هوشعنا يا ابن داود – الأب وليم سيدهم
هوشعنا يا ابن داود
الجحش الذي أمتطاه يسوع ليدخل متوجًا ملكًا على أورشليم يظهر لنا نوعية المملكة التي يريدها يسوع، إنها مملكة الأطفال والكسحان والعرجان والفقراء والناس من كل نوع، أما أغصان الزيتون والثياب التي فرشت إحتفاءً به تظهر أيضًا نوعية الهدايا والعطايا التي إستطاع هؤلاء أن يقدموها ليسوع.
هوشعنا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب وهتاف فقراء أورشليم. إن أغصان الزيتون رمز السلام والبساطة، نعم، الفقراء يحتاجون إلى راعٍ في وقت تبدّدت خراف أورشليم من بين يدي رعاتها من المنافقين والمدعين.
هل نتذكر اللحظات الشاقة والمُضنية التي نمر بها في حياتنا اليومية. لحظات ضيق اليد، لحظات الخوف من المستقبل، لحظات الإحتقار التي نتحملها من ذوي السلطة وحاملي الصولجان، لحظات المرض والشعور بالضعف، لحظات الإحساس بالغربة وعدم فهم الآخرين لإحتياجاتنا الحقيقية، لحظات الظلم الذي يقع علينا، نعم، نحتاج إلى راعٍ حنون غفور، نحتاج إلى ملك صديق ومُحب، عطوف ومُعزي.
هذا هو ما عبر عنه الشعب الأورشليمي في استقبال ملك السلام، حبيب الفقراء. نعم، إنْ صَمَت هؤلاء الأطفال عن الهتاف ستنطق الحجارة يقول الكتاب المقدس.
إن الإحتفال بيسوع داخلًا أورشليم كملك على حمار هو إحتفال كلّ منّا بدخول يسوع بيتنا وقلبنا وعقلنا بهدوء؛ هو تحقيق رغبتنا في الإعتراف بنا كأشخاص طردوا إلى هامش الحياة مجروحين منسحقين، ها هو ملكنا أما الملك هيرودس وبطانته من رؤساء الدين فهم ينتمون إلى مملكة أخرى لا يسكنها الله بل يسكنها الكبرياء والتشبث بالسلطة ولا مكان فيها للضعفاء.
ولكن ما يحُز في قلوبنا كأصدقاء ليسوع ومريدينه، هو التغيير الجذري لمشهد الإحتفال في أحد الشعانين بعد بضعة أيام وبين الصراع العنيف بين مملكة الحق ومملكة الباطل وعلى التحديد يوم الجمعة العظيمة، يعلو صوت الباطل على صوت الحق مسخرين كل أدوات القمع وشهادات الزور وفقه التضليل ليعلو هذه المرة صوت الجماهير المُضللة ويختفي من المشهد صوت الفقراء أنفسهم ويصبح الهتاف “أصلبه .. أصلبه” ”فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا».” (مت 27: 25)
ما العمل؟ العين بصيرة واليد قصيرة كما يقول المثل، إن الفشل الذريع الذي مُني به أهل الحق هو فشل ظاهري ومؤقت، ولكن في الحقيقة تبرهن قيامة المسيح فجر الأحد وظهوره لمريم المجدلية ولتلاميذه مدة أربعين يومًا هو أبلغ رد على دعاة الموت والضلال.
لا نحكم سريعًا على يسوع بالفشل كما فعل بطرس وبعض تلاميذه ليمارسوا مهمتهم القديمة (الصيد) بل علينا أن نتريث فمحبة الله لا تسقط أبدًا والفجر يظهر بعد أحلك لحظات الليل. لقد قام المسيح.