فَجَميعُ الأَنبِياءِ قد تَنَبَّأوا، وكذلك الشَّريعة، حتَّى يُوحَنَّا - القدّيس أوغسطينُس
القدّيس أوغسطينُس (354 – 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
أحاديث عن المزامير، المزمور 110
فَجَميعُ الأَنبِياءِ قد تَنَبَّأوا، وكذلك الشَّريعة، حتَّى يُوحَنَّا ( مت 11: 13)
لقد حدّد الله زمنًا لوعوده، وزمنًا لتحقيق ما وعد به. زمن الوعود كان زمن الأنبياء، وصولاً إلى يوحنّا المعمدان؛ بدءًا منه وحتّى النهاية، يُعتبر زمن تحقيق ما وعد به. إنّ الله أمينٌ، وقد جعل نفسه مدينًا لنا، ليس من خلال أخذ شيء منّا، بل من خلال وعدنا بأمور عظيمة. لكنّه لم يكتفِ بوعدنا، بل أراد أن يلزم نفسه خطيًّا، من خلال إبرام “عقدٍ” بوعوده تلك معنا؛ هكذا، حين سيبدأ بإيفاء وعوده، سنتمكّن من اعتبار الكتاب المقدس الأمر الّذي من خلاله يجب أن يتحقق كلّ ما وعد به. لهذا السبب، فإنّ زمن النبوءة، كما قلنا مرارًا وتكرارًا، كان التنبّؤ بوعوده. لقد وعد بالخلاص الأبدي، وبالحياة السعيدة التي لا تنتهي مع الملائكة، “وبميراثٍ غَيرِ قابِلٍ لِلفَسادِ والرَّجاسَةِ والذُّبول” (1بط 1: 4)، وبالمجد الأبدي، وبنعومة وجهه، وبمسكن قداسته في السموات، ومن خلال قيامة الأموات، انتفت كلّ خشية من الموت. هذا هو وعده، كالهدف الذي يتوجّه كلّ اندفاعنا نحوه، وحين نبلغه، لا يعود هناك شيء نبحث عنه ولا شيء نطلبه. والخطّة التي من خلالها سنبلغ هذا الهدف النهائي، فقد أرانا إيّاها بوعوده وإعلاناته. في الواقع، لقد وعد البشر بالألوهة، والفانين بالخلود، والخطأة بالتبرير، والمذلولين بالمجد