stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عقائدية

عقيدة المطهر- الجزء الثاني / ناجي كامل

1.4kviews

porعقيدة المطهر- الجزء الثاني / ناجي كامل

خامسا: ” العقيدة في التقليد الآبائي  “

– تقليد الأباء مليء بالأقوال التي تؤيد عقيدة المطهر والتي لم تكن غريبة عليهم لأنهم كانوا على مستوى وعي بما فيه الكفاية أقله فيما كانوا يمارسوه من طقوس أو ما يقولوه من أقوال وهذه بعض الأقوال : 

* أوريجانوس :  مثلاً الذي عاش في القرن الثالث وضح تماماً في تقريره أن الراقدين يصلّون من أجل الأجيال اللاحقة (تفسيره على رسالة رومية 4:2). فهو يقول ” إن جميع أولئك الناس الذين غادروا هذه الحياة يحتفظون بمحبتهم لأولئك الذين تركوهم تحت، ويكونون مشغولي البال على سلامتهم، ويساعدونهم بصلواتهم وتشفعاتهم إلى الله.

* القديس كبريانوس أسقف قرطاجة : يقول بأن التائبين الذين ماتوا بعد أن غفرت خطاياهم، يجب عليهم أن يؤدوا في الحياة الأخرى ما تبقى عليهم من التعويض المفروض، بينما الشهادة هي بمثابة تعويض كامل وواف. “ليس بيان غسل النفس من الخطايا عذاب أليم طويل والتطهير بالنار وغسل النفس من الخطايا بشهادة الدم” 

* القديس كبريانوس سنة 252 م  فى رسالته ( الرسالة 5:56) إلى البابا الروماني كورنيليوس في منفاه قائلاً: “فلنتذكر بعضنا بعضاً، ولنصل دائماً من أجل بعضنا البعض… إن كان أي واحد منا – عن طريق سرعة التفضل الإلهي – ينتقل من هنا في الأول، فلتستمر محبتنا أمام الرب، فلا تتوقف صلواتنا من أجل إخوتنا وأخواتنا في حضرة رحمة الله” 

* القديس أغسطينوس 430-354 :- يميز بين العذابات الزمنية التي يجب أن تعانيها في هذه الحياة والعذابات الزمنية التي يجب أن تعانيها بعد الموت فيقول : بعض الناس لا يعانون العذابات الزمنية إلا في هذه الحياة، وبعضهم بعد الموت فقط، وغيرهم في هذه الحياة وبعد الموت. إلا أنهم جميعاً يقفون بين يدي هذه المحكمة الصارمة ” مدينة الله”ويلخص اغسطينس إنه لا ينبغي أن نرتاب أبداً في أن صلوات الكنيسة المقدسة والذبيحة الإلهية، والصداقات تسعف المنتقلين الذين تقدم لأجلهم، لكي يكثر لهم الرب رحمته، غير ناظر إلى ما استحقته خطاياهم هذا ما سلمه إلينا الأباء وتحفظه الكنيسة عموماً .

* أمبروسيوس أسقف ميلانو بإيطاليا:  يقول “كما يخلص من يمر في النار”. نفهم منه أن هذا الإنسان سيخلص ولكن بعد أن يقاسي ألم النار . فعندما يتطهر بهذه النار يخلص ولا يعذب مع الكافرين في النيران الأبدية.

* القديس يوحنا فم الذهب: 347 –407 يقول بأن إقامة الذبيحة الإلهية من أجل الموتى المؤمنين شريعة تلقتها الكنيسة مباشرة عن الرسل يقول “ليس من العبث أن الرسل أحلوا وجوب مباشرة الأسرار الرهيبة تذكاراً للذين انتقلوا من هذه الحياة محل الشريعة .

* القديس كيرلس الأورشليمي 315 – 386 يقول: أننا نصلي لأجل جميع الذين كانوا معنا أحياء اعتقاداً منا أن لذلك فائدة عظيمة لتلك النفوس التي نُقدم الابتهالات لأجلها، إذ تقام الذبيحة المقدسة الرهيبة”. 

* أوسابيوس القيصري المؤرخ الكنسي 265 – 340 يقول:”  في كتابه سيرة الملك قسطنطين بأن الذبيحة قد قدمت من أجل راحة نفس هذا الملك، في كنيسة الرسل كتاب الأعمال الرسولية : يخبرنا بأن الصلوات والذبائح والتقادم التي تصنع لأجل الموتى تفيدهم لنيل ومغفرة خطاياهم ودخول السعادة الأبدية فيقول موصياً: ” لنصلّ من أجل أخوتنا الذين رقدوا في المسيح، لكي يغفر الرب، الكثير الرحمة، للميت الذي استلم نفسه كل خطاياه، ويسكنه بصلواتنا في ديار الأحياء إلى الأبد” 

الخلاصة :- عقيدة المطهر واضحة في أقوال الآباء بل وفي ممارستهم العملية للذبيحة وللصلوات التي في اعتقادهم وإيمانهم تفيد المنتقل الذي لا يحمل في ذاته خطيئة الموت لجهنم بل الذي هو بار ولكنه مثقل ببعض الهفوات والشوائب.    

سادسا : عقيدة المطهر في الطقس

نحن نعلم أن الكنيسة الكاثوليكية غنية جداً بالطقوس و بما أننا أقباط ونفخر بطقسنا القبطي وكنيستنا القبطية فنكتفي بأن نتبع في طقسنا القبطي وجود المطهر. + في أغلب الطقوس المختلفة نجد تخصيص صلاة لأجل الموتي: 

+الليتورجيا اللاتينية: [1 نوفمبر] في هذا اليوم من كل عام يقام القداس الإلهي خصيصاً لأجل الموتى، ويذكر الكاهن قداسه قائلاً:”أذكر يا رب أخوتنا الذين رقدوا على رجاء القيامة وجميع المتوفين في رحمتك، اجعلهم يتعمون بنور وجهك البهي”.

+ الليتورجيا القبطية( كاثوليك وارثوذكس) جاء في صلاة الترحيم بعد مجمع القديسين:”أولئك يا رب الذين أخذت نفوسهم نيّحهم في فردوس النعيم في كورة الأحياء إلى الأبد.. “.

+ أولاً أوشية الراقدين:  والتي تقول “…. أذكر يا رب نفوس عبيدك آبائنا وأخواتنا الذين رقدوا” فما معنى أن نطلب من الله أن يذكر الراقدين؟ فإذا كنا نصلي وصلاتنا لا تفيدهم فلماذا نصلي؟ والحقيقة أننا نصلي لأننا لدينا ثقة كبيرة بأن صلاتنا تستجاب، فنحن نطلب ونصلي. “تفضل يارب نيح نفوسهم جميعاً في أحضان آبائنا القديسين اللهم تفضل عبيدك المسيحيين الأرثوذكسيين الذين في المسكونة كلها من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب كل واحد باسمه وكل واحدة باسمها ، يارب نيحهم واغفر لهم …”  (الخولاجي المقدس- مكتبة المحبة) . ما معنى هذه الصلاة لموتى لا تفيدهم صلاتنا ؟ ما معنى أن نطلب من الله أن ينيحهم ويغفر لهم خطاياهم في كل المناسبات . 

+ في ساعة صلاة الجناز، والثالث ، والأربعين، والذكرى السنوية أليس هذا لاقتناع الكنيسة بأن هذه الصلاة فعالة وتنتج ما تقوله. في صلاة القنديل (مسحة المرضى) ص 149 كتاب صلوات الخدمات في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – مكتبة المحبة في عهد البابا كيرلس السادس يقول النص: “كل الأنفس المتضايقة أو المقبوض عليها أعطها يارب رحمة، أعطها نياحاً، أعطها برودة أعطها نعمة، أعطها معونة، أعطها خلاصاً أعطها غفران خطاياها وأثامها.نسأل الآتي: ما معنى هذا النص؟ وماذا يقصد بالأنفس المتضايقة أو المقبوض عليها؟ هل المأسورين في الحروب أم مأسورين للشيطان أم للمرض؟ ربما فعلاً يكون هذا ولكن ما معنى “أعطها نياحاً”، “أعطها برودة”. فهل الواقعين تحت المرض أو السبي للشيطان أو في ضيق ما نطلب لهم النياح والبرودة عوضاً أن نطلب لهم الخلاص والإنقاذ. وهنا نرى المتضايقين والمقبوض عليهم هم الأنفس المقبوض عليها في المطهر، وهذا يتفق مع ما جاء في (مت 25:5، 26 ولو 58:12و59) وخصوصاً بالتعبير: فستُلقى في السجن. الحق أقول لك إنك لن تخرج منه، حتى تؤدي آخر فلس. فالمطهر في هذا التشبيه هو بمثابة السجن والأنفس المطهرية تعتبر سجينة ولذلك فهي متألمة ومتضايقة.. وإن كان هذا التفسير غير مقبول فهل نجد معنى آخر لهذا الجزء!! 

+كما جاء في كتاب الخولاجي المقدس، في قداس القديس باسيليوس بعد التقدمة” أذكر يا رب عبدك فلان ومُر له بموضع النياح والراحة والبرودة في مساكن القديسين في حضن آبائنا القديسين ابراهيم واسحق ويعقوب في فردوس النعيم”.

+ نفس المرجع السابق جاء في نهاية الجناز ما يلي:هذه النفس التي اجتمعنا بسببها يا رب نيحها في ملكوت السماوات, افتح لها يا رب أبواب السماء واقبلها إليك كعظيم رحمتك افتح لها يا رب باب البر لكي تدخل وتتنعم هناك, افتح لها يا رب باب الفردوس كما فتحته لذاك اللص, افتح لها يا رب باب الملكوت لتشارك جميع القديسين … اغفر لها خطاياها التي سبقت فصنعتها بغير معرفة وبمعرفة …

+ نفس المرجع السابق في جناز الرجال الكبار: وان كان صنع شيئاً من الخطايا مثل البشر اغفر له وسامحه وليعبر كافة أماكن قصاصه لأنك لم تخلق الإنسان للفساد بل للحياة نيحه في ذلك الموضع.

+ صلاة الترحيم: بعد أن ينتهي الشماس من مرد القارئون فليقولوا… يبدأ الشعب المرد كالآتي: المجد لك يارب يارب ارحم. يارب ارحم يارب باركنا يارب نيحهم آمين “وهذا المرد كما نرى خاص بالترحيم على الراقدين وليس خاصاً بقديسين المجمع كما يفهم البعض. هو مرد للترحيم وليس مرداً لمجمع القديسين”. وبالتحليل المنطقي لهذا المرد نستطيع أن نقول: “لو كان هذا المرد خاصاً بقديسين المجمع لما قلنا في آخره عبارة “يارب ارحم” لأنه كيف نقول هذا عن قديسين اعترفت الكنيسة بقداستهم ووصولهم إلى أعلى مراتب النياح والراحة والسعادة في فردوس النعيم أسماؤهم في مجمع القديسين لتشفع فيهم” وهنا نلاحظ أن هناك قديسين اعتمدت الكنيسة قداستهم، فعلى أي أساس أعلنت واعتمدت قداستهم إن لم تكن السماء أعلنت ذلك بدينونة خاصة وفي الآن ذاته نفهم أن هناك نفوس راقدين مازالت الكنيسة تصلي من أجلهم ولم يحدد موقفهم بعد. ثانياً لو كان هذا المرد خاصاً بالمتنيحين حديثاً فلا تقول في أوله “بركتهم المقدسة فلتكن معنا آمين” لأنه كيف نطلب بركة إنسان تنيح حديثاً لم تعرف الكنيسة مصيره بعد، ولم تعترف الكنيسة رسمياً بقداسته، ثم كيف نعمل له الترحيم طالبين له النياح ثم نطلب بركته وصلواته في نفس الوقت، وهنا يظهر التناقض، وتكون النتيجة الصحيحة كالآتي: أن هذا المرد خاص بالمراحم على المتنيحين حديثاً بدليل وروده في الخولاجيات بعد الترحيم وليس بعد المجمع مباشرة، والدليل الآخر هو عدم وجود عبارة “بركتهم المقدسة فلتكن معنا آمين” في الخولاجيات القديمة مخطوطة ومطبوعة.

  ” يعترف أولاً بوجود  دينونة عامة حتى نستنتج  وجود دينونة خاصة ”    

لأنه لكي تصبح هناك دينونة عامة فلابد من وجود دينونة خاصة. ومن ناحية أخرى فالصلاة للمتنيح بين الدينونة الخاصة والعامة مهمة جداً للمتنيح لاستمرار رحمة الله على هذا المتنيح وهذا ما نفهمه أيضاً عندما يقول : لوفاء الدين الذي علينا نحو الراقدين، إذ أن الله يأمرنا أن نصلي لأجل بعض” 

+” القديس ديونسييوس “إن صلوات القديسين تنفع الراقدين إن كانت خطايا المتوفي حقيرة فقد تجد منفعة بما يعمل بعده . وإن كانت باهظة ثقيلة فقد أغلق الله الباب في معناه” وفي هذا القول نجد إجابة واضحة جداً عن أهمية الصلاة لأجل الراقدين إذا كانت خطاياهم عادية أو بسيطة. ولكنها لا تفيد إذا كانت خطاياهم ثقيلة للموت. 

خلاصة : وهذا ما تقوله وتؤمن به الكنيسة الكاثوليكية عن المطهر  وهي :أ – وجود الدينونة الخاصة والعامة والفترة بينهما هي فترة صلاة الكنيسة لأجل المتنيح.ب – وجود تفاوت بين الخطايا العرضية والثقيلة أو المميتة.جـ – من كل هذه الشهادات، الكتاب المقدسة، تعاليم الآباء، التقليد الكنسي، نسطيع القول بأن المطهر عقيدة إيمانية تلزم المسيحيين الإيمان بها.

 أربعة ملاحظات هامة:

1- جميع الحقائق الإيمانية الفائقة الطبيعة” التجسد والثالوث…”لا يمكن إخضاعها تحت البرهان العلمي ومقاييس الزمان والمكان.

2- الألم الذي نعاني منه نتيجة تغلغل الخطيئة والصراع معها هو ألم مُطهر لذلك يمكن أن نقول أن المطهر يبدأ من على الأرض وسوف يكتمل بعد الموت حتى يوفي العدل الإلهي.

3- المطهر نتيجة حب الله العظيم لنا.. فهو ألم إختياري يدفعني إليه حب الله لي ورغبتي في الاتحاد به.

4-الله خارج حدود الزمان والمكان.. ومن ثم لا يمكن في كلامنا عن المطهر أن ندرج زمان ومكان التطهير. 

صلاة الترحيم هي الصلاة التي يطلب فيها الكاهن الرحمة لمن فارقوا الحياة من المؤمنين، سواء كانوا من الإكليروس أو من الشعب

. وفي صلاة الترحيم يذكر الكاهن الكنيسة المعذبة في المطهر ، وهي جماعة المؤمنين الذين فارقوا الحياة الدنيا، وهي في حالة النعمة إلا أنه لا يزال عليهم للعدل الإلهي بعض الديون لم يوفوا عنها بعد ، بنوع كاف .لايمكن لليأٍس أن يتطرق بحال إلى النفوس المطهرية، لأنها على رجاء وطيد من أمر خلاصها . إلا أن ذلك لا يمنعها من الشعور بالحنين، بل بالشوق المذيب إلى مشاهدة الله والاتحاد به الاتحاد الكامل الذي تنشده وتتمناه بكل قواها، الأمر الذي يسبب لها آلاماً مبرحة. وما نجده من صلوات ومصطلحات في كتاب الجنانيز أو كتاب السجدة التي تتلى في ختام الخمسين والتي تعبر عن عقيدة المطهر مثل “نياحاً وراحة لأنفس الراقدين” هذه العبارة مع وضع البخور . 

 

سابعا : المحاور الرئيسية التي يبنى عليها المطهر 

حقيقة المطهر تبنى على ثلاث حقائق رئيسية وهي :- 

 أ – التمييز بين إثم الخطيئة أو وصمة الخطيئة وبين عقابها وقصاصها 

 قد يبدو لنا لأول وهلة أن هذا الأمر غريب أن يكون هناك فارق بين الإثم والخطيئة ، وعقابها أو قصاصها.أو بمعنى آخر وصمة الخطيئة شيء وعقابها شيء آخر . 

فإذا كانت الخطيئة مميتة وتاب عنها صاحبها توبة صادقة، غفرت له الخطيئة ، وأزيلت وبالتالي وصمتها ، وما ترتب عليها من عقاب أبدي. “إن المنافق إذا تاب عن جميع خطاياه التي صنعها ، وحفظ جميع رسومي وأجرى الحكم والعدل ، فإنه يحيا حياة ولا يموت وجميع معاصيه التي صنعها لا تذكر له، وببره الذي صنعه يحيا” حز 21:18-22 “لا تذكر له معاصيه” من حيث وصمة الخطيئة وعقابها الأبدي ، وأما العقاب الزمني ، وهو بمثابة تأديب فلا مفر للتائب من احتماله، كتعويض عن الخطيئة  ملحوظة هامة جداً :- في العهد الجديد قد لا يستخدم كثيراً كلمتى العقاب والتعويض ولا يكون هذا العمل يُسمى ويُطلق عليه عقاب على خطيئة أو تعويض على خطيئة كما نجدها في العهد القديم ولكن نستطيع أن نقول لا كعقاب أو تعويض وإنما هي ثمار للتوبة ومشاركة للمسيح في الآلام . – في افتتاحية العهد الجديد ونهاية العهد القديم كانت الرسالة على لسان المعمدان وهي : “قال لهم يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي . فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة ، ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أباً . لأني أقول لكم أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم …. ” مت 7:3-9 في هذا المقطع نجد أن يوحنا المعمدان في حالة غضب من هؤلاء والدليل على ذلك هو إطلاقه لقب أولاد الأفاعي عليهم والتي كانت ترمز للشيطان والهرب من الخوف أو أفعالهم السيئة والتي أثارت غضب ليس النبي فقط ولكن الله أيضاً فيوحنا يقول لهم لا تهربوا من غضب الله القادم عليكم بقدوم المسيح ليدين الخطيئة يطلب يوحنا ثمراً من هؤلاء كعلامة كصدق عن توبة حقيقية . يوحنا لم يدع لهم فرصة للاحتجاج على أساس أنهم أولاد إبراهيم لأنها كفرصة للهرب أو للافتخار لا داعي لذلك. 

– ونجد يوحنا في لو 10:3-14 عن ماذا يصنع الإنسان التائب توبة حقيقية وكثمرة صالحة لشجرة صالحة. والسيد المسيح نفسه عندما بدأ رسالته بدأها على منوال يوحنا المعمدان فنادى بأعلى صوته قائلاً “توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات ” مت 17:4. والحدث الأهم أيضاً والواضح أع 13:9-16 قصة اهتداء شاول الطرسوسي الذي اصبح القديس بولس ونأتي في الجزء الذي فيه يعترض حنانيا على هذا الأساس “فأجاب حنانيا يارب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم الشرور فعل بقديسيك في أورشليم ، وها هنا له سلطان من قبل الكهنة أن يوثق جميع الذين يدعون باسمك فقال له الرب أذهب لأن هذا لي أناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل . لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم من اجل اسمي ” أعمال الرسل 13:9-16. حنانيا يعترض على بولس على أنه رجل ماكر وصنع الشر وخاصة بالرسل وتلاميذ الرب ولكن جواب الرب عليه كأنه يقول له بمقدار ما تسبب في آلام الكنيسة بهذا المقدار وأكثر سيتحمل لأجل الكنيسة كتعويض ، كتكفير، كمشاركة، كثمرة وهذا ما جعل بولس الرسول يقول فيما بعد “أتمم في جسدي ما ينقص من آلام المسيح في جسده الذي هو الكنيسة ” وجعله يقول إن لم نشاركه الآلام لم نشاركه المجد ” وهذا الحدث يأخذ قيمته لأنه حدث بعد صعود المسيح إلى السموات يعني لم في بدأ رسالته ولا أثناء التبشير ولا قبل موته وقيامته ولكن بعد صعوده قال هذا الكلام لتلميذه حنانيا. وأثناء حياة المسيح أيضاً يذكر لنا القديس يوحنا 1:8-11 قصة المرأة التي أمسكت في ذات الفعل ووجدت عذاباً من الكنيسة والفريسين، وعندما جاءت إلى يسوع ولم يرد أن يدينها ولم يتركها لهم ليرجموها ولكن في نهاية كل شيء قال لها تعبيراً وهو ” … أذهبي ولا تخطيئي أيضاً” يو11:8. وكأنه يقول لها كل ما حدث لك من عذاب إنما هو نتيجة الخطيئة فلا تعودي إليها مرة ثانية. وكثيراً ما كان يقول المسيح لأشخاص مرضى أو معذبين بأرواح شريرة : “لا ترجع وتعمل الخطيئة بعد” كأنه يقول أن كل هذا هو نتيجة أو عقاب زمني لما تصنعه من الخطايا. أليس هذا أيضاً موجود في ضمير أبناء الكنيسة في عصرنا الحالي . إذ بعد أن يتوبوا عن خطاياهم وينالوا نعمة الحياة الجديدة وتصادفهم حادثة أو موقف غير مرضي تسمع منهم هذا القول أنا مبسوط وسعيد جداً وشاعر بسلام رغم كل ما يحدث الآن بل وأكثر من ذلك لأنه يساعدني على التفكير في التعويض عما فعلته. 

الخلاصة : فإذا كان الإنسان لم يستطع أن يكفر عن خطاياه المغفورة أو عن هفواته قبل موته بالصلاة والصوم وممارسة الأسرار والأعمال الصالحة واحتمال آلام الحياة فلابد من معاناة ومقاساة عذابات المطهر ليفي إيفاء كاملاً عن خطاياه قبل دخوله السماء.

ب –المحور الثانى :هناك الخطيئة الثقيلة وهي المميتة أي التي أجرتها موت والتي لا مغفرة لها في المطهر أو وغيره ولكن هناك خطيئة ليست للموت هذه هي الهفوات والشوائب والتي تغفر في المطهر . 

جـ – المحور الثالث من بناء المطهر وهو حقيقة الدينونة الخاصة بعد الموت 

هذا المحور الثالث في عقيدة المطهر ولا يقل أهمية عن المحورين السابقين وهذه الحقيقية موجودة طقسياً كما رأينا وكما سنرى فنجد في رسالة العبرانيين الآتي :- “وكما وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة” عبر 27:9 ففي هذه الآية نجد أن الموت طبيعي لكل البشر ولكن بعد الموت مباشرة توجد دينونة لنفس المتنيح. والكنيسة المقدسة تعتقد بوجود قديسين في السماء وتحتفل بأعيادهم وهذا يدل على أنهم وجدوا أبراراً صالحين بعد الموت وهذه البرارة لم تقرر إلا بعد حكم الدينونة وإلا فكيف دخلوا ملكوت السموات؟ على أي أساس تبني الكنيسة حكمها هذا على أن فلان قديس ويجب إكرامه في العبادة ؟ هل هو حكم الكنيسة من نفسها ؟ أم أنه وُجد هكذا قدام الله عن طريق الدينونة وهل نحن نقدس أشخاص الآن وبعد ذلك نجد أنهم ليسوا قديسون فماذا هذا التشويه فلابد إذاً من وجود دينونة خاصة للنفس وفيها يعلن الله أو السماء أو عن طريق القديس ذاته قداسته. والكتاب المقدس يعلمنا أن أبراراً نالوا السعادة والأشرار ذهبوا إلى العذاب الأبدي قبل الدينونة العامة فلابد أن تكون هناك دينونة خاصة وهذا ما نجده في مثل الغني ولعازر والكل يعرف هذه القصة ولكن الشيء الذي يصفه الوحي أمام أعيننا حتى لا ننسى هذه العقيدة وهي الدينونة الخاصة هو : “فمات المسكين فحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم ومات الغني أيضاً ودفن ورفع عينيه في الهاوية وهو في العذاب ورأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه فنادى وقال يا أبي إبراهيم ارحمني وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء فيبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب فقال إبراهيم يا ابني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن وهو يتعزى وأنت تتعذب …فقال أسألك يا أبت أن ترسله إلى بيت أبي لأن لي خمسة أخوة حتى يشهد لهم لكي لا يأتوا هم أيضاً إلى موضع العذاب هذا” لو 22:16-31. 

في هذا النص نجد الآتي :- شخص غني عاش في غناه ومات وذهب إلى جهنم لأنه كان أنانياً ومحباً لذاته. ونجد أيضاً شخص فقير ورغم فقره ومعيشة فقره فهو حافظ على إيمانه وثقته بالله رغم العذاب والشقاء فذهب إلى السماء. نجد إبراهيم أبو كل المؤمنين شاهداً على كل ما يحدث أو يبدو أن الحوار كان مع اليهود للذين كانوا يفتخرون بأنهم أبناء إبراهيم فإبراهيم نفسه شاهداً عليهم في يوم الدينونة ونجد أيضاً أخوة الغني الذي يخاف عليهم أخوهم وهو في الجحيم أو جهنم فيريد أن يرسل لهم رسول من السماء حتى يسلكوا بما يرضي الله. ومن هنا نفهم أن هناك دينونة خاصة لكل إنسان بعد مماته فالغني في الجحيم والفقير في السماء والأخوة في الأرض عائشين في الدينونة الخاصة لكل إنسان بعد رحيله من هذا العالم والدينونة العامة بعد رحيل كل الناس وجميع الناس لهذا فهي عامة وفي الدينونة الخاصة يتقرر مصير كل إنسان فوراً ويجازا أو يدان حسب أعماله. والمثل الآخر : مت 45:24-51 مثل ولي الأمر الأمين فإذا جاء سيده وجده في حالة سكر الخطيئة وفي حالة نوم من الكسل والتراخي فسمع الكتاب يقول عنه: “فإن سيد ذلك العبد يأتي في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعلمها ويفصله ويجعل نصيبه مع المرائين هناك يكون البكاء وصرير الأسنان ” مت 51:24 فبمجيء سيده يوم سيده يوم الرب ويقصد به يوم الدينونة العامة ولكن هنا يقصد به يوم أن ينتقل الإنسان من هذا العالم فيكون حسابه مع الأبرار أو مع الأشرار كما يقول هذا : “طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل الحق أقول لكم أنه يقيمه على جميع أمواله” رو 46:24-47. إن مصير الإنسان الصالح والشرير يتقرر بعد الموت فوراً دون ما حاجة إلى يوم الدينونة العامة معنى ذلك أن هناك دينونة خاصة غير الدينونة العامة تتبع الموت مباشرة .

– في مر 34:13-37 في هذا المثل يشبه يسوع نفسه بمجيء رب البيت الفجائي فيقول : “كمثل رجل سافر وترك بيته وأعطى عبيده حق التصرف كل واحد في عمله وأوصى البواب بالسهر فاسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت في المساء أم في منتصف الليل أم في الصباح لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياماً وما أقوله لكم أقوله للجميع اسهروا ” 

الهجعات ترمز إلى مراحل عمر الإنسان المختلفة من طفولة، صبا، شباب، كهولة. كما أنها ترمز في الآن ذاته عن الأزمنة المختلفة في الفجر أو الصباح أو المساء أو في منتصف الليل ومجيء المسيح هذا بطريقة شخصية مجيء يطلب الحساب لأنه يقول اعطني حساب وكالتك كما جاء في لو2:16 وأما أن تكون أمين في حياتك لتنال الإكليل وتعطي أو ترفع المسؤولية أكبر. “لأنه الأمين في القليل أمين أيضاً في الكثير” وإما أن تكون غير أمين وتصبح حقير ترفع وتجرد من كل مسؤولية وتلقى في جهنم. “لأنه الغير أمين في القليل غير أمين في الكثير” وهذه الأمانة أو عدم الأمانة تحدد بالدينونة والحساب بطريقة شخصية وفي هذا المثل يدعو السيد المسيح الجميع للسهر والاستعداد لأنه غير معروف من الذي يأتي عليه الدور أو بمعنى أو بمعنى آخر يطلب من الجميع السهر والاستعداد حتى لا تكون هناك وصرير الأسنان . ** كل هذه الآيات وهذه الأمثلة إنما تخرج منها بفكرة واحدة ومنظمة وهي حقيقة الدينونة الخاصة للإنسان المتنيح مباشرة بعد موته ويدان حسب أعماله ويحدد مصيره بطريقة شخصية أو فردية إما جهنم إما السماء إما المطهر 

اذن  الدينونة الخاصة ” هي دينونة الله لكل إنسان عند الموت، حين يتناول العهد الجديد موضوع مُجازة كل واحد بحسب أعماله”  «الدينونة الخاصة وهي التي تتبع الموت مباشرة والتي سنقف فيها بمفردنا أمام منبر المسيح الديان العادل حقيقة واضحة وضوح الشمس»

(متى 16: 27 ؛ روم 6:2)، يُشعرنا بمثل هذه الدينونة (متى 24:34،25:1؛ 2 كور 10:5؛ يو48:12)، كما أنه يُشعرنا بأن الدينونة تهدف إلى خلاص كل إنسان بالمسيح (يو 3:16)  تظهر هنا الدينونة من خلال الشواهد المذكورة، أنها تخص كل إنسان بمفرده من خلال الأعمال التي عاشها على الأرض؛ وتتبعه إلى السماء حيث يقول: “كل واحد حسب أعماله”. فإذا كان كل واحد يُدان بمفرده على أعماله، هل هذا يتطلب الانتظار إلى الدينونة العامة؟وكما قال القديس توما الأكوينى : الإنسان يحيا حياته بطريقتين :- الأولى شخصية فردية والأخرى جماعية أمام الناس والمجتمع وهكذا تكون دينونته فردية وجماعية.