نسمات روحية – مونسنيور توماس حليم
الصليب في حياتنا
المسيحية و الصليب
٢- الصليب والإيمان المسيحي
بعد أن كشف السيّد المسيح عن هويته لتلاميذه، أراد أن يُطلعهم على رسالته، فأنبأهم عن آلامه وصلبه وقيامته: “وبدأ يسوع من ذلك الحين يظهر لتلاميذه أنّه يجب أن يذهب إلى أورشليم ويعاني آلاماً شديدة من الشيوخ وعظماء الكهنة والكتبة ويُقتل ويقوم في اليوم الثالث”. وهدف هذا الكشف هو تحضير التلاميذ لهذه المرحلة المهمّة في حياته التي تشكِّل الهدف والقمة والغاية التي من أجلها تجسّد وجاء إلى الأرض، فهدف “سر التجسد” هو “سر الفداء”. ونفهم أيضاً بأنه كان يعرف مسبقاً ما سيحدث له لأنّه لهذا أتي إلى العالم.
من هنا يمكننا أن نفهم موقف السيّد المسيح، فهو يعلم ويعمل، أي أنّه لا يكتفي بالتعليم والكلام الجميل بل يطبق كل ذلك في حياته ويعطي من ذاته قدوة حسنة لتلاميذه ” فإذا كنت أنا المعلّم والرب صنعت ذلك فافعلوا أنتم أيضاً كذلك”. فعندما علَّم عن محبة الأعداء غفر لهم وهو على الصليب: “يا أبتي، أغفر لهم لأنهّم لا يعلمون ماذا يفعلون”، وعندما علَّم عن الألم والصلب والموت، تألم وصلب ومات هو أيضاً بأيدي البشرـ أي أنّه ضحى بنفسه في سبيل أحبائه، تماماً مثل الأم المستعدة للموت لإنقاذ حياة أبنائها.