أخفيت هذا عن الحكماء – الأب وليم سيدهم
كشفت الملكوت للأطفال الصغار وحجبتها عن الحكماء، من هؤلاء الأطفال الصغار ومن هم الحكماء اللذين يتحدث عنهم السيد المسيح؟ إن سر محبة الله للإنسان واضحة وعلنية لمن لديه قدر من الفطنة واليقظة “اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.” (مز 19: 1).
لأن هؤلاء وأولئك كانت لديهم وصفات معلبة في عقولهم رسموها لأنفسهم، مصدرها عقلهم وخيالهم، فإن حكمة الله شاءت أن تتجنب هذه الكليشهات المُعلبة، مثل نموذج مملكة داود كنموذج قابل للتطبيق كما تصوره اليهود فإنهم لم يفطنوا لقدرة الله وإبداعه لخلاص العالم عن طريق نموذج آخر صورته الأساسية جائت في النبؤات، هو نموذج “العبد المتألم” الذي رفضه حكماء الفريسيين والكتبة والصدوقيين.
أيضًا النموذج اليوناني الذي فيه يصبح الله “المحرك الأول الذي لا يتحرك” هذا النموذج العقلاني المنفصل عن الواقع والمفارق له. كان هذا النموذج غير قابل للرد على إيمان العبرانيين البسطاء.
ولهذا عبر يسوع الناصري عن فشل النموذجيين في التعبير عن سر محبة الله الذي تجلى في نموذج ثالث خارج النموذجين في التعبير عن سر محبة الله الذي تجلى في نموذج ثالث، خارج النموذجين الآخرين وهو أن كلمة الله نفسها تجسدت وأخذت من العذراء مريم ومن القديس البتول يوسف النجار الخلية الأولى التي بفضلها ولد المسيح الكلمة من العذراء البتول.
وبالتالي، في الوقت الذي كان يتم سر الخلاص في عمق قلب وأحشاء مريم العذراء، كان هيرودس والفريسيون يتمعنون في إسقاط أي إمكانية يتجلى فيها الله بعيدًا عن تصوراتهم المحدودة والمريضة.
فقط الرعاة الغلابة وحظيرة الحيوانات، ومريم العذراء ويوسف النجار هؤلاء الناس المجهولون، البسطاء، المؤمنون بعمل الله المدهش، هم الذين رافقوا واحتضنوا المخلص في رحلته إلى الأرض في عملية فريدة ومعجزية للبسطاء من الرعاة ثم فيما بعد من الصيادين ومن يوحنا المعمدان الذي أدرك أن عليه أن يمهد للملكوت والدعوة إلى التوبة في نطاق نهر الأردن.
إن سر محبة الله يعلمنا أن الصراخ والصوت العالي والضجيج والاحتفالات الرسمية والمآدب العظيمة التي يصنعها العظماء لا تدخل في نطاق التحقيق الحثيث للكلكوت. بل هو الصمت والصلاة في العمق وتجشم مشقات الحياة اليومية الروتينية العادية، هذه هي البيئة الصالحة الذي يرتادها الله، الطبيعة والإنسان الشفاف المفتوح كل يوم على عمل الله، هم من يستقبلون عمل الله في هدوء وفي طاعة كيانية تعتنق تعقيدات الواقع البشري وظروف الطبيعة بروح مغمورة بالسلام والرضى بعيدًا عن العنف والصخب.
علمنا يارب كيف نصغي لك في اعماقنا حتى نلتقط الإشارات التي ترسلها لنا يوميًا، والتي تقودنا إلى العمل بمشيئتك.