قــوّةُ الخـدّمـــةِ
في عالم تتصارع فيه القوى البشرية والسلطات العالميّة للتملّك والسيطرة ولفرض النفوذ
والرهبة على الدول والشعوب، تبدو الرغبة الملحّة لتوضيح مفهوم السلطة الحقيقيّ، تلك
التي لا بد أن تقود إلى التصالح لا إلى التّصارع، إلى التعاون لا إلى التنافس، إلى
الغفران والحب لا إلى الانتقام والبُغض. فما أحوجنا نحن كخدام أسرار الرب المقدسة أن
نعيد النور إلى مراكزه الأساسيّة، إلى مراكز الخدمة الحقيقيّة، تلك الخدمة التي لا
تطلب منفعتها ولا مصلحتها بل منفعة ومصلحة وفائدة الآخرين وبنيان الخير العام، نحن
بحاجة إلى أبطال إيمان يشهدون للعالم المتصارع عن عظمة التصالح والسلام والغفران
والتواضع، أبطال يرفضون الخضوع لأي سلطة إلا لسلطان الروح القدس، أبطال يطيعون الرب
ووصاياه ولا يتخلون عنه.
للدخول في مفهوم الخدمة المسيحيّة على ضوء حياة الخادم الحقيقي يسوع المسيح، لا بد
أن ندخل في سرِّ حياة المسيح الأرضيّة ومعاملاته مع البشر، وهنا يمكننا أن نطرح عدة
أسئلة:
– ما هو مفهوم الخدمة في نظر يسوع؟
– كيف كان يسوع يواجه الصعاب والتحديات؟
– وكيف كيف ينطلق في خدمته العلنيّة والخفيّة على السواء؟
– ما هي الأسس التي وضعها الربُّ كمركز للحياة المسيحية الحقيقيّة؟
الخدمة حسب مفهومنا المسيحيّ ليست مجرد ممارسات طقسيّة أو محافظة على مباديء نظريّة
عقائديّة، بل هي قبل كل شيء : “جلوس تحت قدمي الربّ، هي “مكوث” مع الرب، ان نكون مع
الرب في لقاء حميميّ كل لحظة هو نقطة الانطلاق الأساسيّة للدخول في عالم الخدمة على
حسب فكر الرب. لذلك اليوم نجد كثيراً من الخدّام والمؤمنين لا يبالون بالجلوس مع
الرب والتّتلمُّذ على يديه، بل شغلهم الشاغل هو إظهار للمواهب وللقدرات الشخصيّة
وتمجيد ذواتهم، وتحقيق رغباتهم النفسيّة الخاصّة والتي هي بعيدة تمامًا عن فكر الرب
ومشيئته الحقيقيّة الخلاصيّة.
+ الخدمة حسب مفهوم المسيح هي إخلاء عن الذات وإفراغها من كل يعيقها من اللقاء
الحقيقي مع الرب والعشرة معه ومع وصاياه وأحكامه وأسراره الإلهيّة….
+ الخدمة حسب مفهوم المسيح هي تتويج يسوع المسيح ملك وسيّد ومخلص ومركز لكل
حياتنا بكافة جوانبها، فمنه ننطلق وإليه نعود.
+ الخدمة حسب مفهوم المسيح هي إنحناء لغسل أرجل الآخرين، كما غسل المسيح أقادم
البشرية التي كانت حاضرة في أشخاص الرسل كذلك نحن أيضًا لا بد أن نغفر بعضنا
بعضًا ونحب بعضنا بعضًا، فهذا هو مركز الخدمة الحقيقي: إنحناء+ تواضع+ حب.
+ الخدمة حسب مفهوم المسيح هي العمل على نشر الملكوت على الأرض، ملكوت السلام
والمحبّة والتّوبة، فملكوت الرب بيننا وما علينا إلا أن نصغي إليه ونعمل فيه
ولأجله. فأي ملكوت نخدم؟؟؟؟ ملكوت ذواتنا البشريّة أم ملكوت الذات الإلهيّة؟؟؟
ملكوت خدمة الرب الحقيقيّة من خلال خدمة الكل أم ملكوت خدمة نفوسنا ومبادئنا
وكنائسنا بعيدًا عن حمل محبّة الرب للكل؟؟؟؟أي ملكوت نخدم: هل ملكوت السُّلطة
والكبرياء، أم ملكوت الخدمة والتواضع؟؟؟؟
الخدمة ، يا أحبائي كما علّمنا السيد المسيح هي قبل كل شيء أن نمكث مع الرب ونتعلم
منه، ونقتدي به، ان نجعل حياتنا على مثال حياته، أن تتحول حياتنا وأفكارنا
وأعمالنا إلى مقر لسكنى الرب وتمجيد اسمه القدوس. الخدمة هي صلب متجدّد،،،،هي بذل
مستمر،،،هي نمو روحيّ وذهنيّ ونفسيّ واجتماعيّ،،،،هي اتحاد بالرب وتلاقي
بالآخرين…
يا يسوع المسيح خادم نفوسنا الحقيقي……علّمنا أن نكون خدامًا
حقيقيين…..نعرفك جيدًا ونحبك ونتبعك من كل القلب…..ثم نشهد عنك وعن محبتك حتى
لو كلّف ذلك الموت والخسران….فقد حسبت كل الأشياء نفاية لكي أربح المسيح، ومعك
يا يسوع لا أريد شيئًا على الأرض…..أمكث معنا يارب فالمساء قد اقترب…….
نصلي من أجل خدامنا ورعاتنا في كل العالم، لكي يقتربوا أكثر إلى يسوع المسيح
ويقدموا يسوع للعالم لا ذواتهم وقدراتهم،،،ليقدموا الحب لا البغض، الوداعة لا
الغضب، الإيمان لا الشك، الرجاء لا اليأس، السلام لا الحرب. آمين
إكليريكي مايكل وليم