ضرورة التوبة والتينة التي لا تثمر
تأمل الأحد ٤ نوفمبر / كانون الأول ٢٠١٦
” ضرورة التوبة والتينة التي لا تثمر ” ( لوقا ١٣ : ١ – ٩ )
عندما نقرأ هذا المقطع من الإنجيل المقدّس نرى في القسم الأول حادثتان مؤسفتان راح ضحيّتهما أشخاص كثيرين .
نتسأل ؟
من المسؤول الله أم الإنسان ؟
أين هو الله من من هذه الأحداث والكوارث المفجعة ؟
بل ، أين نحن من الله ؟
الإيمان ضروري لفهم احداث كهذه ، والتوبة هي الأساس . إن مشكلة الألم هي مشكلة واجهت البشر في كل زمان و مكان ، والسؤال هنا : لماذا يتألّم هؤلاء ويموتون وهم يعملون خيراً أي يقدّمون ذبائح ؟
لم يقدّم يسوع تفسيراً لهذه الحادثة أو تلك ، فالله غير مطلب بأن يقدّم لنا تفسيراً عن كل حادثة . فالطبيب الماهر لا يشرح لمريضه تفاصيل العمليّة الجراحيّة التي سيقوم بها . يكفي المريض ثقته في طبيبه ، ونحن ، كأولاد الله يكفينا أن نعلم أننا في يده ، هو الضابط الكل ، القوي ، وأولاً وأخيراً هو ابونا ولا يتركنا أبداً ، وإذا سمح بأي حدث ستكون نتيجته للخير لا للشر . فالله صانع خيرات وليس إله كوارث . يقول القدّيس بولس في رسالته إلى أهل رومة : ” إننا نعلم أنّ جميع الأشياء تعمل لخير اللذين يحبّون الله ” ( رومة ٨ : ٢٨ ) . ونحن لا يحقّ لنا أن نحكم على أن الآخرين مخطئين بالضرورة إن وقعوا تحت الآلام ، وأن نقول أن الأصحاء والأغنياء هم ابرار ، وإلاّ لما مات المسيح نفسه وصُلب عنّا وهو البار . وبالتالي يجب أن لا نهتم بخطايا الآخرين ، بل أن نهتم بخطايانا ونتوب عنها . ولذلك يكرّر السيد المسيح قوله مرتيّن : ” إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ” .
امّا مثل التينة يرمز إلى الإنسان المسيحي المزروع بسر المعموديّة في الكنيسة المقدّسة التي يرعاها الله ، فهو الكرّام الذي يهتم بكرمه . وعلى كل إنسان مسيحي أن يقدّم لله ثمار أعماله الصالحة ، وإلاّ عرّض نفسه للهلاك . فالله رحوم وغفور يمنح الإنسان الفرص والوقت الكافي لكي يعمل ويأتي بثمار من خلال التوبة والندامة والرجوع عن الضلال إلى الحق .
ولكنّ الله عادل أيضاً . يقول أحد أباء القديسين : ” إن الله يدين الإنسان حسب مبدأين : الرحمة والعدل . فإن كان يريد أن يُطبّق عدله فقط ، فما من أحد يخلُص . وإن عامل برحمة فقط ، تعمّ الفوضى والخطيئة على الأرض . إذاً الله يحاسب بحسب رحمته وعدله معاً . ولكن يوم الدينونة رحمته تتغلّب على عدله ” .
هذا المثل هو إنذار لنا نابع عن قلب الله ، وبشرى ساره أيضاً عن رحمته وحنانه تعالى .
فلنثق برحمته ثقة كاملة ، ولنخَف عدله الإلهي خوفاً شديداً. فإن الثقة والخوف يتكاملان في قلبنا ويحملاننا على أن نعيش الحياة المسيحيّة الحقّة ونأتي بثمار شهيّة تفتح لنا أبواب السماء .
فلنتضرّع إلى العذراء مريم طالبين شفاعتها ، لكي نُدرك عطايا الله ومواهبه ونعمه لنا ، فنّثمر ثماراً طيبة في حياتنا ، ومن ثمارنا يعرف العالم بأننا تلاميذ المسيح .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك