stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكتبالكنيسة الكاثوليكية بمصرالمكتبة الكاثوليكيةكنيسة الأقباط الكاثوليك

كتاب تاريخ الكنيسة القبطية الكاثوليكية – القسم الثانى

1.8kviews

القسم الثانى
الكنيسة القبطية ‏
بعد مجمع خلقدونية
‏( 451 – 1054 )‏

بقلم ‏
الأنبا مكاريوس توفيق مطران كرسى الإسماعلية ‏
وأستاذ التاريخ الكنسى بكلية الدراسات الاهوتية ( الإكليريكية) بالمعادى

 

الفكر المسكونى فى التراث القبطى

‏ إبتداء من القرن العاشر الميلادى – وعقب إنتشار إستعمال اللغة العربية بين الأقباط – ‏ولإحساسهم بضرورة إستعمالها فى معرض الدفاع عن إيمانهم وعقائدهم وعن مصداقية الحق ‏الإنجيلى – قام مفكرون أقباط بكتابة مقالات وكتب يغلب عليها الطابع المسكونى. فقد واجهوا ‏تساؤلات من مواطنيهم غير المسيحين عن مصداقية الإيمان المسيحى طالما أن المسيحيين ‏منقسمون إلى طوائف متعددة ومختلفون فى عقائدهم وتفاسيرهم.‏
‏ لذلك قام المفكرون الأقباط الذين كتبوا باللغة العربية فى العصور الوسطى بمحاولة الدفاع عن ‏إيمانهم وإظهار إتفاق سائر الطوائف المسيحية فى أسس هذا الإيمان …. وأن الإختلافات بينهما ما ‏هى وأن الإختلافات بينهما ما هى إلا إختلافات فى الفاظ فلسفية إسُتعملت لشرح العقيدة نفسها ‏والإيمان ذاته … أو إنها إختلافات فى عقائد فرعية أو طقوس محلية … لا تمس جوهر الإيمان كما ‏ساءلوا أنفسهم عن الاسباب الحقيقية وراء الحرومات المتبادلة بين الكنائس، وعن المبررات ‏اللاهوتية لتلك الحواجز والعقبات التى يقيمها الاساقفة بين الطوائف المختلفة، هل لها مبررات ‏إنجيلية تمس صميم الإيمان المسيحى؟ ام ان لها أسباباً ثقافية وتاريخية وسياسية؟
‏ ‏
الظروف التاريخية التى ساعدت على تطور الفكر المسكونى عند الأقباط
1.‏ تواجد جميع المسيحيين كأقليات تحت الحكم العربى، هذا مع المعاناة والإضطهاد من بعض ‏الحكام – قلل من حدة عوامل الفرقة بين المسيحيين، وأنساهم نزعاتهم التى كان محركها ‏إشتعال النزعة الوطنية والكبرياء القومى للأقباط فى مواجهة المستعمرين البيزنطيين.‏
‏ فقد وجد المسيحيون جميعاً أنفسهم أمام تحد مشترك، مهاجمة الثالوث ولاهوت السيد ‏المسيح فتضاءلت أهمية الخلافات العقائدية الفرعية بين الطوائف الثلاث.‏‎
ولذلك إتجهوا للبحث عما يجمعهم ويوحّدهم أكثر من الأمور التى تفرقهم. فبدت لهم الإختلافات ‏العقائدية مجرد إختلافات فلسفية نظرية أو إعتبارات فلسفية فى طرق شرح العقائد. (مثل ‏كيفية إتحاد اللاهوت بالناسوت فى السيد المسيح).‏
2.‏ ساعدت اللغة العربية بمصطلحاتها ومناهجها وبالمنطق الأرسطوطالى الذى تبنته فى ‏ان يصل المسيحيون الشرقيون ومنهم الأقباط إلى حقيقة وحدة الإيمان مع تعدد الصيغ ‏وإلى التمييز بين أصول الديانة وأسس الإيمان، وهى واحدة فى كل المذاهب وبها يتعلق ‏الخلاص. وبين الفروع أى القضايا اللاهوتية الثانوية والعادات والتقاليد الطقسية.‏
3.‏ غلبة العنصر الثقافى العلمانى (على الفكر الرهبانى)، فغالبية المفكرين والكُتاب كانوا ‏موظفين فى الديوان ذوى ثقافة مدنية قبل ان يترهبوا أو يصيروا كهنة وأساقفة. مما ‏إستتبع تغير منطق وألفاظ الجدال اللاهوتى الدفاعى إلى منطق التقارب وبأساليب ‏موضوعية.‏
‏4.‏ الشعور بكارثة الإنقسامات الدينية والحنين إلى الوحدة المسيحية، وخاصة من قِبل ‏الرهبان.‏

خصائص الفكر المسكونى عند الأقباط

 

‏1)‏ إن الفكرة الغالبة فيه هى : “إتفاق مذاهب النصارى رغم إختلافهم” فهم متفقون فى أصول ‏الديانة أى أسسها. وكما يقول ساويرس بن المقفع (أسقف الأشمونيين) فى كتابه “البيان ‏المختصر فى الإيمان” : “فأما ما بين طوائف ملة النصارى الثلاث من الإختلاف فى ‏العقيدة، كما يظن بهم، فليس بينهم – فى أصول المذهب التى يجب الرجوع إليها فى العقائد ‏‏– إختلاف …”.‏
‏ ثم يذكر فى خاتمة مقالة له وردت فى كتاب “ترتيب الكهنوت” بعنوان “فى إختلاف الملل” : ‏‏”أن هناك فرقاً واحداً أساسياً لا غير وهو فى كيفية الإتحاد (إتحاد اللاهوت بالناسوت)” ثم يذكر ‏‏13 فرقاً ثانوية هى مجرد إختلاف فى العوائد والتقاليد.‏
‏ وفى رسالته إلى اليُمن قزمان إبن مينا يذكر “ا تفقت النصارى بأجمعهم …”ثم يذكر العقائد ‏الأساسية فى الإيمان المسيحى. ويخلص إلى القول :”وأجمعوا جميعاً على صحة لفظ (إتحاد) ثم ‏إختلفوا فى كيفية الإتحاد”.‏
‏ وكذلك الصفى بن العسال فى كتابه “الفصول المختصرة” فى الفصل الثامن يبدأ بقوله : “أعلم ‏ان النصارى متفقون ….(ثم يسرد نقاط الإتفاق بينهم جميعاً) وفى النهاية يتحدث عن الإختلافات ‏فيقول : “وإختلفوا بعد فى ألفاظ فلسفية”.‏
2)‏ إنه إيجابى – موضوعى – يغلب الروح المسكونية الحقة فى المنهجية والعرض والإسلوب، ‏فسواء ساويرس بن المقفع، سواء الصفى بن العسال وغيرهما – يبدأون كلامهم بـ”أعلم أن ‏النصارى متفقون …”بدلاً من القول :”أعلم أن النصارى مختلفون فى ……”. فهم يبدأون ‏بذكر نقاط الإتفاق وهى الأساسية والغالبة.
وفى هذا تغليب للجوانب الإيجابية وللمحبة المسيحية.‏
‏3)‏ أنه فكر روحانى نابع من رغبة فى تحقيق الوحدة، وإدراك سليم للوسائل والطرق التى تؤدى ‏إليها : التواضع والمحبة…. كما ورد فى مقالة مخطوط دير أبى مقار عن “أن المحبة ‏والتواضع يحققان الوحدة” تحت عنوان “مقالة لطوائف المسيحيين القائلين فى المسيح طبيعة ‏وطبيعتين، والذين يسجّسُون (يقلقون) إخوتهم المؤمنين بقول الإفتخار وغيره”.‏
‏4)‏ إنه فكر يتميز بالتواضع فى أعمق إعتباراته فى الإعتراف بأن المسيحيين جميعاً خالفوا ‏وصية السيد المسيح. فالمؤلف (من ق13) لا يعفى كنيسته من المسئولية عن الإنشقاق، ولا ‏يدعى أن فيها وحدها الحق الكامل، وأنها وحدها “أرثوذوكسية”. فلا وجود لروح الإستعلاء ‏أو إدانة الآخرين أو الهجوم عليهم (كما ورد فى مقالة مخطوط باريس “عربى88” من القرن ‏الثالث عشر.‏
‏ ‏

‏ البحث عن أسباب الإنقسامات

‏ رأى المؤلفون الاقباط فى العصور الوسطى أن أسباب إنقسام المسيحيين تعود إلى ثلاثة ‏أسباب رئيسية :‏
‏1.‏ تطرف الهوى : أى التعصب والعصبية للقومية والذات الكنسية
‏2.‏ غمرة الجهل : فبينما أن الأطراف المختلفة لها نفس الإيمان، فإن التمسك بالألفاظ المختلفة ‏التى تستعملها للتعبير عن المفهوم أدى إلى التناحر.‏
حب التسلط : فقد كان الإهتمام الأكبر لدى البطاركة هو الهيمنة الكنسية مما أدى إلى التنازع على ‏الأولية بين الكراسى، وعلى إمتيازات كل كرسى بحجة الأصل الرسولى للكراسى، وبحجة الدفاع ‏عن العقيدة المسيحية.‏