لتكن مصابيحكم موقدة وأحزمتكم مشدودة – الأب وليم سيدهم
لتكن مصابيحكم موقدة وأحزمتكم مشدودة
لماذا نوقد المصابيح ولماذا نشد أحزمتنا ليل نهار؟ إنها لحظة الإنتظار لحظة اللقاء مع الحبيب نحن مدعوون إلى لبس حلة الإحتفال كما نحن مدعوون إلى الإستعداد للرحيل في أي لحظة.
المظهر الخارجي مهم جدًا لنا ولمن يرونا، مهم لنا لأننا عقدنا العزم على التحرك من أماكننا المعتادين على التعابرفيها إلى الإضاءة إلى مداها. هذا النور هو علامة على وضوح الرؤية ونفض كل الظلال عن أوجهنا وعن شخصيتنا فنحن أبناء النور ولسنا من أبناء الظلمة، إننا سنعبر من مسكننا الأرضي إلى مسكن آخر أعده لنا الله بنفسه في السماء.
الحديث هنا عن نهاية مسيرتنا الأرضية فنحن نحمل على ظهرنا ملايين القرارات والإختيارات التي قمنا بها في كامل مسيرتنا على الأرض وكما في الدينونة في محاكم إيزيس وأزوريس في عصر الفراعنة العظام هكذا نحن اليوم سنمر بإمتحان رب المجد لكل ما عشناه من حلو ومُر من كل ما تركناه في هذه الدنيا من آثار طالت جيراننا ومواطنينا سلبًا أو إيجابًا. وكما جاء في إنجيل متى فإن سؤال الديان سيتمحور حول موقفنا من الجعان والعريان، من المريض والسجين وآخر شيء سيكون حضور القداس.
وطبيعة هذه اللحظة هي عدم الإعلان عنها مسبقًا، إنها تباغتنا ولا تترك لنا أى فرصة للإستعداد بل هذا الإستعداد يجب أن يكون مسمرًا على مدار الاعة فالموت لا يستأذن البشر، والبشر متمسكون بحياة الدنيا ومهما سمعوا من مواعظ وشاركوا في المآتم فإنهم ينسون بعد أقل من ساعة كل ما قيل عن وحشية الموت ومفاجئاته.
إن الأحزمة المشدودة والسرج الموقدة هي رموز لوضع الإستعداد المستمر جسدًا ونفسًا وروحًا لإستقبال هذه اللحظة بوقار وكرامة، بشجاعة المحاربون النبلاء الذين يدخلون المبارزة بكامل وعيهم وبكامل قدرتهم يواجهون الموت وجهًا لوجه وكأنه العقبة التي لابد عليهم من إختراقها ليصلوا إلى بر الأمان، وكلنا نتذكر حال بني اسرائيل قبل عبور البحر الأحمر فقد أقروا بأن يستعدوا هكذا للحظة الإنتقال من حال العبودية إلى فضاء الحرية مخترقين البحر الأحمر وراء النبي موسى، ورغم أنهم ابلغوا مسبقًا بقرار العبور إلا أنهم ظلوا على أهبة الإستعداد دون أن يعرفوا ساعة الصفر.
ونحن مطالبون اليوم أن نكون في وضع استعداد دائم فلا تراخي ولا إهمال، لا تأجيل ولا إستهتار لأن الساعة آتية لا ريب فيها، خذ حياتي يا ألهي إني أبتغي رضاك.