لا تخافوا فشعور رؤوسكم كلها معدودة – الأب وليم سيدهم
لا تخافوا فشعور رؤوسكم كلها معدودة
من يستطيع أن يُخصي شعر رأسه رجل كان أم إمرأة؟! كانت الثقافة السائدة في عصر المسيح ترى في عدَّ شعر رأس الإنسان عملية معجزية لا يستطيع أن يصل إليها إلّا الذي خلقها وهو الله وحده. ولكن أطباء التجميل اليوم خاصة المهتمين بزرع الشعر في الرؤوس الصلعاء يقولون غير ذلك. لقد توصلوا إلى عدّ شعر الرأس فهم يستخدمون أدوات حديثة لعمل زرع شعر الرأس الصلعاء.
وحينما نقرأ هذا النص في الكتاب المقدس نضحك على مثل هذه الحجة، لقد وصل الإنسان إلى ما يفترض أنه شأن إلهي وهكذا تتوارى قدرة الله ليصبح جزء من قدرة الإنسان الحديث “بَلْ شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ!” (لو 12: 7)
في العديد من النصوص في الكتاب المقدس تتناول قدرة الله ورعايته للمؤمن، فيقول المزمور(121) ”أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي!”، “وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ.” (مت 6: 28) ، “اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟” (مت 6: 26)، كل هذه النصوص تركز على خبرتنا في الحياة اليومية وعلى ملاحظتنا لحركة الطبيعة.
إن الله يطمئن الإنسان على حياته ومستقبله ويتعهد أن لا يتركه فريسة للظروف ولمصائب الطبيعة “لاَ تَضْرِبُكَ الشَّمْسُ فِي النَّهَارِ، وَلاَ الْقَمَرُ فِي اللَّيْلِ.” (مز 121: 6) ويترنم كاتب المزمور بعناية الله.
إن إيماننا بمحبة الله ورعايته تغمرنا بالإطمئنان وتملأنا بالسلام “سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.” (يو 14: 27)، هكذا يستطيع الإنسان حينما يقبل ضعفه ومحدوديته أن يتكل على الله الذي يعوضه عن القلق الوجودي الذي يشعر به في أوقات الشدّة، حينما يشعر أن لا حول ولا قوة له في هذا الكون.
يقول إرميا النبي “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ، وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ، وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ.” (إر 17: 5) نعم، لأن البشر ضعفاء مثلنا ولا يحصلوا على القوة إلا من الله ومن يختاره الله ليكون شريكًا له في الخلاص
إن رجال الله هم شركاؤه واتقياؤه الذين إرتبط مصيرهم بمصير الله كلي القدرة وراعي الجميع الذي يشرق شمسه على الأبرار والأشرار وليس أحد خارج معطف محبته وحنانه.