« فقالَ يسوعُ لِلاثْنَيْ عَشَر: أَفلا تُريدونَ أَن تَذهبَوا أَنتُم أَيضًا ؟ » – القدّيس بِرنَردُس
القدّيس بِرنَردُس (1091 – 1153)، راهب سِستِرسيانيّ وملفان الكنيسة
عظات متفرّقة: العظة رقم 5
« فقالَ يسوعُ لِلاثْنَيْ عَشَر: أَفلا تُريدونَ أَن تَذهبَوا أَنتُم أَيضًا ؟ »
نقرأ في الإنجيل أنّه حين بدأ الربّ يعلّم تلاميذه عن سرّ جسده قائلاً: “أَنا الخبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء مَن يَأكُلْ مِن هذا الخُبزِ يَحيَ لِلأَبَد. والخُبزُ الَّذي سأُعْطيه أَنا هو جَسَدي أَبذِلُه لِيَحيا العالَم” (يو 6: 51)، وعن ضرورة مشاركتهم بآلامه، “قالَ كَثيرٌ مِن تَلاميذِه لَمَّا سَمِعوه: هذا كَلامٌ عَسير، مَن يُطيقُ سَماعَه؟” لكن عندما “قال يسوعُ لِلاثْنَيْ عَشَر: أَفلا تُريدونَ أَن تَذهبَوا أَنتُم أَيضًا؟ أَجابَهُ سِمْعانُ بُطُرس: “يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟”.
ولكم أقول بالمثل، يا إخوتي، إنّ كلام الرّب يسوع هذا هو “رُوحٌ وحَياة” بالنسبة للبعض وهؤلاء يتبعونه. أمّا بالنسبة للآخرين، فإنّ تلك الكلمات تبدو عسيرة رغم أنّهم يكملون سعيهم إلى تعزياتٍ أخرى بائسة. بالفعل، فإنّ “لحِكمَةُ تُنادي في الشَّوارِع وفي السَّاحاتِ تُطلِقُ صَوتَها” (أم 1: 20)، وبالتحديد في “الطَّريقِ الواسِع المُؤَدِّيَ إِلى الهَلاكِ” (مت 7: 13)، لكي تنادي كلّ من سار على تلك الطريق. قال الربّ في المزمور: “أَربَعينَ سَنَةً سَئِمت ذلِكَ الجيل وقُلتُ: هُم شَعبٌ ضَلَّت قُلوبُهم” (مز 95[94]: 10). “مرَةً تَكلَمَ الله” (مز62[61]: 12): مرّة واحدة؟ نعم، لأنّ كلمة الله فريدةٌ، سرمديّة ومن غير انقطاع. إنّه يدعو الخاطئين للدخول إلى قلوبهم لأنّه هناك يقيم ويتكلّم: “اليومَ إِذا سَمِعتُم صَوتَه فلا تُقَسُّوا قُلوبَكم” (مز 95[94]: 7-8). وها هي الكلمات نفسها تقريبًا تتردّد في الإنجيل… “إِنَّ خِرافي تُصْغي إِلى صَوتي” (يو10: 27)… فإِنَّه هو إِلهُنا ونحنُ شَعبُ مَرْعاه وغَنَمُ يَدِه. اليومَ إِذا سَمِعتُم صَوتَه” (مز 95[94]: 7).