب العذراء، أمي العزيزة، واستحقاقاتها. فهي التي أودعها تقدمتي، طالباً اليها ان تُهديك إيّاها” (9 حزيران 1895).

من هو يسوع على حد قولها؟

“تريز، خطيبة يسوع الصغيرة، تحب يسوع رغبةً فيه وحده. هي لا تريد ان تلقي أنظارها على وجه حبيبها إلاّ لترى دمعات.. وتكفكف هذه الدمعات، وأن تلتقطها”. “لا أستطيع ان اقبل بتأخير أتّحادي بك… وأكون على ثقة أن لا شيء يصدّك عن أتخاذي عروسًا”. “أنا سعيدة في اتباع خطيبي يسوع، طمعًا به وحده، لا بعطاياه. هو وحده جميل جذّاب الى هذا الحد من الجاذبية والجمال!” وبالمواظبة على أمور صغيرة (إماتات وكسر ارادتي – حبس كلمة جواب على استفزاز – تأدية خدمات صغيرة…) كنت أتهيّأ لأصير عروس يسوع”. “يسوع، كم أصبو الى حبّه! الى حبّه كما لم يُحبّه أحد قط على هذه الارض!”. “أعطني ألا اسعى إلا وراءك، والا أجد غيرك… لا أسلك يا يسوع، الاّ السلام وخصوصا الحب بلا حدود. هبني أن اموت شهيدة من أجلك، شهيدة القلب أو الجسد، او بالحري شهيدة الاثنين معًا”. “ازف اليك نفسي، يا حبيبي، لتُجري أرادتك فيّ على أتم وجه، من غير ان تقوى الخلائق على ان تحول بين وبين تلك الارادة”.

“وما اشد عطشي الى السماء، الى هذا الملكوت، حيث نحب يسوع بلا حدود”. “هنالك، في السماء، سنعيش (كلماتها الاخيرة الى اختها ليوني) حياة واحدة في قلب عروسنا السماوي، ولسوف أبقى الى الابد”. وكانت كلماتها الاخيرة ليسوع: “آه! أحبّه! إلهي … أحبّك”. وكانت ترى يسوع في اخواتها الراهبات حتى التي كانت مليئة بالعيوب في اقوالها وحركاتها. فقالت: إن ما يجذبني اليها هو يسوع الحاضر في نفسها، يسوع الذي يقلب المرارة حلواً طيّبًا”.

من هو الكاهن في نظرها؟

“إنّي أشكر ليسوع نظرته إليك نظرةَ حبّ، كنظرته إلى شاب الإنجيل. إنّك أسعد منه كونَك لبّيت نداء المعلم بأمانة، وتركت كلّ شيء لتتبعَه. وما أحلى دعوة الكاهن! بأي حب يا الهي احملك بين يديّ، لو تهيّأت لي هذه النعمة، عندما يدعوك صوتي فتنحدر من أعلى السماء! بأي حبٍ أمنحك للنفوس! “انه الآن ينوب عن يسوع بالقرب مني”. فدور الكاهن في مفهومها هو:

– يقدم القوت السماوي: “يحق للرب ان يستخدم احدى خلائقه لكي يوزّع على النفوس التي يحبّها الغذاء الضروري لها. فانه يقول في الكتاب المقدس لهذا العاهل: “إني ابقيتك قصدا لكي تتفجر فيك قوتي، ولكي يعلن باسمي في جميع الارض” (خروج 9/16). فقد استخدم دومًا خلائقه: ادوات لتحقيق عمله في النفوس. “أهب كنوزك، يا رب، للنفس التي تأتي لتطلب مني طعامها… سأحاول أن أقنعها بان هذا القوت صادر عنك، وسأتحاشى أن آتيها بطعام آخر”.

– الصلاة: “وهاأنذا يا أبت أطلب منك أن ترضى فتصلّي لأجل ابنتك. “وما نطلبه منه هو أن نعمل لأجل مجده، أن نحبَّه ونحبِبه للآخرين. أريدك أن تكون بسيطاً مع الله، وأيضًا”.

– الارشاد الروحي: “أرجو لو أستطيع رؤيتك في الكرمل لأكشف لك قلبي”.

– القداسة: “يريد منك يسوع كلَّ قلبك ويريدك أن تصبح قدّيسًا كبيرًا. وفي سبيل ذلك لا بُدّ أن تتألم كثيرًا. لن تستطيع أن تصبح نصف قديس، بل لا بدّ لك أن تصبح قديسًا كاملاً أو لا تكون أبدًا. يتحتّم علينا كِلينا أن نذهب إلى السماء بنفس الطريق، طريق العذاب المقرون بالمحبّة إلى الأب”.

– التواضع: “التواضع، حسبما أرتئي، هو الطريق الوحيد الذي يُعدّ القديسين” (28 شباط 1889). لم تمل تريز الى الاماتات الجسدية الكبيرة، بل آثرت أماته الروح والقلب، من تواضع وتضحية. قبل موته صرحت: “أرى نفسي لم تسعَ ابدا إلاّ وراء الحقيقة. فهمت تواضع القلب”.

ما هي طريقة الطفولة الروحية التي تميّزت بها وكيف نمتلكها؟

أجابت تريز احدى المبتدئات على هذه السؤال: “يكون الإنسان طفلاً إذا اعترفَ بعدمِه، وتوقّع كلّ شيء من الله، كما يتوقّع طفل صغير كلَّ شيءٍ من أبيه، وإذا اقصى عنه الاضطراب إزاء أي حدث، وابتعد عن ربحِ الثروات. يكون طفلاً إذا لم يُنسبْ الى ذاته الفضائل التي يمارسها، فيعترف ان الربّ يودع هذا الكنز من الفضائل بين يدي طفله الصغير، ليستخدمه عند الحاجة. وأخيرًا إذا لم تُحبط السقطات عزائمَه، لانّ الاولاد يقعون غالباً، ولا يتأذّون بسبب صغرهم”.

وفي ساعة نزاعها اوضحت لأختها بولين عن طريقتها بقولها: “طريقة الطفولة الروحية هي طريقة الثقة والاستسلام المطلق لمشيئة الله. اريد ان ارشد النفوس الى الوسائل الصغيرة التي نجحت باستعمالها نجاحا كاملا، وهي ان نودّ شيئا واحدا في هذه الدنيا: ان نداعب يسوع بزهور الاماتات، فنربحه بهذه المداعبة، كما ربحته انا”. “أشعر ان رسالتي ستبدأ، رسالة أحث بها العالم على حب الله كما أحبّه، وامنح بها النفوس طريقتي الصغيرة”. هذه هي الطريقة الطفولة الروحية التي انتهجتها تريز في حياتها، وهي في متناول كل أنسان، فقادتها الى أسمى درجات القداسة.

ما هو شعورها امام القربان الاقدس؟

لما قبلت تريز المناولة الاولى على عمر الثانية عشرة وصفت هذه اللحظة بقولها: “آه! كم كانت قبلة يسوع الاولى لنفسي حلوة مستعذبة، قبلة حب! ولقد كنتُ أحِسّ ان يسوع يُحبّني، فقلت له انا في نفسي: أحبّك، وأهب لك ذاتي الى الابد. فلم نعد من بعد أثنين” (سنة 1885). وفيما بعد عبّرت القديسة تريز عن شعورها للقربان بهذه الصلاة: “أنا اشعر في قلبي برغبات رحيبة، فاسلك يا رب بثقة أن تأتي وتمتلك نفسي. آه! لا أستطيع أن أتناول القربان غالبًا كما أحب، ولكن ربّاه، ألست في منتهى القدرة؟ أبقَ معي بقاءك في بيت القربان، ولا تبتعد أبدأ عن قربانتك الصغيرة!”… “أريد، حبيبي، أن أجدّد لك في كل خفقة من خفقات قلبي، هذه التقدمة مرات لا تُحد، حتى أذا أضمحلت الظلال، يمكنني أن أردّد لك حبّي، مواجهةً الى الابد” (9 حزيران 1895).

ما هو شعورها امام صورة المصلوب المـتألم؟

“أحسست بشعور غريب لا يوصف، وانفطر قلبي من الالم أمام الدم الثمين المتساقط على الارض، ولا من يسارع الى التقاطه. قررت أن اقف دائمًا بروحي امام قدمي الصليب، لا تقبل نداء الخلاص واريقه بعد ذلك على النفوس. ومنذ ذلك اليوم وهتاف يسوع “أنا عطشان” يرنّ في قلبي كل لحظة فأردّت ان أروّي غليل حبيبي يسوع، وشعرت العطش الى خلاص النفوس يلتهمني”. وكان اول خاطئ سعت تريز الى ارتداده مجرا كبيرا يدعى برانزيني الذي قبّل الصليب قبل الاعدام ثلاث مرات دليل على توبته.

إن تألم يسوع إلى هذا الحد ما هو إلا دلالة حبّ فائض خصّه الله تعالى! لنقدّم آلامنا الى يسوع لخلاص النفوس (28 شباط 1889). “كل ألم غدا في ناظريّ عذبًا. “لنـتألم بسلام. ولكي نتألم بسلام، يكفينا أن نبغي من الصميم ما يريده سيدنا المسيح” (12 ايار 889). وفي ساعتها الاخيرة صلت أمام أيقونة المسيح المتألم: “الألم! الألم! لا أتألم قدر ما أرغب، فاروي غليلي من حب الله”، ثم ناجت أمها السماوي بقولها: “لا تلطّفي آلامي، بل تناولي رأسي المحموم المُعنّى بين يديك”. وعبّرت عن ألمها بصلاتها: “أشكرُ لك، يا الهي، كل النعم التي جُدت بها عليّ، وخصوصًا تلك التي بها صهرتني في بوتقة العذاب… وبما انك تنازلت وشاطرتني حمل الصليب النفيس، آمل ان أتشبّه بكَ في السماء، وان ارى جراحات آلامك الخلاصية متألّقة في جسدي الممجّد” (9 حزيران 1895).

نقلا عن موقع أبونا