كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال (19) مهارة الكلام مع الأطفال
كتاب كيف تنجح فى تربية الأطفال
تأليف
الأب / جوستاف كورتوا
ترجمة
القمص / لويس نصرى
مراجعة
الأنبا / أنطونيوس نجيب
الأب / مجدى زكى إسطفانوس
القسم الثالث
(19) مهارة الكلام مع الأطفال
فى الكلام مع الأطفال، يلزم مراعاة البساطة التامّة. لا تستخدم الفصاحة الخطابيّة.
الكلمات التى يُدركها الطفل محدودة، فلا تستخدم إلاَّ الألفاظ التى يُدركها. وإذا استخدمت كلمة تبدو جديدة وغريبة عليه، فلا بدّ من شرحها وتفسير معناها.
كُن حيّاً، وغيّر نبرات صوتك. تكلّم أيضاً بالهيئة والإشارة وملامح الوجه، ولكن تجنّب المغالاة، فهى تقلّل من الاحترام لكلمتك ولشخصك.
ولا تنسَ أن الأطفال يسمعون بعيونهم، مثلما يسمعون بىذانهم. فكُن وقوراً فى مظهرك.
أنظر إلى مستمعيك وجهاً إلى وجه. كُن فى مكانٍ مناسبٍ لترى الجميع ويرونك. وأبعد قليلاً عن الصفّ الأول. فإذا كان المستمعون قريبين جدّاً منك، اضطروا إلى رفع الرأس لرؤيتك، فيتعبون ويحنون رؤوسهم، ولا ينتبهون إليك.
وإذا تشتّت الطفل، ولم يَعد يلتفت لكلامك، فأعرف أنك أنت المُخطئ، لأنك لم تعرف كيف تشدّ انتباهه.
لا تُقلّل من قدرة الاطفال على فهم الامور السامية والهامّة. فإنهم يُدركون الاشياء الهامّة والعميقة أكثر ممّا نتصوّر، بشرط أن نُقدمها لهم بألفاظٍ واضحة، وفى مستوى فهمهم. وفى المواضيع الدينيّة، ثِق فى فاعليّة النعمة التى نالوها فى سرّ العماد، فإنها كفيلة بتنويرهم.
تذكّر دائماً أن الأطفال يصدّقون حرفيّاً كلّ ما يُقال لهم.
أثناء الحديث مع الأطفال، توقّف من وقتٍ لآخر، وإجعلهم يراجعون بعض العبارات الوجيزة، التى ترى لها أهميّة خاصّة، ليزدادوا استيعاباً لها.
لا يستطيع الطفل أن يستوعب العديد من الافكار المجرّدة دفعة واحدة. ولذلك فغن شرح الفكرة الواحدة بصورة متنوّعة، وبأسلوبٍ واقعى، مع أمثلة واقعيّة من الحياة العمليّة، وتطبيقات مباشرة ممكنة، أكثر فائدة من الخَطابة والفصاحة.
من المفيد أن نُطالب الأطفال بالانتباه، ولكن من الأكثر فائدة أن توقظ هذا الانتباه. المربّى الناجح هو الذى يعرف كيف يثثير انتباه الأطفال، ويشدّهم إلى الإلتفات إلى ما يقوله.
حتّى تُثير انتياه الاطفال، إبدأ دائماً برواية شئ واقعى. وبمقدار ما يكون ما ترويه قريباً إلى حياة الطفل، بمقدار ما تشدّ انتباهه.
لا تُحدّث الأطفال وكأنك تتلو عليهم نصّاً محفوظاً. فليكن كلامك وفق المقام. ولكن عليك بإعداد الأفكار ونقاط الحديث مُقدَّماً. إجعلهم يشعرون دائماً أنك تكلّمهم بتلقائيّة ومن القلب.
والواقع أن مَن يكون ممتلئاً بفكرةٍ معيّنة، استوعبها وتشبّع بها، يُحبّها ويُريد أن يحمل الىخرين على حبّها، سيجد بسهولة التعبير المُناسب لها، فيُعلنها بسلاسة وبوضوح دون عناء، ويقبلها الآخرون ويتحمّسون لها. كذلك عليك أن تكون على دراية تامّة واضحة بالأفكار التى تُريد شرحها للأطفال.
استخدِم كلّ وسائل علم التربية. لا تجعل أقوالك مقتصرة على المستوى العقلى، بل اربط بين الحقائق التى يتعلّمها الطفل وبين حياته الواقعيّة العمليّة، بحيث تتغلغل فى أعماقه، وتخلق فيه أسلوباً جديداً للحياة.
بدلاً من أن تضيّع جهدك فى أعطاء نصائح أخلاقيّة مجرّدة، استخدِم الكتاب المقدّس، العهد القديم والاناجيل. ستجد فيه كلّ الدروس العقائديّة والأخلاقيّة. إعطِ أمثلة واقعيّة من الكتاب المقدّس. وثق أنك ستكسب أنتباه السامعين: ولا تنسَ أن نعمة خاصّة تُرافق دائماً كلمة الله.
إسهر جيّداً على أن يكون الدين حياة تربط الطفل بالمسيح، فى صداقةٍ قويّة وحبّ شديد، ولا تجعل منه مجموعة حقائق إيمانيّة نظريّة، وطقوس شكليّة، ووصايا مفروضة، ومحظورات ممنوعة. لا يكفى أن تؤكّد أن هذه هى العقيدة، وهذه هى الفروض الواجبة.
على قدر الارتباط الشخصى الذى تخلقه بين الطفل والسيّد المسيح، ليحيا بحياته، على قدر ما تصير حياته مسيحيّة حقّاً، ويكون التكوين الدينى مسيحيّاً بالفعل.
وهذه هى أهمّ الأفكار والحقائق الاساسيّة، التى لزم تكرارها والتركيز عليها فى التعليم المسيحى:
- الله يرانا، ويعرفنا تماماً، ويُحبّنا شخصيّاً.
- هو الذى يُعطينا ما عندنا من خيرٍ ومواهب، وعلينا أن نستثمر عطاياه، لمجده تعالى، ولصالح إخواتنا من البشر، ولصالح إخواتنا المساكين، لأن كلّ ما نعمله للمسيح.
- إننا نحتاج إلى الله، ولكنّه أراد أن يكون فى حاجة إلى معاونتنا.
- وفى حنانه، أراد أن يعتبرنا أبناءً له، وليس خلائق أو عبيد. فنحن إذاً أبناء الله، علاوةً على كوننا أبناء لوالدينا.
- المسيحى الصادق ليس هو مَن يُردّد صلوات لفظيّة، أو يُمارس عبادات مفروضة شكليّة، أو يتصدّق بحسنةٍ ما، ولكنّه هو الذى يحيا حياته كلّها كعضوٍ فى جسد المسيح، سواء كان فى الكنيسة او فى الملعب، فى البيت أو فى المدرسة.
- نحن لسنا هنا على الأرض فقط من أجل خلاصنا الشخصى، ونجاتنا من الهلاك الأبدى، وإنّما من الواجب علينا أن نُشارك فى العمل لخلاص العالم كلّه.