وسأعطيك مفاتيح ملكوت السموات – الأب وليم سيدهم
ما هي مفاتيح ملكوت السموات؟ وكيف لبطرس الذي يعيش في خضم الواقع المؤلم لملكوت الأرض أن يقبض على مفاتيح ملكوت السموات هذا الوعد من المسيح إلى بطرس مقترن بالقدرة على الغفران “كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ.” (مت 18: 18)
إن الربط والحل هما من إختصاص الكاهن في الكنيسة حتى الآن، فالكاهن بإعتباره ممثل المسيح على الأرض يغفر ويحل الخطايا.
ونتسائل ما هي الحدود التي تفصل ملكوت الأرض عن ملكوت السموات؟ ويأتينا الرد من انجيل يوحنا مملكة الأرض هي مملكة خاضعة للسلطة السياسية كما أنها خاضعة للوقوع في فخ الخطية، انها مملكة العالم بما فيه من خير وشر خاصة لعمل الشيطان، وبالتالي هناك حرب خاصة بين مملكة الأرض ومملكة السماء. أبطالها هم تلاميذ المسيح وكل من يسلك بمقتضى الشريعة الباطنية التي وضعها في ضمير كل إنسان على الأرض، إن هذه الحدود متشابكة وغير واضحة المعالم، ولكنها تخضع أيضًا لتمييز المؤمن بالمسيح بينما هو للعالم وبينما هو لله.
يقول يسوع:” وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ، وَأَمَّا هؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ. حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ، وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهَلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ . أَمَّا الآنَ فَإِنِّي آتِي إِلَيْكَ. وَأَتَكَلَّمُ بِهذَا فِي الْعَالَمِ لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحِي كَامِلًا فِيهِمْ. أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كَلاَمَكَ، وَالْعَالَمُ أَبْغَضَهُمْ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ، كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ(يوحنا 17: 11- 14)
إن مفاتيح ملكوت السموات التي أُعطيت لبطرس، هي البشرى السارة التي ينتهجها المؤمن في سبيل العبور من الموت إلى الحياة، إن الملكوت السماوي يبدأ من الملكوت الأرضي، ولهذا نصلي ونقول “ لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.” (مت 6: 10) كما نصلي قائلين: “وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ” (مت 6: 13(
مفاتيح ملكوت السموات، هي الغغفران لخطايانا التي نرتكبها على الأرض، هي الولادة من الروح، هي سلوك الطريق الضيق، طريق الحقيقة التي نبحث عنها في كل اختيار نقوم به.
كلمة اخيرة إن هذه المفاتيح ليست حكرًا على بطرس الرسول وخلفاؤه، إنما هي ملك لكل المؤمنين بيسوع، الذين يتحررون من انحيازات العالم الفاني ويمتطوا أفق الملكوت هنا والآن على الأرض.
إن جميع الشهداء والمرسلين والشهيدات هم رأس مال الملكوت السماوي على الأرض، لأنهم تبعوا يسوع المسيح حتى التضحية بحياتهم دفاعًا عن حدود ملكوت السماوات وإنتصارًا على أنانية ملكوت الأرض.