” أنا عَمّدتُكم بالماء ، وأمّا هُوَ فيُعَمِّدُكم بِالرُّوحِ القُدُس ” ( لوقا ١ : ٨ )
اليوم ، جاء الربّ يسوع للحصول على العماد على يد يوحنا المعمدان . أراد أن يغتسل في نهر الأردن .
قد نتسأل ونقول : ” هو القدّوس والكامل القداسة ، لماذا أراد أن يتعمّد ؟
والجواب : تعمّد المسيح لا ليتقدّس بواسطة الماء ، بل ليقدّس المياه بنفسه وليطهّر بعمله الشخصي
الأمواج التي كان يلمسها . إذًا ، يبدو الأمر تكريسًا للماء أكثر منه تكريسًا للمسيح .
ففور اعتماد المخلِّص ، أصبحت المياه كلّها نقيّة بانتظار عمادنا .
المصدر مطهّر بغية منح النعمة للشعوب التي ستأتي في المستقبل أي لنا نحن ولمن سيأتي من بعدنا ، إلى نهاية العالم .
لقد كان المسيح أوّل مَن تقدّم نحو العماد كي تحتذي به الشعوب المسيحيّة بدون أي تردّد .
وهنا ، أستشفّ سرًّا . ألم يكن عمود النار في الطليعة عبر البحر الأحمر لتشجيع أبناء إسرائيل على اللحاق به ؟ كان أوّل مَن عبر المياه لفتح الطريق أمام الذين كانوا يتبعونه . كان هذا الحدث رمزًا للعماد وفقًا لشهادة الرسول بولس ” فلا نريد أن تجهلوا ، أيها الإخوة ، أنَّ آبَاءَنَا كانو كُلُّهُم تَحتَ الغمام ، وكُلُّهُم جاوزا في البحر ، وكُلُّهُم اعتمدوا في موسى في الغمامِ وفي البحرِ ، وكُلُّهُم أكلوا طعاماً رُوحياً واحداً ، وكُلُهُم شرِبوا شراباً رُوحياً واحداً ، فقد كانوا يشربون من صخرَةٍ روحيّةٍ تَتبَعُهم وهذه الصَّخرةُ هي المسيح ” . ( قورنتس الأولى ١٠ : ١ ) . كان بدون أدنى شكّ عمادًا حيث كان الناس محاطين بالغمام والمياه . وقد تمّ إنجاز هذا كلّه من قبل المسيح نفسه الذي يسبق إلى عماد الشعوب المسيحيّة في عمود جسده ، كما سبق عبر البحر أبناء إسرائيل في عمود النار .
العمود نفسه الذي أنار في الماضي عيون السائرين ، يمنح الآن النور لقلوب المؤمنين . لقد رسم هذا العمود طريقًا ثابتًا وسط الأمواج ، وهو يقوم الآن بتثبيت خطى الإيمان في هذا الحمام المقدّس . ” انتم الذين بالمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم ” .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك