أيــــن أخـــــــوك ؟؟؟ / رضا نادى شمعون
أيــــن أخـــــــوك ؟؟؟ / رضا نادى شمعون
لقد صرخ الله في وجه قايين القاتل قائلاً له :” أين هابيل أخوك ؟..
فأجابه : لا أعلم .. أحارسُ لأخي أنا ؟ ” ( تك 4 : 9 )
فندم الله لأن الإنسان الذي خلقه نكر الجميل وتمرد عليه وإستخدم الحرية إستخداماً سلبياً وهدر دم أخيه بلا وعي ولا معرفة ولا رحمة ولا شفقة حتى حزن الله وندم على قسوة قلب الإنسان تجاه أقرب الناس إليه .
وكثيراً ما نجد في حياتنا صوراً عديدة لقايين ونتجاهل أن درب الله لا يحتاج لأمثاله .. فنقتل أخوة لنا أبرياء .. وذلك عندما نعلن عدم مسئوليتنا وتضامننا معهم .. ونسرع الخطى لإشباع رغباتنا وإرضاء ذواتنا ونهتم بها على حساب حياتهم ..
وفي بعض الأحيان تعصف العاصفة بأخوتنا في الإنسانية وتهجم الأعاصر العنيفة والأمواج الصاخبة عليهم ونحن نستر وجوهنا وعنهم غافلون ..
لا نشاطرهم مآسيهم ولا حتى نرفع من أجلهم الصلاة وأيادي التضرع وطلب الرحمة من لدن الله .. بل ما يزيد ” الطينة بلة ” كما يقول المثل هو تحميلنا إياهم أثقالنا والفرار بعيد عنهم ..
وهناك تجارب روحية يئن الإنسان من حملها .. صراعات وحروب عديدة مع قوات وجنود الشر الغير المنظورين .. عالم كبير غير مرئي ولا موصوف .. وكثير ما نحن ذواتنا نسقط بسبب هذه النزاعات العصيبة ونصرخ إلى خالق الكون بأصوات عالية جهورة طالبين أن يصبغ علينا مراحمه ..ولكن كثيراً ما نخلط المفاهيم التي نسمعها ..
فنخلط بين الأخوة الحقة والأخوة المزيفة المبنية على المصالح والدوافع الذاتية .. نخلط بين الصداقة والمصاحبة وغيرها من الكلمات في حين أن الإنسان محتاج إلى أخوة بجواره ليس أمامه ولا خلفه بل بجواره .. يرفعون أقدامهم مع أقدامه ويسيرون معه نحو الكمال .
ولكن في عالمنا الحاضر رفضاً قاطعاً لنشر الخير والسعادة على من هم أقرب منا .. ونخرج خارجاً سعياً لخدمة أناس لا نعرفهم وفي الحقيقة معنا من هم في أشد الإحتياج إلى عطفنا ورعايتنا وإهتمامناً ..
وإن لم نبن سور الصلاة ضد حروب إبليس اللعين .. لا يمكن أن نبني بعضنا بعضاً فالبناء يعني إهتماماً وسعياً حثيثاً لدفع صرح الله فينا .. نصلي لأننا فقراء ولا ندري ما نريده ، هل هو خير لنا أم شر ؟..
نتضرع كي لا نُجسد في مسيرتنا الحياتية قاييناً أخراً يقتل معنويات البشر ويحطم أفكارهم ويسحبهم نحو الجحيم .. فإن الخروج إلى الله يُعني في حد ذاته الخروج نحو الأخوة .. فهم معنا ونحن معهم ..
هم يعطون معنى لحياتنا ونحن نعطي معنى لحياتهم .. فإن الإنسان بمفرده لا يستطيع أن يسلك في الصحراء بأخطارها وحرها وبردها وأتعابها العديدة دون ما يكون أحد معه .. فإنني أحتاج إلى الآخر ..
أحتاج إلى أخوة لأن سيري نحو السماء لا يتم إلا معهم لا أقتلهم بل أضع لمسة حب وكلمة نمو ونظرة تفاؤل في حياتهم .. وكم يكون إنتمائنا ببعض عنواناً مقروءاً واضحاً عن علاقتنا بالله .. فلا نسمع السؤال الكتابي القائل :
أين أخوك ؟.. ولا نحتار لعدم الرد عليه .. بل نقول : إنه معي .. بجواري وحياتي لا تكتمل إلا بحياته.