سيخرج منك مدبر يرعى شعبي – الأب وليم سيدهم
سيخرج منك مدبر يرعى شعبي
أسس الامبراطور “قسطنطين” مدنًا كثيرة وهو اليوناني وترك آثاره في ربوع الإمبراطورية في القرن الثالث قبل الميلاد، وهكذا فعل جنكيز خان وأغسطس قيصر وغيرهم. لكن يسوع المسيح أسس جماعات إيمانية تنتشر في بقاع الارض تعلن إسمه القدوس. وعلى مدار أكثر من ألفين عام إكتست الأرض بعلامة الصليب مجد هذا الناصري الذي جعل بولس الرسول يقول: “”وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.” (غلاطية 6: 14). هذا الصليب الذي ظل رمزًا للعبودية واللعنة التى تحل على مَن يُصلب مِن بنى البشر في ظل الإمبراطورية الرومانية وفي بقاع أخرى في العالم.
لقد أراد الله في جلال حكمته أن يرفع الإنسان المحتقر والملعون من البشر إلى مقام الألوهية وجعل من العذاب والألم عربونًا لخلاص اللذين لا حول ولا قوة لهم إلَّا أبدانهم وجسمهم الهزيل الذي به يتلقون الطعنات الغادرة والعذاب المبين من جلادي عصر المسيح وجلادي كل عصر. لقد إحتفى الكتاب المقدس بالبسطاء والوضعاء إيما إحتفال ومازال. وكرَّس النبي أشعياء من القرن السادس قبل الميلاد أربعة أناشيد تصف ما سُمي في الكتاب المقدس بالعبد المتألم. (راجع)
وكما احتفي الكتاب المقدس بالعبد المتألم نكاية في ملوك وسلاطين هذا العالم الفاسد احتفى ايضًا بصُغرى بقاع الأرض موطئًا لقدميَّ يسوع المسيح نكاية في العواصم الكبرى مثل روما والقسطنطينية والاسكندرية التى كانت ومازالت موطئًا لمن يسمونهم عظماء وأصحاب السلطة على هذا العالم ويقول بولس الرسول مستهزءًا بروح العالم ”لأَنَّ الْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً، وَالْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً،وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا” (1 كو 1: 22-23).
إن الصبر وقوة الإحتمال لتفاهات هذا العالم تولد القدرة على إخضاع هذا العالم تحت أرجل المؤمن المتقي الله ولن نحلم بمجد سهل موروث عن الآباء والأجداد بل ميراثنا السماوى هو جَلَد وصبر وقوة إحتمال أبائنا وأجدادنا الذين إحتفظوا في كل الأوقات العصيبة بروح الله متقدة فيهم، تقويهم ولسان حالهم يقول مع المرنم ”إِنَّمَا هُوَ صَخْرَتِي وَخَلاَصِي، مَلْجَإِي، لاَ أَتَزَعْزَعُ كَثِيرًا.” (مز 62: 2(
إن سر حُب الله للإنسان يكمن في ملء هذا الإنسان بالثقة والقوة في قدرة الله التى تحول كيانه إلى أرض خصبة كما كانت بطن العذراء مريم مملؤة بالروح القدس والنعمة بعيدًا عن أين الطغاة والجلادين الذين لا يروا إلا الجسد المتهافت. فإلههم بطونهم كما يقول الكتاب إن تدبير الله الخلاصي يمر عبر السكون والصمت الذي يلوذ به المؤمن وتشي به الطبيعة الخلاّبة التي خلقها الله بكلمته ومازال يخلقها مع كل لحظة يختلج فيها قلب الكون من شمس وقمر ونجوم وحيوانات وطيور ونباتات وأشجار وملائكة تسبح بلا إنقطاع إله هذا الكون وحافظه ومتممه.
هذا الصمت الذي يسكن قلب وعقل الانسان المليء بالحماس والعشق للخالق يَصْعُب على عيون عالمنا الفاسد السيطرة عليه أو إخضاعه فيلتهمون الجثة التي تخبيء هذا الكنز. هذه الآنية الخزفية ظانين أن بإخضاعها وتعذيبها يفرضون سيطرتهم الكاملة على المؤمن.
إن قيامة المسيح المعجزية تسكن في هذا الجسد الهزيل فتحوله إلى مجرد بارافان فولاذي لا ينفذ منه ذرة إنكسار أو شك إلى القلب والعقل المليء بطاقة إيمانية جبارة هي طاقة القائم من بين الأموات.
عظيمة هي أعمالك يارب في قديسيك.