stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

قصة حقيقية – اﻷب يوحنا بولس عوض

839views

✝️ قصة حقيقية ✝️
من أجمل خبرات حياتي وأعمقها،

هي تلك الفترة التي قضيتها، في زيارة يسوع السجين، في شخص أحد السجناء، حينما كنت طالبا بكلية اللاهوت. أذكر جيدا ذلك السجين، الذي في بداية زياراتي له، وحيث كنت أذهب لزيارة السجن، وأنا مفعم بالحيوية، وتعصف داخلي اﻷفكار المتزاحمة، ماذا أقول له؟ بماذا سأشاركه؟ من كلمات، أو تأملات، قد تمنحه شيئا من التعزية، في ظلام سجنه، وراء القضبان والأسوار.

ولكن حينما وصلت إليه، في غرفة الزيارة، المزدحمة بالسجناء والزائرين، لفتت أنظاري ابتسامته الصافية، فجلست بجواره، وتبادلت معه أطراف الحديث، عن سر ابتسامته، في هذا الوضع الصعب، فقال لي: سأقص عليك قصتي، والتي بدأت منذ عهد بعيد، في تلك الفترة، التي شعرت فيها، بأن لي دعوة خاصة من الرب، لأكرس له حياتي، في نعمة الكهنوت المقدس. وحيث إنني من نيجيريا، ولا توجد عندنا أي معاهد لاهوتية، فحصلت على خطاب ترشيح من أسقف اﻹيبارشية، لدخول معهد اللاهوت بالخرطوم في السودان، وقد تم قبولي بين صفوف الطلاب، وحينما رجعت لنيجيريا، لاستكمال أوراقي الخاصة، وإحضار متعلقاتي الشخصية، كان لابد لي، من المرور بوقت الترانزيت بمطار القاهرة، وهنا حدثت لي المشكلة، التي غيرت حياتي، رأسا على عقب، حينما قبضت علي الشرطة، وبجانبي حقيبة بها مخدرات، وبعد التحقيق معي، لم استطع إثبات أنها لا تخصني، ولذلك حكمت المحكمة علي بالسجن المؤبد. أمضيت منها عشرين سنة، ولكن أسوأ سنوات حياتي، هنا كانت في البداية، وأول أيامي بالسجن، وأشدها سوادا، وظلاما خارجيا وداخليا، وكل ما في داخلي يصرخ، من شعوري بالظلم والقهر والتساؤلات لماذا؟ لماذا يحدث لي كل هذا؟ وكيف يرى الله كل هذا ويصمت، ولا يدافع عني، ولا يظهر براءتي، وأنا مكرس له؟ كل هذا كان يعصف بي، ويشكك في إيماني، لدرجة أنني وصلت ﻻعتقاد، أن الله غير موجود، إنه كذبة وصدقناها، كيف يكون موجودا، وكل هذا الشر يحدث أمامه ولا يتدخل؟ مرت بي خمس سنوات، وأنا على هذا المنوال، لدرجه انني مزقت الكتاب المقدس، وحينما كنت أشاهد رفقائي السجناء يتلون الصلوات، كنت استهزء بهم، وأقول لهم: لا داع منها، لأنه لا يوجد ما يسمى الله ليسمعها، وبعد مرور الوقت، والسنوات الخمس الأولى، وأنا سجين تساؤلاتي وأفكاري، شعرت بأن الله وحشني، فطلبت الكتاب المقدس من زملائي، ﻷقرأه مرة اخرى، وبالطبع خافوا أن أمزقه، كما كنت أفعل دائمآ، ولكن تحت إلحاحي عليهم، أعطوني الكتاب المقدس، وبدأت بقرأته مرة بعد مرة، ومازال يتردد داخلي هذا السؤال لماذا؟ وبعد أن أتممت القراءة للمرة الثالثة، وجدت الإجابة على سؤالي، فخبطت بكفة يدي على جبهتي، وقلت لنفسي، يا لي من غبي؟ كيف لم أفهم مشيئته لي؟ لقد كان يريدني الرب كاهنا داخل السجن، وليس خارجه، ومنذ تلك اللحظة التي اكتشفت فيها رسالتي ومشيئته لي، تحولت حياتي لموجات من الفرح والسعادة والنور، وتبددت ظلماتي الداخلية، وأصبحت إنسانا جديدا، يكرز بالرب في وسط السجن. واستنار من خلالي كثيرون، يزيدون عن الخمس وتسعين شخصا.
هل فهمت الآن ما هو سر ابتسامتي؟
وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.

اﻷب يوحنا بولس عوض .