stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكتبالمكتبة الكاثوليكية

كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة – الوحدة الثالثة ‏” اللقاء السادس “

779views

كتاب مُرشِد خادم المرحلة الإعداديّة

الوحدة الثالثة
أمثلة ومعجرات السيّد المسيح

اللقاء السادس

 

مَثَل “القمح والزؤان”

  • النصّ الكتابىّ:

“وقدم لهُم يَسوع مَثلاً آخرَ، قالَ: يُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ رَجُلاً زرَعَ زَرعاً جيَّداً فى حقلِهِ. وَبينَما النَّاسُ نِيامٌ، جاءِ عَدوٌهُ وزَرعَ بَينَ القَمحِ زؤانًا ومضى. فلمّا طلَعَ النَّباتُ وأخرَجَ سُنبلَه، ظهرَ الزؤانُ معَهُ. فجاءَ خدَمُ صاحبِ الحَقلِ وقالوا لَه: يا سيَّدُ أنتَ زَرعتَ زَرعاً جيَّداً فى حَقلِكَ، فمنِ أينَ جاءَهُ الزؤانُ؟ فأجابَهُم: عَدوٌ فعَلَ هذا. فقالوا لَه: أتُريدُ أن نَذهَبَ لنَجمَعَ الزؤانَ؟ فأجابَ: لا، لِئلاَّ تَقلَعوا القَمحَ وأنتُم تَجمعونَ الزؤانَ. فاَترُكوا القَمحَ يَنمو معَ الزؤانِ إلى يومِ الحَصادِ، فأقولُ للحَصَّادينَ: اَجمَعوا الزؤانَ أوَّلاً واَحزِموهُ حِزَمًا لِيُحرَق، وأمّا القمحُ فاَجمعوهُ إلى مَخزَنى” (مت 13: 24 – 30).

“وترَكَ يَسوعُ الجُموعَ ودخَلَ إلى البَيتِ، فجاءَ إليهِ تلاميذُهُ وقالوا لَه: فَسَّر لنا مثَلَ زؤانِ الحَقلِ. فأجابَهُم: الَّذى زَرعَ جيَّداً هوَ اَبنُ الإنسانِ، والحَقلُ هوَ العاَلمُ، والزَّرعُ الجيَّدُ هوَ أبناءُ المَلكوتِ، والزؤانُ هوَ أبناءُ الشَّرّيرِ، والعدٌو الذى زرَعَ الزؤانَ هوَ إبليسُ، والحَصادُ هوَ نِهايةُ العالَمِ، والحصَّادونَ هُم الملائِكةُ. وكما يجمَعُ الزّارعُ الزؤانَ ويَحرِقُهُ فى النّارِ، فكذلِكَ يكونُ فى نهايَةِ العاَلمِ: يُرسِلُ اَبنُ الإنسانِ ملائِكتَهُ، فيَجمعونَ مِن مَلكوتِه كُلَ المُفسِدينَ والأشرارِ ويَرمونَهُم فى أتونِ النّارِ، فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ. وأمّا الأبرارُ، فيُشرِقونَ كالشَّمسِ فى مَلكوتِ أبيهِم. مَن كانَ لَه أُذُنانِ، فليَسمَع!” (مت 24 : 36 – 43).

  • إلى خادم الكلمة:

يأتى مَثل القمح والزؤان بعد مَثل الزارع وشرحه، ثُم حبّة الخردل والخميرة، والمَثل يدور حول فكرة أن القمح وهو يشير إلى الخير، والزؤان وهو يشير إلى الشرّ بنموان معاً متشابكين ومتداخلين، ولا تقع البشر مسؤوليّة فضّ هذا الاشتباك، بل الله ذاته سيفصل بينهما فى زمن الحصاد، أى نهاية الأزمنة.

إن سؤال العبيد هو سؤال كلّ الأجيال “إن كان الله صالحاً فلماذا يوجد الشرّ فى العالم؟ ومن أين يأتى؟ ….وإذا كان المسيح قد جاء فلماذا تُوجد الخطيئة فى العالم وفى الجماعة المسيحيّة؟”.

عندما يقول ربّ البيت: “إن عدوّاً قد فعل هذا” فهو يقول لست مسؤولاً عنه، والكتاب المقدّس لا يُقدّم تفسيراً، بل يُساعدنا على نعرفة كيف يمكن أن نعيش فى العالم حيث ينمو الخير والشرّ معاً.

إن أمر ربّ البيت بعدم نزع الزؤان، لا يعنى أن الله لا يبالى بالشرّ، أو يسكت عنه، بل يعنى أن زمن الفصل والنزع لم يأتِ بعد، وأن مسؤوليّة الفصل بينهما لا تقع على البشر.

يعيش الخير والشرّ، الأبرار والخطاة معاً فى عالم يصعب الفصل بينهما، ودائماً ما يتساءل البشر عن ضرورة تدخّل الله فى حُكم العالم بقوانين أكثر وضوحاً، إنهم يرون أن صبر الله واحتماله زاد عن الحدود، لذلك يُريدون القيام بدور الله فى الفصل والتصنيف.

جاء يوحنّا المعمدان يبشرّ بمسيّا يفصل بين الأبرار والأشرار “ويأخذُ مذراتَه. بيدِهِ ويُنقّى بَيدَرَه، فبَجمَعُ القَمحَ فى مَخزَنِه ويَحرُقُ التَّبنَ بنارٍ لا تَنطَفئُ” (مت 3: 12)، ولكن جاء يسوع، ويبدو أنه يفعل العكس تماماً، فهو لا ينعزل عن الخطاة، ولا يتخلّى عنهم، بل فى وسط تلاميذه أنفسهم كان الخائن والجبان.

هنا نفهم قوّة مَثل القمح والزؤان، وهناك تناقض بين تصرّف الله الصبور وطويل الأناة، وتصلّب وتشدّد البشر. حتّى فى الجماعة المسيحيّة الاولى كانت هناك تجربة التشدّد فى غفران الخطايا المرتكَبة بعد المعموديّة. ويقول بولس الرسول “فلا تَحكُموا على أحدٍ  قَبلَ الأوانِ، حتّى يَجئَ الرَّبُّ الذى يُنيرُ ما خَفىَ فى الظَّلامِ ويكشِف نِيّاتِ القُلوبِ، فيَنال كُلُّ واحدٍ مِنَ الله ما يَستَحِقهُ مِنَ المَديحِ” (1كور 4: 5).

قد يُشير التسامح إلى موقف اللاّمبالاة تجاه الشرّ، لكن هذا المعنى غير وارد فى المَثل، ولكن تَرك القمح مع الزؤان هو نتيجة موقف الله المُحبّ للبشر لا للشرّ، وهذا ظهر واضحاً فى موقف وتعاليم السيّد المسيح الذى كشف لنا عن موقف الله، وأظهر أنه لا توجد خطيئة على الأرض مهما كانت تحرم الإنسان نهائياً من رحمة الله لَمن يطلبها.

  • الفكرة الاساسيّة:

” فأجابَ: لا، لِئلاَّ تقلَعوا القَمحَ وأنتُم تَجمعونَ الزؤانَ. فاَترُكوا القَمحَ يَنمو معَ الزؤانِ إلى يومِ الحَصادِ” (مت 13: 29 – 30أ).

  • الهدف:
  • أن يكتشف المخدومون من خلال مَثل القمح والزؤان موقف الله الذى يعلنه يسوع المسيح تجاه الخطيئة والخطاة.
  • يقود هذا التصرّف المخدومين إلى فَهم ما يريده يسوع، وخاصّة أنه ليس من دورنا الفصل بين الخطاة والأبرار أو الحُكم عليهم، بل الحُكم لله فى آخر الزمان.
  • الاحتياجات والصعوبات:
  • يحتاج المخدومون إلى الفَهم العميق لأمثال يسوع، وخاصّة هذا المَثل الذى يشرحه يسوع نفسه.
  • على الخادم التركيز على فكرة صبر الله وطول أناته، وهو يحبّ الخطاة، لكنّه لا يقبل الخطيئة.
  • لم يسمح ربّ البيت للحصّادين باستبعاد الزؤان، وكذلك عمل يسوع، وهو اليوم يطلب منّا نفس الشئ، يجب علينا ألاّ نصنّف الناس، أو تستبعدهم بحّجة أنهم يرتكبون الخطايا، فهذا يتضمّن الاعتقاد بأننا أبرار، واتّهام الآخرين بأنهم أشرار، وهذا ليس من حقّنا بالمرّة، لأننا هكذا نقوم بدور الله وهو فاحص القلوب والكُلى.
  • الموقف السابق يمثّل احتياج وصعوبة، الجوّ الاجتماعى والثقافى السائد يشجّع الناس على الحُكم من الخارج، والتدخّل فى شؤون الغير دون وجه حقّ، لذلك على الخادم التركيز على رفض سماع الاشاعات والنميمة، والصعوبة آتية من كثرة وانتشار الأحكام على الآخرين، فتُصبح أمراً عاديّاً أو مألوفاً أن ننشر الإدانة والإشاعات عن الغير، ولذلك من المتوقّع أن يقاوم المخدومون فكرة تَرك الحُكم لله، ولا يتوقّع الخادم استجابة سريعة منهم، بل عليه أحد من الخارج، ولكن يقع فى الإدانة والنميمة.

كما ننصح دائماً، فإن المخدوم يتعلّم من تصرّفات الخادم أكثر من كلامه، لذلك على الخادم الانتباه لتصرّفاته ولأحكامه على الآخرين، وخاصّة عندما يكون لديه مخدوم كثير الحركة أو عنيف، والأسهل دائماً هو محاولة استبعاد مثل هؤلاء بحجّة أن الأخلاق الرديئة تفسد الاخلاق الحميدة، علماً بأن هذا المبدأ يُستخدم بخفّة وسطحيّة دون بذل مجهود حقيقى، فعلى الخادم تجنّب هذا التصرّف، وتجنّب إطلاق الاحكام السطحيّة على الناس.