عِظَةُ الْأَبِ الْبَطْريركِ الأنبا إبراهيم فِي قُدَّاسِ السِّيَامَةِ الْأُسْقُفِيَّةِ للأنْبَا باخوم
عِظَةُ الْأَبِ الْبَطْريركِ الأنبا إبراهيم فِي قُدَّاسِ السِّيَامَةِ الْأُسْقُفِيَّةِ للأنْبَا باخوم الْمُعَاوِنُ الْبَطْريركِيُّ لِشُؤْونِ الإِيِبَارْشِيَّةِ الْبَطْريركِيَّةِ
31/8/2019م
“فَقَدْ جَعَلْتُ لَكُمْ مِنْ نَفْسِي قُدْوَةً
لِتَصْنَعُوا أَنتُمْ أَيْضًا مَا صَنَعْتُ إِلَيكُمْ”. (يو13: 15)
صاحب الغبطة الكاردينال الأنبا أنطونيوس نجيب، وأَبَاءَ السِّينُودُسِ الْمُقَدَّسِ الآباء المطارنة، صاحب السيادة السفير البابوي مونسنيور برونو موتزارو، والأباء الكهنة والرهبان والراهبات، الحضور الكريم.
محبَّة الله الآب ونعمة الابن الوحيد يسوع المسيح وعطية الروح القدس تكون مع جميعكم.
معكم أشكر اللهَ الَّذِي يَقْوَدُ كَنِيسَتَهُ بِرَوْحِهِ الْقُدُّوسَ، لكي تكون شاهدة القيامة والحياة، والذي ينعم عليها بوقت مميَّز باختيار خدام أمناء لخدمة الكنيسة والمجتمع بسيامة ثلاثة أساقفة في غضون شهر واحد، وبالطبع تم الاختيار في شهور عديدة، وهي علامة واضحة أن الله يعمل في الكنيسة وفي حياتنا وإشارة إلى مسيرة تجديد. مما يعود بالغنى على نمو الكنيسة ومسيرتها من لقاء الحيوية والحماسة مع الخبرة والحكمة، فلا نمو دون جذور ولا أثمار دون فروع جديدة، كما يقول قداسة البابا فرنسيس في كلامه عن الحياة المكرَّسة. وفي نهاية الأمر ما نحن إلا أواني خزفية، لتكون القدرة من الله لا منَّا.
منذ ثلاثة أسابيع وضعت اليد على الأنبا باسيليوس أسقفًا لأبرشية سوهاج، واليوم توضع اليد على الأب هاني باسم الأنبا باخوم ليكون أسقفًا معاونًا لشئوون الإيبارشيَّة البطريركيَّة. ما معنى ذلك؟
للتوضيح لابد من الكلام عن مهام الآب البطريرك ودوره:
يمثَل البطريرك الكنيسة البطريركيَّة في جميع شؤونها القانونيَّة؛ فالبطريرك هو خادم الكنيسة الأوَّل بمصر كلها على كرسي الإسكندرية، أي سبعة أبرشيات، وممثل الكنيسة أمام الدولة والطوائف الأخرى ومسؤول عن المهجر، والعلاقات مع قداسة البابا والدوائر الباباويَّة.
ب. البطريرك هو رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في مصر إلى جانب المسؤولية مع الرهبانيات الرجالية والنسائية.
وهو في الوقت ذاته أسقف الإيبارشية البطريركية، لذلك فاختيار الأنبا باخوم هو خطوة ضمن خطوات قادمة. وهو أسقفٌ ينوب عن البطريرك فيما يخصّ شئوون الإيبارشيَّة البطريركيَّة، الكهنة، والرعايا وما يتعلَّق بهم، وذلك في شركة وتنسيق مع الأب البطريرك لخير الإيبارشية، مما يتيح للبطريرك أن يكون للجميع ومعهم للقيام برسالته ومهامه الأخرى.
أخي صاحب النيافة أنبا باخوم مبروك باسم أباء السينودس المقدس وكل الآباء المطارنة الكاثوليك، تهنئة خالصة بالسيامة الأسقفية مع الصلاة من أجل رسالة مثمرة مقدسة.
إن مهمة الأسقف هى الشهادة ليسوع المسيح حتَّى الاستشهاد ولهذه المهمَّة أبعاد ثلاثة: التعليم والتقديس والتدبير. وقد سبق أن تأمَّلنا في بُعد التقديس بمناسبة سيامة الأنبا باسيليوس واليوم أتأمَّل معكم في بعد التدبير.
الأسقف ومهمة التدبير
اخترت يا صاحب النيافة شعارًا لك “الرب يدبر” (تك22: 8)، هذه العبارة المختصرة تعبّر عن ذروة إيمان أبينا إبراهيم وثقته بالله، وأسوة بهذه الثقة فإننا نصلي ونقول دبِّر حياتنا كما يليق. وقد رأى آباء الكنسية في ذبيحة إسحق صورة لذبيحة المسيح الخلاصيَّة، وبالفعل فإنَّ الرب دبَّر الخلاص في المسيح “هكذا أحبَّ الله العالم حتَّى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به” (يو3: 13)، وتحقيق الخلاص في حياتنا يتوقَّف على قبولنا واستجابتنا له.
وباختيارك لهذا الشعار فإنك مدعو لتكون بالسيامة الأسقفيَّة فمًا للتعليم وأداة للتقدِّيس وخادمًا للتدبير. “إن مهمّتنا كأساقفة هي أن نكون، لكلِّ شخص، وبطريقة سامية وواضحة، علامةً حيّةً ليسوعَ المسيح، المعلّم والكاهن والراعي. إن يسوع المسيح هو الأيقونة التي نتطلّع إليها، أيها الإخوة في الأسقفيّة، كي نمارس خدمتنا كرسلٍ منادين للرجاء، وعلى مثاله يجب أن نعرف نحن أيضاً أن نقدّم كياننا لخلاص الذين أوكلوا إلينا، مبشّرين ومحتفلين بانتصار محبّة الله الرحيمة على الخطيئة وعلى الموت”. (را. رعاة القطيع 41).
هناك فهم خاطئ عند سماع كلمة “تدبير” وهو ربطها بالناحية الاقتصادية والمادية فقط، بينما مهمة التدبير للأسقف هي سلطة تدبير النفوس سلطة الأبَّوة والخدمة لأجل تقديس هذه النفوس وخلاصها على مثال المسيح. (م. ف2 مرسوم في مهمة الأساقفة الراعوية في الكنيسة فقرة 19). وما الأمور المادية إلا للمساعدة، وهي وعاء إن لم يُملأ بحب المسيح الخلاصي ظلَّ دومًا صنجًا يرن.
الأخ المحبوب أنبا باخوم
اليوم يرسلك المسيح لتكون راعيًا لخرافه هو، لتقودها حسب قلبه هو، مانحًا إياك هبة مجانية. إنَّ الادارة الوحيدة الحقيقية هي التي تولد من وضع غسل الأرجل على مثال المسيح وكما قال لنا: ” جَعَلْتُ لَكُمْ مِنْ نَفْسِي قُدْوَةً لِتَصْنَعُوا أَنتُمْ أَيْضًا مَا صَنَعْتُ إِلَيكُمْ”. (يو13: 15)
أختم معك ومع كل أخوتنا الأساقفة ومع شركائنا في الخدمة الآباء الكهنة بهذه الصلاة:
“يا يسوع ينبوع ومثال كهنوتنا ، اجعلنا يدك للعطاء، وفمك لاعلان البشارة ورجلك للبحث عن الخروف الضال، وقلبك للخدمة…حتَّى نجعلك حاضرًا ليس على المذبح فحسب بل أيضًا في العطاء المجاني لذواتنا وفي قبول الجميع بفرح رباني. أخلق فينا قلبًا مفتوحًا على المستقبل متنبهًا للآخرين وحسّاسًا لتطلعات الحاضر…قلبًا ينبض بقوة من اجل الوحدة والشركة والمحبة. آمين