نسمات روحية – المونسنيور توماس حليم
كلِمات يَسوع على الصَليب
طريق الجلجلة
٢- الرحمة
رائعة في الحقيقة رحمة يسوع غير الموصوفة. وعظ كثيراً عنها وكرّر عدة مرات “أريد رحمة لا ذبيحة”، كما أنّه أدمجها في صلب الصلاة الربية الجميلة. والآن في أمرّ ساعاته يظهر هذه الرحمة، في أقصى كنهها، وإلى أقصى امتدادها، ويظُهر إلى حد بعيد قول الإنجيل أن اغفروا سبع مرّات سبعين مرة، إنه الغفران إلى أقصى الحدود، وفوق الحدود. ولا يكفي أن نشاهد هذا الغفران الرائع، بل يجب أن نقتدي بالمثل، فالمسيح هو لنا قائد، علينا السعي وراءه، وهو مثال علينا اقتفاء آثاره. من هنا وجب محاربة كل ما يتسرب إلى قلوبنا من الحقد والضغينة، وعلينا أن ننتبه إلى الحقد الذي يتأصّل في قلبنا شيئاً فشيئاً. بحيث، لا نعود نتصرّف تحت تأثير العواطف القلبية. وإنّما نواجه، بصدق وصراحة، تأثّراتنا تجاه التصرّف القاسي، أو الحاقد، أو إزاء هجوم ضد شخصنا, أو ضد عائلاتنا، أو ضد وطننا، علينا أن نكشف كل هذه البقع المظلمة التي لم يدخلها نور الإنجيل والتي يمكن أن نقول عنها إنها لم تبشرَّ بعد بتعاليم المحبة والغفران. فكما يقول الكتاب “فلنتقدَّم بثقةٍ إلى عرش النعمة لكي ننال رحمةً ونجد نعمةً عوناً في حينهِ”.