”إِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا” – الأب وليم سيدهم
”خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ” إن حواس الإنسان الخمسة هى الفتحات التى يدخل منها ضجيج الحياة إلى كيان الإنسان و لأن هذه الحواس مجردة من العقل فهى قد تصبح الشرارة التى يتسلل من خلالها كوارث تجلب على حاملها الدمار و التخريب.
فوظيفة العين مثلاً هى النظر على الجميل و القبيح الآدمى و الطبيعى و الحيوانى و الكونى، انها مجرد عدسة تستقبل الضوء و ما يحمل من صور متعددة الرسائل. و لا يمكن أن نلوم على جهاز النظر أى لائمة لأنه لا يستطيع أن يفرق بين ما هو خير و ما هو شر.
كذلك اللسان و حاسة التذوق و اللمس و الشم … الخ كلها أجهزة زود بها الخالق الإنسان لكى يتواصل مع الآخرين و مع بقية الكون، إلى هذا الحد فإن كلمة “الشكوك” لايمكن أن تنسب لهذه الحواس و الشكوك هو اتيان ما هو شئ و مذموم في سلوك الانسان.
إن الذى يميز ما بين نظرة جميلة و نظرة شريرة هو العقل و القلب. و تعرفنا الفلسفة أن العقل هو مربط الفرس لأنه يستطيع أن يعطينا أحكاماً عقلانية صحيحة إن لم تفسده الحواس العمياء نفسها.
لذلك يدعو السيد المسيح الإنسان أن يكون رقيباًعلى حواسه. وإن يتخذ كواقفاً جذرية منها كلما سمحت بإدراك أى شئ لكى يوقف المخاطر التى قد تتسبب فيها هذه الحواس على الإنسان نفسه أو على الآخرين.
و نذكر أن الدعوة لقهر الحواس موجهة للإنسان نفسه و ليس لللآخرين، لكى يكون رقيباً على مداخل و مخارج إدراكاته و أحكامه.
وفى مناطق مختلفة غير الكتاب المقدس يدعونا إلا نكون سبباً فى تشكيك الآخرين فالقديس بولس مثلاً يطلب من المؤمنين الأقوياء إلا يشككوا الضعفاء فيأكلوا اللحوم الوثنية مثلاً أمامهم حتى إذا كان المؤمن القوى لن يتأثر بمثل هذه الممارسات.
و يسوع المسيح يحذر الكبار من تشكيك الصغار لدرجة أنه يحذر المشككين بأنهم : “خَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحىً وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنْ يُعْثِرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ” ، إن التشكيك فى يقين الصغار و الكبار هو هدم لمعتقداتهم النظرية و النورانية التى تنير لهم طريق الحياة فحينما ننزع عنهم هذا اليقين الإيمانى بمحبة الله و حنانه فإننا ننزع عنهم الدفة التى توجه حياتهم كما لو نزعنا الدفة من السفينة فتصبح ميناء الهلاك بدلاً من مرفأ للخلاص.
و من الجميل فى الكتاب المقدس أن الله لا يفرض على أى لإنسان أى شئ إنما يبصره إلى الإتجاه الصحيح فإن رفضه حق عليه أن يدفع الثمن باهظاً.