كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال – القسم الأوّل صفات أساسيّة (5) القدوة الصالحة
كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة
القمص / لويس نصرى
مراجعة
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
القسم الأوّل
صفات أساسيّة
(5) القدوة الصالحة
إن القدوة أقوى وسيلة للتربية. والسيّد المسيح بدأ يعمل قبل أن
يُعلّم (أع 1:1).
هيئتنا ونحن نُصلّى، وطريقة رشمنا إشارة الصليب، وما نبديه من وقار وخشوع فى القدّاس، ونظرتنا المليئة بالإيمان إلى القربان المقدّس، كلّ هذه الأمور لها تأثير على النفوس، دون أن نشعر يفوق تأثير أبرع المواعظ.
العبرة فى رسالة التربية ليست بما نقوله، بل بما نكونه، أو أقلّه بما نسعى أن نكونه. فالخير الذى نعلمه بالقدوة والعمل، يفوق بكثير ما قد نعلمه من خيرٍ بالكلام.
أحسن وسيلة لنغرس ونقوّى الإيمان فى نفوس المحيطين بنا، هى أن نُثبت لهم بحياتنا العمليّة، أننا نؤمن بما نقوله، بأن نسلك وفقاً لما نُعلن ونؤكّد.
أكبر ضرر روحى نُلحقه بالطفل، هو أن نجعله يعتاد على اعتبار الفضائل المسيحيّة أمورً تُقال ولا تُعاش. وبهذا تُصبح المسيحيّة خَطابة سامية. وتنتهى من أن تكون حياة.
ترجع أولوية القدوة على الكلمة إلى سيكولوجيّة المُراهق نفسها. إنه ينتقل نت مرحلة الطفولة إلى مرحلة الاستقلال وإثبات الشخصيّة الذاتيّة، ولذلك يرفض كلّ ضغط وتأثير خارجى عليه، ويتمسّك بما اختاره لنفسه. من هنا كان للتأثير غير المباشر عليه، فاعليّة أعمق وأقوى من محاولة التأثير المُباشر بالأمر والضغط والاضطرار.
من المهمّ حداً إذاً، أن ينبع التكوين الروحى لا من أمرٍ، فهو يُثير الرغبة فى الرفض والمقاومة، بل من التقدير الباطنى الخفىّ، لفضيلةٍ وخيرٍ يتجلّيان فى مثلٍ حىّ.