روح الرب علىَّ لأنه مسحنى – الأب وليم سيدهم
كان الرب يسوع يجول في قرى ومدن فلسطين يبشر بالملكوت، وذات يوم دخل مجمع ليصلي مع الذين حضروا للصلاة. وكان يسوع جالسًا حينما طلب منه رئيس المجمع أن يخرج في المقدمة – كما هى العادة المتبعة مع ضيوف المجمع – ليقرأ أحد النصوص الطقسية، كان النص من سفر أشعيا النبي : “روح السيد الرب علي لأن الرب مسحنى وأرسلني لأبشر الفقرء وأجبر منكسري القلوب وأنادي بإفراج عن المسبيين وبتخلية للمأسورين لأعلن سنة رضا عند الرب” (اشعيا 61 : 1 -2). وبعد أن قرأ النص أضاف يسوع “هذا الكلام قد تم اليوم” ولأن الكتاب المقدس يتحدث عن الحاضر وليس الماضي فإن يسوع اعتبر نفسه المقصود بهذا النص، كيف لا وهو لم يترك شارعًا أو قرية في فلسطين إلا وقد شفى فيها أبرصًا أو أعمى أو مريض.
إن المسيحي في أي مكان من العالم حين يقرأ هذا النص لا يمكن أن يتجاهل أنه هو المقصود بهذا النص. وإذا لم يشعر القارئ بأنه المقصود بهذا النص فعليه أن يفحص نفسه إن كان فعلًا تلميذًا للمسيح أم مجرد ضيف مازال على عتبة الكنيسة أى خارجها.
”روح الرب على لأنه مسحنى لأبشر المساكين” كل مؤمن مسيحي يمسح بزيت الميرون في المعمودية هذه المسحة تجعل منه عضوًا في جسد الكنيسة وجسد المسيح، وبالتالي مكلف بخدمة الآخرين خاصة الفقراء والكسحان والعرجان والمرضى من كل نوع.
وعليه فإن روح الله الساكن في قلب وعقل المؤمن يرشده وينير له طريق الخلاص، يجعل قلبه ينبض بعمل الخير فهو شريك في مهمة خلاص اخوته وأخواته. في بلدٍ أكثر من نصفه فقراء، محتاجين الطعام والشراب والسكن وكثير من تفاصيل الحياة اليومية مثل ثمن الكهرباء، ثمن الماء، ثمن البنزين، ثمن الدواء، ثمن الملابس التى تقي من برد الشتاء وحر الصيف. لقد أصبحت الحياة لا تطاق عند المواطن المصري، فإرتفاع أسعار الحبوب والخضروات والفاكهة والماء والكهرباء لن يخفف هذه الأحمال عن الفقراء إلا سخاء الفقراء أنفسهم، فتبادل المنافع وفتح باب المشاركة في حمل هذه الأعباء هى من صميم أفعال الروح الساكن في المؤمن. فهو الذى يحثنا على تقديم يد العون لمن هم في إحتياج كبير. وكما يقول القديس يعقوب في رسالته :” فإن كان فيكم أخ عريان أو أخت عريانة ينقصهما قوت يومهما، وقال لهما أحدكم: ((اذهبا بسلام فاستدفئا واشبعا )) ولم تعطوهما ما يحتاج إليه الجسد، ماذا ينفع قولكم؟” (يعقوب 2 : 15 – 16).
لقد كسر المسيح الخبز لآلاف الجوعى اللذين كانوا يصاحبونة ليسمعوا كلام النعمة من فمه “فأشفق عليهم” وطالب الرسل أن “أعطوهم أنتم ليأكلوا” ولما وجدهم غير قادرين على الوفاء بإحتياجات هذه الجموع الجائعة أخذ هو نفسه الخمس خبزات والسمكتين : “وأخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين، ورفع عينيه نحو السماء، وبارك وكسر الأرغفة، وناولها تلاميذه، والتلاميذ ناولوها الجموع. فأكلوا كلهم حتى شبعوا، ورفعوا ما فضل من الكسر: اثنتي عشرة قفة ممتلئة.” (متى 14 : 19 – 20)
ولم تضن الأرملة عن دفع آخر فلس لديها في صندوق النذور مما جعل المسيح يمدحها قائلًا ” الحق أقول لكم إن هذه الأرملة الفقيرة ألقت أكثر من جميع الذين ألقوا في الخزانة، لأنهم كلهم ألقوا من الفاضل عن حاجاتهم، وأما هي فإنها من حاجتها ألقت جميع ما تملك، كل رزقها)).(مرقس 12 : 43 – 44).
نعم ليقل كلُّ منا : “روح السيد الرب علي لأن الرب مسحنى وأرسلني لأبشر الفقرء وأجبر منكسري القلوب وأنادي بإفراج عن المسبيين وبتخلية للمأسورين لأعلن سنة رضا عند الرب”