عيد الثالوث الأقدس و تذكار القديسة ريتا شفيعة الامور المستحيلة
عقيدة الثالوث الأقدس :
الثالوث الأقدس هي العقيدة الأولى والأساسية في المسيحية . الله هو الإله الوحيد والواحد ، وهو ذو ثلاثة أقانيم ( أشخاص ) في جوهر واحد . وهذا ما تؤمن به الكنيسة المقدّسة منذ عهد الرسل :
الثالوث الأقدس في العهد الجديد :
كلمة ” ثالوث ” غير مذكوره في الكتاب المقدّس . إلاّ أنّ وجود الأقانيم الإلهية وعلاقتها بعضها ببعض تماماً من خلال نصوص العهد الجديد دليل على وجود هذه الأقانيم ، وإليكم أبرزها :
* في بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم نجد عمل الثالوث الأقدس واضحاً :” إنّ الرّوحَ القُدُسَ سينزٍلُ عليكِ وقُدرةَ العَلِيّ تُظَلِّلُكِ ، لذلكَ يَكونُ المولودُ قُدُّوساً وابن الله يُدعى ” ( لوقا ١ : ٣٥ ) .
* في عماد يسوع في نهر الأردن : ” وبينما هو خارجٌ من الماء رأى السموات تنشَقّ ، والروح ينزِلُ عليه كأنهُ حمامة . وانطلق صوتٌ من السّموات يقول : ” أنت ابنيَ الحبيبُ ، عنكَ رَضيت ” ( مرقس ١ : ١٠ – ١١ ) .
* يسوع على الصليب يُسلّم روحهُ بين يديّ الله الآب : فصاح يسوعُ بأعلى صَوتِهِ قال : ” يا أبتِ ، في يديكَ أجعلُ رُوحي ! ” قال هذا ولفظَ الرُّوح . ( لوقا ٢٣ : ٤٦ ) .
* يسوع يُرسل تلاميذه لإعلان البشارة : فدنا يسوع وكَلّمَهم قال : ” إنّي أُليتُ كُلّ سُلطان في السماءِ والأرض . فاذهبوا وتَلِمِذوا جَميعَ الأُمم ، وعَمِّدوهم باسم الآب والابن والرُّوح القُدُس ، وعَلِّموهم أن يَحفَظوا كُلَّ ما أوصيتُكُم به ، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأيام إلى نهايةِ العالم ” ( متى ٢٨ : ١٨ – ٢٠ ) .
هكذا يظهر من نصوص العهد الجديد بأن يسوع له علاقة خاصة وفريدة بالله ، والروح القدس ، فقد عاش كل أيام حياتهِ في محبة الله الآب ” الله محبّة “، ” ومن حَفِظَ وصاياه أقام في الله وأقام اللهُ فيه . وإنّما نعلَمُ أنّهُ مُقيمٌ فينا من الروحِ الذي وهبَه لنا ” ( رسالة القديس يوحنا الأولى ٣ : ٢٤ ) . وحافظ على الوحدة مع الله والروح القدُس في التواضع والطاعة ” فوضعَ نفسَه وأطاعَ حتى الموت ، مَوتِ الصليب . لذلكَ رفَعَه الله إلى العُلى ووهب له الاسم الذي يفوقُ جَميعَ الأسماء كيما تجثو لإسم يسوع كُلُ رُكبةٍ في السّمواتِ وفي الأرضِ وتحتَ الأرض ويَشهَدَ كُلُّ لسانٍ أنّ يسوعَ المسيحَ هو الرّب تمجيداً للهِ الآب ” ( فيليبي ٢ : ٨ – ١١ ) كما أنّ قيامتهُ من بين الأموات هي الدليل الذي أعطاه الآب : ” في شأن ابنهِ الذي ولِدَ من نسْلِ داوُد بحسبِ الطبيعةِ البشريّة ، وجُعِلَ ابن اللهِ في القُدرَة ، بحسب روحِ القداسة ، بقيامتِهِ من بين الأموات”( رومة : ١ : ٤ – ٥ ) . ولهذا رفعَه وأعلنه ربّا ومسيحاً.
الثالوث الأقدس يُكرّم العذراء مريم :
في هذا العيد ، عيد الثالوث الأقدس ، نُقدّم لكِ يا أُمّ يسوع وأُمّنا ، جزيل الإكرام و المجد الذي تمجدّته من الثالوث الأقدس لمّا تكلّلت بالمجد سلطانةً على السماء والأرض .
أيُّ تكريم أيتها المجيدة المباركة ، أعظم من هذا ؟ إنّهُ فعلاً يليقُ بكِ يا والدة الإله ، إذ كلّلكِ الثالوث الأقدس ملكةً وسلطانةً على السمواتِ والأرض . من يليق به هذا المنصب ، سواكِ ايتها العظيمة ! يا ابنة الآب وأُمّ الابن وعروسة الروح القدُس . كوني لنا الشفيعة ، لأنكِ عظيمة عند الرّبّ . اطلبي لنا منه الرحمة ، ولا تهملينا ، بل املكي على حياتنا ، ورافقينا عند ساعة موتنا ، فنكرّمكِ مع الثالوث الأقدس : الآب والابن والروح القدُس ، من الآن وإلى دهر الداهرين ، آمين .
” القديسة ريتا والعذراء مريم “
إن القديسة التي تطلب إلينا الكنيسة أن نُكرمها في ٢٢ مايو / ايار ، هي مثال بليغ للمحبة ، والكفر بالذات ، والإستسلام
لإرادة الله .
القديسة ريتا نقية منذ طفولتها ، عاشت قديسة في حياتها الزوجية والرهبانية إذ صبرت صبراً فائقاً على الآلام .
بعد موت زوجها وأولادها دخلت بصورة خارقة في رهبانية القديس اوغسطينوس حيث اشتهرت بوداعتها وطاعتها وتقشفاتها
وبتعبدها لآلام السيد المسيح .
لقد استحقت أن توخز على جبينها بشوكة من الإكليل الذي وضع على رأس تمثال السيد المسيح العجائبي ، فكان ذلك لها بدء حياة عذاب وزهد وتواضع ، استمرت عشر سنوات ، منحت خلالها نعمة التأمل الأسمى .
ظهور العذراء مريم وابنها يسوع لريتا :
اثناء مرض ريتا ، وفي ايامها الأخيرة ، كانت هذه النفس المباركة تحنّ لإتحادها بالخالق وتشتهي مجيئه ، مستحلفة حبيبها الإلهي بأن يأتي ويأخذها إليه . تمنياتها هذه ، لم تذهب هدراً وسدى ، لإن العذراء مريم وابنها الطفل الإلهي قد ظهرا لها ووعداها بأن روحها ستغادر جسدها الفاني بعد ثلاثة ايام لتذهب إلى الأخدار السماوية حيث الفرح والسرور وقد استحقت ذلك بفضائلها الممتازة … ورغم عذاب النزاع الأخير فان الهدوء الملائكي كان يجلّل نفسها الطاهرة ووجهها يطفح بالهناء والرضى حتى النسمة الأخيرة من حياتها .
مقتطفات من حياة القديّسة ريتا :
ولدت القديسة ريتا في بلدة روكٌٓا بورينا Rocca Porena ( الشمال الشرقي من ايطاليا ) قرب مدينة كاشيا Cascia من مقاطعة اومبيريا Omberia في ٢٢ مايو / ايار سنة ١٣٨١ ، وتوفيت في مدينة كاشيا Cascia قي ٢٢ مايو / ايار سنة ١٤٥٧ .
في العام ١٦٢٨ أعلن البابا اوربانوس الثامن ريتا طوباوية ، وفي العام ١٩٠٠ رفعها اليابا لاون الثالث عشر على الهياكل في عداد القديسين والقديسات .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن
للأرمن الكاثوليك