أعينك حسود لأني كريم – الأب وليم سيدهم
إن الله هو الكريم بإمتياز، وبطريقة لا يمكن لنا نحن البشر أن نفهم سر هذا الكرم، لأن مقاييس هذا الكرم تختلف عن مقاييس الإنسان تمامًا. فمثلًا إذا أردنا أن نعامل الناس بالعدل حسب مقاييسنا، فإننا سنبطل طلوع الشمس على الأشرار ونبسطها على الأبرار. والله لا يفعل ذلك فهو لا يعاقب مثلنا، بل عقابه مغلف برحمته وحنانه.
وإذا أردنا أن نحاسب الفعلة في مصنعنا لأو في أرضنا أو في مكتبنا، فإننا نعتمد على لائحة جزائية ولائحة تحفيزية تختلف عن اللائحة التي يتعامل بها الله مع كل إنسان. فهو لا ينظر إلى كم العمل أو كيفه فقط لكن ينظر إلى العامل نفسه وهل لديه المقدرة أن يقوم بمتطلبات العمل، وينظر إلى إحتياجات أسرته، وهل يفي مرتب رب الأسرة في الصرف عليها، ثم ينظر إلى قلب العامل ليرى إن كان مرتجفًا أو خائفًا أو لديه شعور بالذنب، ثم ينظر إلى الظروف الإقتصادية للبلد والظروف السياسية والإجتماعية، ليرى هل هذا الموظف ضحية للظروف أم هو من يصنع هذه الظروف مثلًا فهو يُشرع لطبقة دون طبقة، أو يضحي بطبقة من الناس من أجل طبقة أخرى.
وهكذا فإن مقاييس الرب تختلف تمامًا عن مقاييسنا فهو يعمل ألف حساب لألف سبب ممكن ان يدخل في محاسبة العامل عنده.
يعلمنا الكتاب المقدس أن الله قبل ذبيحة هابيل ولم يقبل ذبيحة قايين، حتى الآن لا نستطيع أن نعرف السبب الذي جعل الله ميز بين الذبيحتين. لكن نتيجة هذا التمييز غضب قايين ورغم ان الله حذره بأن: “خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ” (تك 4: 7) وعليه أن يكظم غيظه إلا أن قايين لم يكظم غيظه وقتل أخيه هابيل حسدًا له، لن الله فضله عليه.
كما يعلمنا الكتاب المقدس في نَصّ المولود أعمى عن حسد وانتقام الفريسيين من هذا المولود أعمى بسبب حصوله على منحة الشفاء من عماه من قبل يسوع إلا أن المولود أعمى لم ينهار ولم ينكر ولم يخف من تهديدات الفريسيين الحاقدين والحسودين.
لقد استفاد المولود أعمى من كرم الله ورحمته كما استفاد زكا، والمرأة الكنعانية وقائد المئة من كرم الله رغم تحريم الشريعة الموسوية لمثل هذه الأفعال.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتركنا مثال عمال الساعة الحادية عشرة الذين عملوا لساعة واحدة فقط فحصلوا على ما حصل عليه زملائهم الذين عملوا اكثر من 12 ساعة.
وفي خبرتنا اليومية فنحن نتأرجح بين حسدنا لأخوتنا الضعاف وبين كرم الله للضعفاء الذين قد نكون أحدهم
المجد لك أيها المسيح ابن الله.