وأخذ يغسل أرجل تلاميذه – الأب وليم سيدهم
وأخذ يغسل أرجل تلاميذه
بالأمس القريب إنحنى البابا فرنسيس على أرض المقر الباباوى ليقبل أرجل حكام دولة جنوب السودان الذين يتناحرون فيما بينهم وتسببوا في قتل الآلاف من الجنوبيين بسبب السلطة، إن إنحناء البابا الذي بلغ من العمر اثنين وثمانين عامًا ليقبل أرجل هؤلاء الساسة القتلة يدخل في سياق غسل يسوع لأرجل تلاميذه قبل العشاء الأخير.
هذا الفعل في المعتاد هو ما يقوم به العبيد، إلا أن يسوع أراد قبل أن يترك عالمنا أن يقلب الأوضاع ويجعل من أكثر الناس إحتقارًا أكرم الناس وأكثرهم قربًا إلى قلب الله.
لقد ظن بطرس أن هذا الفعل لا يليق بسيده يسوع فرفض أن يغسل يسوع رجليه إلا أن المفاجأة هو أن يسوع لم يتنازل عن قراره في ممارسة هذه الخدمة ليبرهن على أن كل إنسان مُكرّم بشكل مطلق. وأن هذا الفعل ليس مجاملة لتلاميذه بل هو فعل أصيل من أفعال الله كلي القدرة والمهابة الذي أرتضى أن يولد ابن في مزود للبقر تضامنًا مع ملايين البشر بلا مأوى في عالمنا التعيس.
ولأن بطرس يحب المسيح بشكل جنوني فقد غير موقفه وقال ليسوع: «يَا سَيِّدُ، لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضًا يَدَيَّ وَرَأْسِي». (يو 13: 9).
والجدير بالذكر أن إنجيل يوحنا هو الوحيد الذي لا يذكر الكلام الجوهري «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي».” (مت 26: 26)، وأحل محله هذا المشهد ليبين أن جوهر الإفخارستيا هو خدمة أفقر الفقراء وأن غسل أرجل إخوتنا البشر هو فعل تواضع ذو طبيعة إلهية ولذا قال يسوع لتلاميذه: “فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ” (يوحنا 13: 14)