فعزم على تركها سرًا – الأب وليم سيدهم
فعزم على تركها سرًا
يكتب القديس متى الإنجيلي في الفصل الأول سيرة يسوع في الجسد، لم تكن هذه السيرة بعيدة عن التعقيدات التى تحدث لإثبات الأنساب والعائلات التي نعرفها جيدًا. لقد كانت مليئة بالألغام منذ البداية والمطبات، مريم تحمل وهي عذراء! ويوسف محتار سيصبح أب لإبن ليس من صلبه، حيث بشر الملاك جبرائيل مريم العذراء بخبر حبلها من الروح القدس، انتفضت مريم وقالت للملاك: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟» (لوقا 1: 34) كما إنتفض يوسف البار إذ يقول: “وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا.” (متى 1: 18، 19)
إنه لأمر عجيب. يعشق الله الفتاة مريم ويغازلها في السر: “لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ.” (لو 1: 30) وترد الفتاة ما معنى هذا السلا؟ وتسأل كيف يكون ذلك؟ فيرد عليها جبرائيل: “اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.” (لوقا 1: 35) بعد هذا الحوار الذي تم بين الملاك جبرائيل ومريم تقبل مريم هذا العرض بالحبل من الروح القدس وهي لا تحيط بكامل خطة الله في حياتها وتقول: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ».(لو 1: 38)
لن نذهب بعيدًا فإن هذا الأمر أصبح متواترًا وإن كان ليس في حجم هذا التحول الجوهري في كيفية حضور الله في الجسد في عالمنا، إن المكرسات من الراهبات بكل أنواعهن سمعوا هذا الصوت في باطنهم”إتبعيني وأجعلك صائدة للناس” إلا في حالة مريم العذراء الأمور مختلفة. فإن حبل مريم العذراء من الروح القدس حدث فريد في التاريخ فإن يسوع لن يكون “ابن الله” فقط . لكن هو “ابن الانسان” ايضًا فمن حيث حبل به من الروح القدس وليس من ذرع بشري فهو ابن الله.. ولكن من حيث إنه يتخذ جسدًا من العذراء فهو “ابن الإنسان”.
ولكن كل هذا يمكن لمريم أن تقبله لأنها “ممتلئة نعمة” ومنفتحة تمامًا على عمل الله. ولكن عادة البشر أن يكون لكل إمرأة حامل زوج وإلا طبقت على المرأة الحامل بدون زوج عقوبة الزنى وهو الرجم في شريعة اليهود.
لذا وجب اللجوء إلى جبل البشر وإقناع أحد المتقين لله أن يقبل هذا الدور، تمت الخطوبة بين مريم ويوسف ولكن يوسف البار فوجيء بأن خطيبته حامل فما العمل؟ وكما ذكرنا سابقًا قرر أن يتركها سرًا.
إلا أن إنجيل متى يقول: “وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ” (متى1: 20، 21) ثم يضيف إنجيل متى: ” وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.(متى 1 : 22، 23).
إن الله يعرض علينا اليوم أن نغير مشاريعنا الأنانية ونقبل بمشروع الله في حياتنا إنه يعرض علينا أن نسجد لطفل هو “الله معنا” فهو يولد فينا فيجددنا ويطهرنا ويقودنا إلى طريق الخلاص فهل نقبل؟