stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

صلاة فِعلُ التّكريس لقلبِ مريمَ الطاهر

353views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

23 مارس 2022 

كتب : فتحى ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر 

ننشر فيما يلي نص صلاة فِعل تّكريس البشريّة لقلبِ مريمَ الطاهر ولاسيما روسيا وأوكرانيا والتي سيتلوها قداسة البابا فرنسيس خلال تكريس روسيا وأوكرانيا وتسليمهما إلى قلب مريم الطاهر

يا مريم، أمَّ الله وأمَّنا، نلجأُ إليكِ في ساعةِ الضيقِ هذِه. أنتِ الأمُّ الَّتي تُحبُّنا وتَعرِفُنا: ولا يخفى عليكِ شيءٌ ممّا يُهمّنا. يا أمَّ الرَّحمة، لقد اختَبَرنا مراتٍ عديدة حنانَكِ وعِنايتَكِ، وحُضورَكِ الَّذي يُعيدُ السَّلام، لأنّكِ ترشِدينَنا دائمًا إلى يسوع، أميرِ السَّلام.

لكنَّنا أضعنا درب السَّلام. ونَسَينا دَرسَ مآسي الحربِ في القرنِ الماضي، وتضحِيَةَ الملايين الَّذين سقطوا في الحروبِ العالميّة. لقد تَجاهَلنا الالتزاماتِ الَّتي قطعناها على أنفسِنا كجماعة دوليّة، وخُنَّا أحلامَ الشعوب بالسَّلامِ وآمالِ الشَّباب. لقد أصابَنا الجَشَع، وحبَسنا أنفُسَنا في مصالحِ قوميّة، وسمَحنا بأن تُجففنا اللامبالاة، وتشلُّنا الأنانيَّة. فضَّلنا أن نتجاهلَ الله، ونتعايشَ مع أكاذيبِنا، وغذَّينا العِدوانَ، وَزَهَقنا الأرواح، وَجَمَّعنا الأسلِحة، ونَسَينا أنَّنا حُراسٌ لقريبِنا ولبيتِنا المُشترك. لقد مزَّقنا بستانَ الأرضِ بالحرب، وَجَرَحنا بالخطيئةِ قلبَ أبينا السَّماوي، الَّذي يُريدُنا أنْ نكونَ إخوةً وأخوات. وأَصبَحنا غيرَ مبالينَ إزاء الجميع وإزاء بكلِّ شيءٍ ما عدا أنفُسَنا. ولذلك نقول بِخَجَل: اغفر لنا، يا ربّ!

في بؤسِ خطيئتِنا، وفي تعبِنا وَضَعفِنا، وفي سرِّ ظُلمِ الشّرِ والحرب، أنتِ، أيَّتُها الأمُّ القدِّيسة، تُذكِّرينَنا أنَّ اللهَ لا يتخلَّى عنّا، بل ينظر إلينا بِمَحَبَّة على الدوام، وهو يريدُ أنْ يَغفرَ لنا وأنْ يُنْهضَنا من جديد. هو الذي أعطانا إياكِ، وجعلَ في قلبِكِ الطاهر ملجأً للكنيسةِ والبشريّة. وبفضلِ الصّلاحِ الإلهيّ، أنتِ معنا وتقُودينَنا بحنانٍ حتى في منعطفاتِ التاريخ الضيِّقة.

نلجأُ إليكِ إذًا، ونطرُقُ بابَ قلبِك، نحن أبناءَكِ الأعزّاء، الذين لا تتعبينَ أبدًا من زيارتِهم ودعوتِهم إلى الإرتداد. في هذهِ الساعةِ المظلمة، تعالي لِتُساعِدينا وَتُعَزِّينا. وَرَدِّدي لكلِّ واحدٍ منّا: “ألستُ أنا هنا، أنا أُمُّك؟”. أنتِ تعرفينَ كيفَ تُلَيِّنينَ جفاءَ قلوبِنا وتحُلِّينَ عُقَدَ عصرِنا. نضعُ ثِقتَنا فيكِ مجدّدًا؛ ونحن واثقونَ من أنّكِ لنْ ترفُضي تَضَرُّعاتِنا، لا سيَّما في لحظةِ المحنة، وستأتينَ لِمُساعدتِنا.

هكذا فعلتِ في قانا الجليل، عندما سرّعتِ ساعةَ تدخّلِ يسوع، وكنتِ السببَ في أُولَى آياتِه في العالم. عندما تحوَّلَ العرسُ إلى حزن، قلتِ له: “لَيسَ عِندَهم خَمْر”. كرِّري ذلكَ لله مرةً أخرى، أيتها الأم، لأن اليوم أيضًا قد نَفَدَتْ لدينا خَمْرُ الرجاء، وزال الفَرح، وانحلّت الأُخوَّة. لقد فَقَدنا الإنسانيّة، وَدَمَّرنا السَّلام. وأَصبَحنا قادرينَ علَى ارتكاب جميع أشكال العنف والدمار. ونحن بحاجةٍ ماسة إلى تَدَخُّلِكِ الوالديّ.

اقبلي، إذن، أيتها الأم، ابتِهالَنا هذا.

أنتِ، نجمةَ البحر، لا تَترُكينا نغرقُ في عاصفةِ الحرب.

أنتِ، تابوتَ العهدِ الجديد، ألهِمينا أفكارًا ودروبًا لِلمُصالَحة.

أنتِ، “أرضَ السَّماء”، أعيدي انسجامَ اللهِ إلى العالم.

أَطفِئي الكراهية، وهدِّئِي فينا الانتِقام، وَعَلِّمينا المغفرة.

حرِّرينا مِنَ الحرب، واحفظي العالمَ مِنْ خطرِ السِّلاح النَّووي.

يا سلطانة الوَردِيّة المقدّسة، أَيقِظي فينا الحاجةَ إلى الصَّلاةِ والمَحَبَّة.

يا سلطانة العائلة البشريَّة، أظهري للشعوب درب الأُخوَّة.

يا ملكةَ السَّلام، امنحِي السَّلام للعالم.

لِيُحَرِّكْ حُزنُكِ أيها الأمُّ قلوبَنا المتحجرة. ولتجعل الدُموعُ الَّتي ذَرَفتِها من أجلِنا هذا الوادي يُزهِرُ مجدّدًا بعدَ أنْ جفَّ بسببِ كراهِيتِنا. وفيما لا يزال ضجيجُ الأسلحةِ يدوي، لتُعدُّنا صلاتُكِ للسَّلام. ولتلمس يداك الوالديَّتان بحنان جميع الَّذينَ يتألّمونَ ويَهرُبونَ تحتَ وطأةِ القنابل. ولِيُعَزِّ عِناقُكِ الوالديّ جميع الَّذينَ أُجبِرُوا على تركِ بيوتِهم وبلدِهم. ولِيُحرّك فينا قلبُكِ المتألِّمُ الرَّحمة، ولْيَدفَعْنا لكي نفتحَ الأبوابَ ونعتَنِي بالإنسانيّةِ الجريحةِ والمهمّشة.

يا والدةَ الله القدِّيسة، بينَما كنتِ عند أقدام الصَّليب، ورأىَ يسوعُ التلميذَ بِجانِبِكِ، قالَ لكِ: “هذا ابنُكِ”: وهكذا أَوكَلَ إليكِ كلَّ واحدٍ منا. ثمَّ قالَ للتلميذ، ولكِلِّ واحدٍ منا: “هذِهِ أُمُّكَ”. أيتها الأُمُّ، نحن نريدُ الآنَ أنْ نَستَقبِلَكِ في حياتِنا وتاريِخِنا. في هذهِ السّاعة، تقف مَعَكِ البشريّة المُنهَكَةُ والمذهُولَة، عند أقدام الصَّليبِ. وتحتاجُ أنْ تَكِلَ نفسَها إليكِ، وأنْ تَتَكَرَّسَ للمسيحِ من خلالِك. إنَّ الشَّعبَ الأوكراني والشّعبَ الرُّوسي، اللذين يُكرمانك بمحبة، يلجآنِ إليكِ، فيما يَخْفِقُ قلبُكِ من أجلِهما ومن أجلِ جميع الشُّعوبِ الَّتي يُدمِّرها الحربُ والجوعُ والظلمُ والبؤس.

لذلك، يا أمَّ الله وأمنا، نحن نَكِلُ ونكرِّسُ ذواتنا والكنيسةَ والبشريّةَ جمعاء، ولا سيَّما روسيا وأوكرانيا، إلى قلبِكِ الطاهر. اقبلي هذا الفعل الذي نقوم به بثقةٍ وَمَحَبَّة، واجعلي الحربَ تتوقَّف، وأَعطي العالمَ السَّلام. إنَّ الـ “نَعَم” التي انبعثت من قلبِك، قد فتحت أبوابَ التاريخِ لأميرِ السَّلام. ونحن نثق أنَّ السَّلامَ سيأَتي مجدّدًا بواسطة قلبك. لذلك، نكرِّسُ لكِ مُستَقبَلَ العائلة البشريّةِ بأسرِها، واحتياجاتِ وانتظارات الشُّعوب، ومخاوفَ العالم وآمالَه.

لِتَنسَكِبْ من خلالِك، الرَّحمةُ الإلهيّةُ على الأرض، فتعود نَبضاتُ السَّلامِ العذبِ تُنظِّمُ إيقاعَ أيامِنا. يا امرأة الـ “نَعم” التي حلَّ عليها الرُّوحُ القدس، أَعيدي إلينا انسِجامَ الله. واروي جفافَ قلوبِنا، أنتِ “ينبوعُ الرَّجاءِ الحَيّ”. أنتِ التي نَسَجتِ بشريّة يسوع، اجعلينا صانعي شَرِكَة، وأنتِ التي سِرتِ على دروبنا، أرشِدينا على دروب السَّلام. آمين.