يسوع في العرس ( يوحنا ٢ : ١ – ١١ )
يسوع في العرس ( يوحنا ٢ : ١ – ١١ )
معجزة الخمر في قانا الجليل .
اشترك يسوع في أفراح قانا الجليل ليقدّس الزواج المسيحي بحضوره ، ويرفعه من درجة عقد طبيعيّ بين الرجل والمرأة إلى مقام سرّ إلهيّ يكون مجلبةً للنعم الكثيرة التي يحتاج إليها المتزوّجون طوال أيام حياتهم ، فيستطيعون بفضلها أن يعيشوا عيشةً مقدّسة ، ويتحمّلوا بصبر ومودّة متبادلة أعباء الحياة المشتركة ، ويربّوا أولادهم تربية صالحة .
وكان هدفه الثاني من اشتراكه في العرس أن يؤكّد لأهل العرس – ولجميع المسيحيّين من بعدهم – أن الفرح محبّب إليه ، ولكن يجب عليهم أن يتقيّدوا بقواعد الأخلاق الصالحة والآداب السليمة في ملابسهم وتصرّفاتهم ومظاهر أفراحهم ، وأن يمارسوا فضيلة الاعتدال في المآكل والمشروبات ، ويتمتّعوا بأفراح العرس في جوّ بريء ، فينبذون عنهم الاستسلام إلى الرقص المعيب والأغاني القبيحة والسُكْر والمبلغات الأثيمة .
أمّا الهدف الثالث الذي توخّى يسوع إصابته فهو حٓمْل المسيحيّين على الثقة بمريم أُمّه العذراء وطلب شفاعتها …
إن هذه المعجزة حملت أبناء الكنيسة منذ القرون الأُولى في الشرق والغرب ، على أن يتضرّعوا إلى مريم العذراء ويسألوا شفاعتها التي لا تُخزى .
لقد فهموا أن شفاعتها لا تتعارض مع شفاعة يسوع ابنها ولا تنوب منابها . فإنه يتبنّى شفاعة أُمّه العذراء ويحملها إلى الله الآب ، ويجعلها في شفاعته شفاعة واحدة ووساطة واحدة ، فيبقى هو الشفيع الأصيل والوسيط الأوحد بين الله والناس . كما ذكر القديس بولس الرسول ذلك في رسالته الأُلى إلى طيموتاوس : ” إن الله واحد ، والوسيط بين الله والناس واحد ، ألا وهو المسيح يسوع الإنسان ” ( طيموتاوس الأُولى ٢ : ٥ ) .
والهدف الرابع هو تقويةإيمان تلاميذه الجدد برسالته السماويّة . لقد تبع يسوع خمسة رجال وأرادوا أن يكونوا له تلاميذ .
وكان يسوع يعرف أنهم كانو بحاجة إلى برهان يبيّن لهم أنهم لم يُخطئوا في اتباعه والبقاء معه . فاغتنم هذه الفرصة المؤاتية وقدّم
لهم البرهان الذي يزيل عنهم كل تردّد، ويؤكد لهم أنهم كانوا على صواب عندما لبّوا دعوته وانضمّوا إليه . وكان البرهان الذي قدّمه
لهم أنّه صنع معجزة لا يصنعها إلاّ الله وحده . وأطلع الرجال الخمسة مع أهل العرس على هذه المعجزة فمجّدوا قدرته الفائقة وآمنوا به وتبعوه نهائياً .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك