مراحل وميزات سني الطفولة / الأخت دُنيز الخوري
مراحل وميزات سني الطفولة / الأخت دُنيز الخوري
مقدمة
الأطفال الذين نهتم بهم تتراوح أعمارهم بين 4- 12 سنة وتقسم هذه الفترة إلى مراحل مختلفة لكل منها ميزاتها الخاصة. وقبل أن ندرس ميزات الطفل في عمر أربع سنوات وما بعد لا بد لنا من الرجوع إلى نقطة البداية أي الأشهر الأولى من حياة الطفل لأن هذه المرحلة هامة جداً لتكوين شخصية الإنسان. ففي السنوات الأولى يبني الإنسان أساس شخصيته فيكون أساساً سليماً إن ساعدته البيئة على ذلك وإلا جاء متزعزعاً, فيه الكثير من الفجوات.
ملاحظة هامة: (يجب أخذها بعين الاعتبار)
الطفل الذي نتعامل معه في المركز ليس صفحة بيضاء أو عجينة لينة بل يحمل معه كل ما زرع فيه في سنواته الأولى من طاقات وقدرات ومواهب.
النمو عند الأطفال ليس متجانساً ومتوازناً بل يختلف حسب الطفل والبيئة والمحيط وليس العمر الجسدي مرافق دائماً للعمر النفسي.
التطبيق العلمي :
علينا معاملة كل طفل انطلاقاً من ذاته لأنه شخص مستقل له حريته وإمكانياته وردود فعله الخاصة. وهذه المعاملة تساعد الطفل على النمو.
مراحل النمو
1- فترة الحمل :
هي فترة هامة جداً لأنها تطبع شخصية الإنسان من خلال إحساس شامل نتيجة نفسية الأم. فإذا كانت الأم سعيدة قابلة للطفل شعر الطفل بأنه محبوب ومرغوب فيه. وقد قال أحدهم : إذا أردنا جيلاً سليماً علينا ن نربي الأم وهي لا تزال شابة.
2- المرحلة الفميّة – السنة الأولى :
يعيش الطفل في الأشهر الأولى حالة خلط بينه وبين الأشياء ولا يميز بين ذاته وبين العالم الخارجي وكل ما يهمه هو ما يلبي حاجته إلى الأكل والنظافة وتسمى هذه المرحلة بالفميّة لأن كل شيء يتركز حول الفم.
في هذه المرحلة ينمو الطفل من خلال حنان ومحبة أمه. الرضاعة الطبيعية هامة لأنها تشعر الطفل بهذا الحنان وهذه المحبة وإذا تعذرت الرضاعة الطبيعية يطلب إلى الأم أن تحضن الطفل أثناء الرضاعة الاصطناعية ليشعر الطفل بدفء جسدها وحنانها وحبها.
على الأم في هذه المرحلة التحدث إلى طفلها أثناء الرضاعة والاستحمام لأن الأم هي أول شخص يتعرف إليه الطفل وهي تطبع شخصيته من خلال علاقتها به من خلال نظرتها ونبرة صوتها فإذا كانت العلاقة سليمة يمكن لهذا الطفل أن يعيش في المستقبل علاقة سليمة فيها الثقة بالنفس والآخرين.
ولكن هناك علاقات سلبية : الأم أنانية تمتلك طفلها وتفرط في دلاله والأم تعتبر الطفل حاجة مادية تلعب فيها كما تشاء، تعطيه الحليب دون أي شعور بالمحبة والحنان، وأثناء الحمام استعجال، لأن لا وقت لديها للعب معه والتحدث إليه فيشعر الطفل بالحرمان وأنه غير مرغوب فيه.
التطبيق العلمي :
علينا كآباء وأمهات المستقبل أن نربي أنفسنا على قبول ومحبة الآخر. على التجرد والتخلي عن أنانيتنا. علينا محاربة نزعة الامتلاك فينا والتحلي بالصبر وضبط النفس.
دور الأب في هذه المرحلة لا يقل أهمية عن دور الأم فحضوره ضروري وفعال في نمو الطفل.
3- مرحلة اكتشاف الذات الجسمانية- السنة الثانية :
بعد السنة الأولى يبدأ الطفل باكتشاف ذاته الفيزيولوجية فيكتشف أعضاءه وكل جسمه ويبدأ بتمييز ما هو منه وما هو خارج عنه وهو سعيد وفخور بهذا الاكتشاف. في هذه المرحلة يحب الطفل اللعب في الطعام والتراب والوحل ليكتشف قدراته الحركية فعلينا توجيهه دون قسوة لأن اللعب بالنسبة له هو طريق المعرفة والنمو. كما علينا أن نعامل الصبي والبنت نفس المعاملة وألا نزرع فيهم مفهوم العيب والغلط بل نساعدهم على الفرح بأجسادهم وعلى التوصل إلى النظافة دون الإكراه.
4- مرحلة اكتشاف الأنا النفسي الثلاث سنوات (الفطام – المدرسة) :
في هذه المرحلة يشعر الطفل بحاجة ملحة للمحبة كما يشعر بالخوف من أن يترك. إنه بحاجة إلى الأمن والطمأنينة. وشعوره هذا قد يكون ملحاً بقدر ما شعر بالحرمان في السنوات الماضية، حرمان شعر به في فترة الفطام المادي في السنة الأولى وقد كان من واجب الأم أن تعوض هذا الحرمان بالمحبة والحنان. وفي هذه المرحلة فطام نفسي هو فطام الابتعاد عن الأم والذهاب إلى الروضة فعلى الأم أن تهيأ طفلها لهذه المرحلة فتحدثه عن الروضة والرفاق والألعاب وإذا اقتضى الأمر أن تزور الروضة مع طفلها وتعرفه إلى الأماكن والمربية فلا تكون الروضة عقوبة للتخلص منه.
تتميز هذه المرحلة أيضا ًبظاهرة الخوف : الخوف من الظلام، من الأشياء الغريبة مع الحاجة للمعرفة لذلك نراه يكثر من الأسئلة : ماذا؟ لماذا؟ علينا الإجابة على هذه الأسئلة بصدق وهدوء دون عصبية. وظاهرة الخوف هذه تزداد إذا تغير عليه الجو والمحيط فهو يسعى لأن يكون له محله وكرسيه في المدرسة والبيت، إنه يحب الترتيب وعدم تغيير الأشياء لأن هذا يشعره بالأمان
في هذا العمر أيضا ًيكتشف الطفل الأنا النفسي ويحاول أن يتحقق من هذا الأنا عن طريق الرفض والممانعة فهو لا يعرف إلا كلمة “أنا” و”لا” مثلا ً يرفض ترديد ما تعلم في الروضة عند الطلب بينما يرفض ترديد ذلك تلقائيا ً إذا لم يطلب منه .
يشعر أنه بحاجة إلى مساعدة الآخرين ولكنه لا يريد أن يعمل الكبار بدلاً عنه. هذه المرحلة هامة جدا ًبالنسبة للطفل فعلينا أن نساعده ونحترمه ونقدر طاقاته ونطلب منه العمل ضمن هذه الطاقات. علينا أن نحبه ونلبي حاجاته وليس نزواته مع شيءٍ من الحزم.
التطبيق العلمي :
تفكير الطفل عملي وحسي. يرى العالم الخارجي بشكل إحيائي. لكل شيء إرادة وإحساس مثلا ً اللعبة تأكل وتبكي……..
– نساعد الطفل أن يعبر عن نفسه واكتشافاته بالرسم وبالمعجون.
هناك بعض الأخطاء التربوية التي يمكن أن نتعرض لها :
علينا أن لا نقابل رفض وممانعة الطفل بالإكراه، بل نترك له المجال ليعبر عن ذاته ونساعده على ذلك.
عدم مقارنته بإخوته أو رفاقه أو أقربائه فينكمش وينطوي على ذاته بل علينا أن نشجعه عندما يقوم بعمل ناجح فالتشجيع والثناء شرط النمو .
خيال الطفل واسع أحياناً كثيرة يعيش في عالمه الخاص ولا يعيش في الواقع، يحول رغباته وأحلامه إلى واقع. أحياناً كثيرة ننعت هذا بالكذب. الطفل في هذا العمر لا يعرف الكذب بل يخلط بين الواقع والخيال. مثلاً طفل يحلم أن يحصل على علامة جيدة يصبح الحلم أو الرغبة واقع ويقول لأمه أنه أخذ عشرة بينما تكون العلامة أقل من ذلك بكثير.
5- مرحلة الخمس سنوات – عقدة أوديب :
في هذه المرحلة يحاول الطفل تركيز معلوماته فهو لا يسأل إذ قد اكتشف الكثير فعليه أن ينظم هذه المعلومات.
تمتاز هذه المرحلة بظاهرة الغيرة القوية فهو يريد كل شيء له. يغضب ويكسر.
ظاهرة أوديب: الفتى يشعر أن والده هو المثل الأعلى له وبنفس الوقت يزاحمه على أمه فيتمنى قتله ليحل محله. الفتاة تميل إلى والدها وتغير من أمها وتريد أن تأخذ مكانها. تخطي هذه المرحلة يتوقف على العلاقة السليمة بين الأهل ومحبتهم وحزمهم مع الأولاد. نحن كمربين علينا أن نحيط الطفل بمحبة كبيرة ونساعده على الانفتاح على الآخرين فيشعر بالاحتياجات الاجتماعية دون ضغط أو إكراه.
6- مرحلة الست سنوات – سن التشتت :
في هذه العمر يحب الطفل القيام بتجارب جديدة ولكنه في أغلب الأحيان لا يحسن الاختيار. يشعر ويفكر أن باستطاعته القيام بأعمال كثيرة ولكنه يخطأ في تقدير إمكانياته لذلك نراه متطرفا ً يختار هذه اللعبة ثم بعد فترة قصيرة يتركها. يختار هذا العمل ثم يعدل عنه يحب الخصام.
التطبيق العلمي :
علينا أن نساعد الطفل على اكتشاف إمكانياته وإعطائه أعمالاً حسب طاقته لنخلق عنده الثقة بالنفس.
7- مرحلة السبع سنوات – سن التفكير:
تبدأ في هذه المرحلة ما يسمى بمرحلة الكمون وتمتاز هذه الفترة بنوع من الهدوء حيث تتشكل عند الطفل المعطيات المباشرة للمعرفة فيستوعب انطباعاته الشخصية وهو يميل إلى العالم الداخلي والخلوة. يحب التأمل والصلاة كما أنه يزداد وعياً لنفسه وللآخرين فيصبح أكثر اجتماعياً من قبل.
التطبيق العلمي :
علينا أن نساعد الطفل على اكتشاف المسيح في حياته ويدخل في علاقة شخصية معه انطلاقا ً من حبه للصلاة.
8- مرحلة الثماني سنوات – سن البوح بالعواطف :
يظهر الطفل أقل انطوائية وأكثر انفتاحاً على العالم الخارجي والآخرين فهو يتجاوب بسرعة لذلك علينا أن نساعده على معرفة العالم والآخرين عن طريق اللعب وهو يعبر لنا عما يحب ويكره، لذا يجب أن نصغي إليه ونأخذ كلامه وعواطفه بعين الاعتبار إذ في هذه المرحلة نبني شخصيته الاجتماعية فنجعله يكتشف من هو بالنسبة لذاته وللمجتمع ومن هم الآخرون ومن هو الله. إن الطفل في هذا العمر يشعر بحقوقه ويطالب بها كما يشعر بمسؤوليته وأحيانا ً ليتجنب هذه المسؤولية يلجأ إلى الكذب. فمن واجبنا كمربين أن نعلمه الصدق والاعتراف بالخطأ وأن نقلل من العقاب لنحافظ للطفل على ثقته بنفسه وبالآخرين.
9- مرحلة التسع سنوات – سن إثبات الذات :
يتصرف الطفل في هذا العمر بحسب دوافعه الشخصية فيشعر أنه لم يعد طفلاً وعليه أن يثبت ذاته لذلك نراه منهمكاً كثيراً فهو يريد أن يعمل الكثير وأن يظهر قدراته. كما أن حياته العاطفية تصبح أكثر عمقا ً فيميل إلى العزلة وينفر أحياناً من الأعمال الجماعية لذا علينا أن نركز على الأعمال الفردية مع تقدير صحيح لإمكانيات كل طفل لئلا يتعرض للفشل كما علينا الاهتمام به بفطنة ونوع من التساهل.
10- مرحلة العشر سنوات – نهاية الطفولة :
يتميز هذا السن بالاتزان وحسن التكيف والثقة والحيوية فهذا السن هو سن الانفتاح الكامل والتأمل بكل ميزات الطفولة. يعي الطفل ذاته. في هذا السن تظهر ميول الطفل بشكل واضح وخاصة في مجال الإبداع فعلينا أن نكون دقيقي الملاحظة لنكتشف هذه الميول والمواهب : كالرسم- الموسيقى- الرياضة ونغذيها على كل المستويات الثقافية والروحية والجسمية والاجتماعية. في هذه المرحلة يحب الأطفال الأعمال الجماعية.
11- مرحلة 11- 12 سنة (سنة الانزلاق نحو المراهقة) :
في هذا السن وخاصة عند الفتاة تبدأ التغيرات الفيزيولوجية ويتبعها تغيرات فكرية ونفسية. تبدأ المُرَاهِقَة بإظهار الانشغال بذاتها مع نوع من القلق. تهتم الفتاة بلباسها وزينتها. تكتشف أنوثتها.
علينا مساعدة الفتاة لتقبل أنوثتها دون ميل زائد إلى حب الظهور.
بالنسبة للفتى يستمر في نهاية الطفولة. لكنه يشعر أنه لم يعد طفلاً ولم يصبح مراهقاً. أحياناً يشعر بنوعٍ من القلق يريد أن يكبر وليس لديه بعد الطاقات الجسدية الكافية.
في هذه المرحلة تبتعد الفتيات عن الفتيان لأنهنّ يشعرن أنهن أصبحن كبيرات والصبيان صغار.
عمليا ً علينا مراعاة هذه الناحية باختيار أعمال ونشاطات خاصة للفتيات وأخرى خاصة بالفتيان.
على المربي الشاب الذي يتعامل مع الفتيات أن يكون حذراً جداً فلا يسمح لهن بالتعلق به ……
خاتمة
هذه بشكل سريع مراحل الطفولة التي يمر بها كل إنسان مع الميزات الخاصة بها. أتمنى أن تفيدنا في التعامل مع الأطفال في مراكزنا.
عن موقع جمعية التعليم المسيحي بحلب