stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

أبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك – الأب وليم سيدهم

419views

في بدأ الصوم الكبير تأمرنا الكنيسة بالدخول في علاقة إستثنائية مع الله، ويأمرنا يسوع أن نقتدي به في علاقته الفريدة مع الآب، غن الصلاة الفريدة والجميلة التي علمنا إياها سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح تبدأ بكلمة “ابانا” لقد غير يسوع لقب الله الذي تسلمناه من العهد القديم “السيد، الجبار، المتعالي …..” إلى اللقب الذي يستخدمه هو نفسه “أبي يشهد لي” فتحولنا من عبيد الله الى “ابناء الله” ما اجمل الابن حينما يشعر بحنا ورفق ومحبة أبيه، “«هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ.” (إش 49: 15).

في زمن الصيام والصدقة والصلاة نحتفل إحتفالا فريدًا في علاقتنا مع الله، إن التركيز على عبارة “ابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك”هي دعوة للدخول في علاقة حميمية مع الآب، هي رفع درجة العلاقة بيننا وبين الله إلى درجة عمل “مشيئته” في حياتنا اليومية، ومشيئة الله هي أن نتحرر من سلطان المادة لنصبح تحت سلطان الذي أعطى هذه المادة: الغذاء والكساء والمال والمجد الباطل، إن الصوم ليس هدفه تعذيب الإنسان وإحساسه بالجوع ولكن على العكس دعوة إلى تذوق “ما أطيب الرب” هدفها جعل روح الإنسان تسمو وترفرف على كل إنسان وكل الناس، وهي وسيلة للتحرر من عبودية الأكل والشرب ولذة الأكل.

أبوك الذي يرى في الخفية، ما المقصود “بالخفية” المقصود أن نختفي من أعين الناس التي تسرع فتجاملنا وتثني علينا وتسرق حق الله في حياتنا. الخفية هي المكان الذي لا يوجد فيه أحد من الناس بل هو الانفراد بوجود الآب الحنون العطوف مانح العطايا.

الخفية هي الاختفاء عن العيون التي تُقرظنا وتمدحنا بصفتنا صديقين وأقرباء لله ورجال الله، إن الاب يُريد أن ينفرد بنا وحدنا كل واحد باسمه وكل واحدة باسمها حتى يُظهر لنا نفسه من خلال شعورنا بالخشوع والرهبة والرعاية والقوة النابعة من الله وحده، الخفية تعني أن ندخل في علاقة مجانية جدًا، لا تهتم بالمديح ولا بالمجد الباطل بل تركز على تذوق حنان الله وحبه.

أبوك يجازيك، نعم،  نأخذ جزاء صيامنا أو صدقتنا أو صلاتنا استحسان الآخرين لكن الله يطلب منا أن نكتفي بإحسانه هو وكرمه هو وتقريظه هو فقط، إنه تمرين على الدخول في حميمية الله أبينا. وحينما ننفذ هذه المشيئة فإننا نؤمن أن الله لا يحابي أحدًا ولكن يفعل ذلك معنا جميعًا نحن ملايين من المؤمنين والله كفيل بالدخول في علاقة مع هذه الملايين والمليارات في آن واحد.

لا نظن أن الله يدخل في علاقة حميمية معي انا فقط بل هو يريد أن يدخل في علاقة حميمية مع الجميع، إلا أن هذه العلاقة الشخصية جدًا لا تتناقض مع ما نمارسه معا من صلاة وصوم وصدقة، فالبعُد الجماعي أيضًا مطلوب كي نعبر لله عن حبنا كجماعة مؤمنة ولذلك علمنا أن نصلي جماعة غليه قائلين “أبانا”

إن جزاءنا حاضر في نفس العلاقة الحميمية مع الله فالشعور بالحرية وبالحميمية، وبحنان الله يغمرنا بالفرح والسعادة ويفجر فينا طاقات لم تكن قد تظهر فينا إلا بهذه الخبرة المُعاشة والفريدة.