أنا القيامة والحياة – الأب وليم سيدهم
أنا القيامة والحياة
من “أنا الطريق” إلى “أنا القيامة” يُحدد لنا المسيح كيف نتمتع بالخلود والبقاء إلى منتهى الدهر في معية الله، لو أن المسيح لم يقم فإن إيماننا باطل يقول القديس بولس فإيماننا مؤسس على سر موت وقيامة السيد المسيح، ونعلن كل يوم في قانون الإيمان هذا الإعتراف “وصار إنسانا وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي تألم ومات وقبر… وقام في اليوم الثالث” .
لقد رسم لنا يسوع طريق القيامة من خلال حياته على الأرض وقبوله سر الآلام معلقًا على الصليب وكلماته الأبدية”إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ما يفعلون” فرسم لنا طريق الحياة التى تؤدي بنا إلى القيامة التى تبدأ من حياتنا الأرضية على خطاه، وتنتهى بإيماننا بالعبور من الموت الجسدى إلى الحياة الأبدية.
إن قيامة المسيح هى عربون قيامتنا من بين الأموات، وحينما نقول أن المسيح “داس الموت بالموت ووهب لنا الحياة” فإننا نعترف بأن قبولنا سر الموت بكامل حريتنا وكامل إيماننا كل يوم إلى آخر حياتنا هو الطريق الوحيد للعبور إلى الحياة، بإعتبار أن موتنا الجسدى هو ضرورة لكى نتجرد من ثقل الجسد وما يفترض من إرتباطات حسية تنتمى إلى تراب الأرض التى نعيش عليها، وهذا التراب الذي نفخ فيه الرب لتدب فيه الحياة لمدة زمنية معلومة تشكل جزءًا من مسيرة محددة داخل المسيرة الكونية يساهم فيها الإنسان على الأرض كجزء من إعمارها والتفاعل معها والعمل على تقديسها وتقديس أنفسنا الذي ستكمل قداستة حينما نعبر من هذه الأرض إلى السماء إلى جوار مخلصنا وسيدنا يسوع المسيح.
ونحن نؤمن بما يقوله الإنجيل عل لسان أبينا ابراهيم في السماء للغني، إننا حتى لو نزل انسان من السماء لن يغير حياتنا إن لم نخدم الشريعة التى تركها لنا يسوع المسيح على الأرض شريعة المحبة والشركة والعطاء.
حينما نؤمن بالقيامة فنحن نرفض أى مساومة أو تهديد أو خطر يحول حياتنا وحريتنا على هذه الأرض إلى مجرد عبودية وخضوع لأى من كان، إنسان أو ظروف طبيعية، فنحن لا نخشى الموت ما دُمنا نعمل في النور ونسير عل هُدى ضميرنا ووعينا. وهنا نحن نقلد السيد المسيح حينما رفض الخضوع لتهديدات الفريسيين ومحاولة قتله، وظل صامدًا يفضح ألاعيب الفريسيين ولا يخضع لتجارب الشيطان ولم يتهرب من طبيعته الإنسانية وتضامنه مع البشر، فهو يصوم ويدفع الجزية ويعطى ما لقيصر لقيصر ولا يخون الآب السماوى ولا يجعل من مساواته للآب غنيمة يستغلها في حياته البشرية بل يقف في طابور الفقراء ويقبل المعمودية من يوحنا وينتفض أمام قرب ساعة موته ويصلي إلى الآب وهو يتصبب عرقًا ويسهر قلقًا ويطلب مساعدة تلاميذه على تحمل الآلام التى تنتظره على الصليب.
وعلى الصليب لم يسمع لجموع الشعب “وَكَانَ الشَّعْبُ وَاقِفِينَ يَنْظُرُونَ، وَالرُّؤَسَاءُ أَيْضًا مَعَهُمْ يَسْخَرُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «خَلَّصَ آخَرِينَ، فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْمَسِيحَ مُخْتَارَ اللهِ ” «.(لوقا 23: 35).
هكذا رسم لنا المسيح طريق الخلاص الذي لا يخلو من تحمُل الآلام في سبيل القيامة معه، قيامة في الحياة برفض التنازلات التى تهين كرامة الإنسان وقيامة بعد الممات للجلوس مع الاب في السماء.