ها أنا أرسل لكم الروح القدس – الأب وليم سيدهم
ها أنا أرسل لكم الروح القدس
إن قيامة المسيح من بين الاموات حدث عظيم قسم أورشليم إلى نصفين، النصف الأول هم رؤساء الكهنة والذين حكموا على يسوع بالموت، لقد خاب مسعاهم في السيطرة الكاملة على المسيح، لقد ظنوا أن بموته سيتخلصون منه مرة واحدة إلى الأبد فتستقر لهم الأمور ويظلوا يتاجرون باسم الله دون خوف أو تهديد بفضحهم.
أما النصف الثانى فهم مريدوه وتلاميذه والنسوة اللاتى كن معه طوال مسيرته الأرضية إنهم وقعوا في حيرة كبيرة فبعد أن شاهدنا القبر فارغًا لم يؤمنوا بقيامته إن هذا الحدث يفوق إدراكهم، نعم لقد سمعوا من المسيح مرارًا وتكرارًا أنه سيموت وسيقوم في اليوم الثالث، لكنهم لم يتخيلوا كيف سيتم ذلك. لا أحد قام من بين الأموات قبله. ولذلك ظلوا خائفين من ملاحقتهم بواسطة رؤساء الكهنة لإنزال العقاب بهم بعد فشل مشروع معلمهم والحكم عليه بالموت.
توالت ظهورات يسوع للرسل ومريم المجدلية وكلها تؤكد فعل قيامته، ما لم تره عين ولم تسمع به أذن يتحقق الآن بفعل قيامة يسوع.
لقد تحول جسد يسوع ليصبح جسدًا نورانيًا يصعب التعرف عليه فمريم المجدلية ظنت أنه البستانى ولم تتعرف عليه إلا حينما سمعت صوته يناديها بإسمها. وتوما رفض أن يؤمن به إلا إذا لمس مكان المسامير وبطرس انصرف الى الصيد ولم يصدق إلا حينما ظهر له وهو يصطاد ودعاه ليشاركه الأكل بجانب البحيرة.
وقليلًا قليلًا بدأ التلاميذ يفهموا ما كلمهم عنه أثناء حياته، فتذكر بطرس ويعقوب ويوحنا فنظره وهو يتجلى على الجبل وتذكروا أنه منعهم من الحديث عن هذا التجلي إلا بعد موته وقيامته وتذكرت مريم أخت لعازر ما قاله حين كان أمام قبر أخيها لعازر: “مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا” (يو 11: 25) .
وهكذا تجمع الرسل الأثنى عشر ومعهم مريم ينتظرون حلول الروح القدس الذي وعدهم به أثناء صلاته الكهنوتية قبل صلبه وقيامته: “وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.” (يو 14: 26)
لقد عاش التلاميذ أكثر من خمسين يومًا وهم يتذكرون كل ما عاشوه مع يسوع طوال حياته الأرضية. وما قاله لهم من تحذيرات من الكتبة والفريسيين وما أمرهم به حينما أرسلهم يبشروا بالملكوت ووصيته لهم أن: “وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.” (يو 13: 34).
لقد تم التحول الكيانى والباطنى للتلاميذ وشعروا أنهم مدعوون لإتباع الطريق الذي دعاهم إليه يسوع “من سمع إليكم سمع إلي. ومن أعرض عنكم أعرض عني، ومن أعرض عني أعرض عن الذي أرسلني ” (لوقا 10 : 16) تحول الخوف إلى شجاعة والهرب من الموت إلى مواجهة مع قوى الكلام. وظهر إيمانهم بشخص المسيح كقوة لا تأبه بأى أخطار أو تهديدات: “وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ.” (مت 28: 20).