نسمات روحية – مونسنيور توماس حليم
كلِمات يَسوع على الصَليب
الكلمة السادسة
قد أكُمل «تمّ»
٣- المسيح و النّبوءات
عندما شعر المسيح بأنفاسه الأخيرة، أدرك أن مرحلة التجسد، بكل ما فيها من أتضاع، توشك أن تنقضي، فطابت نفسه وفرح. كيف لا وقد مرّت زوبعة الآلام وصار الجو صافياً، وعبر بحر الأهوال وها هو يصل إلى شاطئ المجد منتصراً، وقطع آخر مرحلة في سياحته الأرضية واقترب من الوطن السماوي، وأتمّ الجهاد، وتوقّفت رحى الحرب مسفرةً عن انتصارٍ باهر، وأُكمل السعي ولاحت أكاليل الفوز المبين، وأُسدل الستار على شقاوة الأرض، وكُشف النقاب عن سعادة السماء. وصالح السماء مع الأرض. وأضاء لنا الفردوس وأصبحنا قريبين منه ولم يعد يفصلنا عنه شيء بعد أن سمح للص اليمين بعد توبته أن يدخله. وما أحلى قوله الذي ينمّ عن يقين ويشفّ عن ارتياح: “بَعْدَ قَلِيلٍ لا يَرَانِي ٱلْعَالَمُ أَيْضاً، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ” (يوحنا 14: 19).