stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أخبار الكنيسة

رسالة الفصح…المطران/ عادل زكي

1.2kviews

ll

اخوتي، اخواتي، اصدقائي، يا لها من سعادة ان نحتفل بهذا العيد السعيد، عيد الفصح!

الفصح هو عيد الحياة، عيد النصر. لقد قام المسيح من بين الاموات،اعني انتصب، ارتفع، ليرفعنا نحن ايضا.

امام هذا الحادث العجيب، جاء في انجيل القديس يوحنا “ان التلاميذ لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب: أنه ينبغي أن يقوم من الأموات” (يوحنا 20 ، (9صعوبة التلاميذ هذه ان يؤمنوا، قد تشجّعنا، نحن الذين ما زال ايماننا ضعيفا، وتذكّرنا انه رغم كل شكوكنا، ما زال لنا مكان في الاحتفالات الفصحية.

لكن لا يتوقّف هنا، هدف هذه الاحتفالات الفصحية، بل ان سر الفصح يكشف لنا الأبعاد الالهية.

ان التلاميذ الذين جاؤوا منذ الصباح الباكر الى القبر، لم يكونوا غرباء عن المفاهيم السائدة منذ اجيال لدى الشعب العبراني: كانوا يؤمنون بالقيامة الجامعة في آخر الزمان، قيامة يضفي الله بها على كل شيء، التمام والكمال. أساس هذا الامل كانت عدالة الله التي كان من شأنها المضي بالإنسانية قدُما نحو الكمال، اي الوصول بها الى امتثالها الكامل بالخالق )تكوين 1، 26) كان الرسل ينتظرون القيامة كحادث هام، حادث عز ومجد، يعود فيه كل شيء الى نصابه: الابرار يكافَؤون والاشرار يخفقون ثم يُعزلون ويُعاقبون، إلى أن يُهزم الشر ويزول.

إن هذا الفكر منسجم انسجاما تاما مع منطق الإيمان بإله عادل وقدوس، لكنه يحمل ملابسات خطيرة: ففي المقدمة تظلّل قوة الله القادر على كل شيء، ثم تنعكس مشيرةً الى غضبه.

إن الرسل قد رأوا ان يسوع لم يشقّ طريق النصر ولم ينتهز حركة شعبية تدعمه لتغيير نظام السلطة في المدينة المقدسة. لقد شاهدوا كيف يسوع لم يفعل شيئا لفرض نفسه مستعينا بالملائكة، او حتى بصنع بعض الآيات، لا بل المعجزات المذهلة.

لقد شاهدوه لا يفعل شيئا، ولا يقاوم، منعا لاعتقاله وتعذيبه. عندئذ اهتزّ ايمانهم، والتزموا الصمت شاعرين كأن الفشل يسحقهم، امام موت على الصليب، وقبر محكم اغلاقه بالحجر نقطة الضعف في ايمانهم هي مفهومهم نفسه للقيامة: كانوا يتوقعون ظهور قدرة الله الفائقة تسحق جبروت العدو.

لكنهم لم يروا شيئا من ذلك. كانوا ينتظرون شيئا عجيبا، مذهلا، معجزا.

هذا المفهوم عن الله ليس نادرا بل كثير الرواج.

ان بطرس ورفيقه اسرعا نحو القبر ليتحققا من قول النساء، لكنهما ما زالا بعيدين عن الفهم كل البعد.

لكن، ها إن التلميذ الذي كان يحبّه يسوع، قد رأى القبر فارغا، فآمن.

ما معنى “آمن” إن لم يكن أن هذا التلميذ انتقل من مفهوم مع لله إلى فهم آخر له؟

لقد أدرك أننا لنعبّر عن حقيقة الله، لا ينبغي ان نلجأ إلى مفاهيم القوة، التى تنبثق عنها أطماعنا السلطوية. فإن أوّل لفظة تخطر علي البال بالنسبة إلى الجوهر الإلهي، إنما هي لفظة “محبة”،المحبّة الحقيقية الخالية من المصلحة.

إن هذه المحبّة لا تكتفي باحترام الآخر، بل تتضامن معه في كل الأحوال. وهكذا، فالقيامة ليست مجرّد ضربة حظ، لا علاقة لها بالحياة.

فالقيامة التي يرى يوحنا علامتها في القبر الفارغ، هي القيامة من بين الأموات،

كان على المسيح ألا يكتفي بقلب النظام الدنيوي رأسا على عقب، ليفرض نفسه بنصر ساحق، بل كان عليه أن يدخل في شركة مع الإنسان للعبور به في بوتقة النار المطهّرة.

إنها نار المحبة، المحبة المتمثّلة بالحضور والشفقة إزاء الذين هم في العذاب في أجسادهم، في نفوسهم، في قلوبهم.

هذه المحبة هي السبب الذي من أجله، الوصف الذي نجده في الإنجيل ليوحنا، يمثّل لنا تلميذا اسمه “التلميذ الذي كان يحبّه يسوع”، فإن الحقيقة إنما نكتشفها في العطاء والمحبة.

علينا، وسط أنوار هذا الصباح، صباح عيد الفصح، أن نتبنّى هذا المنطق، منطق المحبة التي تتجسّد فيها وتكتمل طاقتنا بأسرها، كل ما فينا من حبّ وانطلاق نحو الحياة.

رسالة الفصح رسالة خلاص. فالدلائل كلها ناطقة: فالقبر المفتوح يشير إلى أن الله فتح لنا بابا لن يُغلق.

ومريم المجدلية تعلّمنا أن الغفران أقوى من الخطيئة وأن المحبّة أقوى من الموت.

إسراع بطرس ويوحنا نحو القبر، تعبّران عن الرغبة القوية. وإيمان التلميذ الذي كان يحبّه يسوع هو إيماننا: إنه أعظم هديّة وهبها لنا القائم من بين الأموات.

المسيح قام، حقّا قام. هلليلويا! هلليلويا!

المطران/ عادل زكي