إحذر أن يكون النور الذي فيك ظلام – الأب وليم سيدهم
تتقلب الأحوال في حياتنا اليومية بين النور والظلام، فبينما خلق الله النيرين لإنارة العالم، النير الأكبر هي الشمس والنير الأصغر وهو القمر، فإن الإنسان محكوم بظلام الليل وسطوع النور في النهار.
وعلى مثال ذلك، فإن المسيح يحذرنا من أن نخلط بين النور والظلام اللذان يخترقان عقلنا وقلبنا، إن النور والظلام اللذان نكتشفهما من خلال حواسنا، النظر والسمع واللمس والتذوق، ويتحولان إلى نور للعقل والقلب، يمكن أن تخدعنا هذه الحواس الشعورية والوجدانية والعقلية، فيختلط علينا أمر النور والظلام، ويخفت تمييزنا لنصبح العوبة بين هذه الحواس.
ولما كان النور الذي ينير الأنسان يمر عبر الحواس ثم الوجدان ثم العقل فإننا نبصر ونميز ونحكم على أفعالنا اللامتناهية اليومية بقدر ما تحول مواد الحواس الى تمحيص العقل وقدرته على الحكم على أفعالنا.
وإذا كانت الحواس عمياء ولايمكن أن تدرك جيدًا إلا بالعقل فإننا فإننا نترجم هذه الأنوار التي تخترقنا والظلمات التي تكتنفنا فإننا أول ما نمير بين أفعال النور وأفعال الظلام هو ما أتى به الكتاب المقدس من كلمات حية.
ولقد ورد في كلام الله الحي ما جاء على لسان المسيح مخاطبًا تلاميذه ومريديه : “أنتم نور العالم” ، “أنتم ملح الأرض” هذه الدعوة الربانية إلى التلفح بالنور الغرض منها ترشيد أفعالنا لتصبح نوارنية وليست ظلامية، فالمحبة والصدق والأمانة والشكر والفرح والحزن هي من قبيل الأفعال النورانية بمعنى أن هذا النور الذي يشع في عقولنا وقلوبنا، هو دعوة إلهية لكي تنتشر نور هذه الكلمات في منحنيات العالم كله، فالدعوة إلى الغفران وإلتماس العذر وقبول أخوتي البشر بصفتهم شركاء في نشر هذا النور، ورفض الظلام الفكري والعقلي والقلبي، يصبح رسالة هامة ومهمة لكي تستقيم الحياة.
إلا أن الظُلمة تظل سيفًا مسلطًا على الإنسان، حينما يرفض أن يتقبل هذه الأنوار الإلهية التي تفيض بشكل مستمر على الإنسان في حياته اليومية، لذلك يقول المسيح “اُنْظُرْ إِذًا لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً.” (لو 11: 35). وميز الرب بين أبناء النور وأبناء الظلمة وأكد القديس بولس على رفضه القبول بالظلمة في حياتنا اليومية، لأنها لا تتناسب مع أخلاقنا المسيحية.
يقول القديس يوحنا في إنجيله، ان المسيح “إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ.” (يو 1: 11). لأنهم فضلوا الظلمة على النور.