stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

إغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون – الأب وليم سيدهم

746views

إغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون

إننا لا ندرى أن كل مرة نتصرف بأنانية نخون يسوع لأننا نسقط الله من حساباتنا، كل مرة نكذب ‏على الآخرين نهدم جزءًا من ثقتهم فينا، كل مرة نكذب على الله يحدث معنا ما حدث لآدم، نجد ‏أنفسنا عرايا خارجًا عن سترة الله لنا.‏

إن يسوع هو الوحيد الذي إن قال فعل، لقد سأله بطرس ‏‎:”‎يَا رَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا ‏أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟‎ ‎قَالَ لَهُ يَسُوعُ: لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً ‏سَبْعَ مَرَّاتٍ‎.‎‏” ( متى 18 :21 – 22) بما معناه تغفر لأخيك دائمًا. إن الكمال المسيحي لا ننهاية ‏له إذ يقول الإنجيل ‏‎”‎فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.” (متى 5: ‏‏48).‏

وإن تصفحنا الكتاب المقدس سنجده سلسلة من الحوارات بين الفريسيين وبين يسوع حول مئات ‏المسائل العقائدية والحياتية مثل غسيل الايدي قبل الأكل والإمتناع عن عمل الخير يوم السبت ‏وطرد الشياطين يوم السبت وبأى سلطة يُعمد يسوع ولماذا يتحدث عن البرص وبأى صفة يفتح ‏عيون العميان … الخ.‏

في كل هذه المشادات والحوارات لم يخرج فيها المسيح عن ما يمكن أن نسميه آداب الحوار، وايضًا ‏فإن يسوع المسيح ظل يمارس رسالته دون أن يتخذ موقفًا مقاطعًا أو رافضًا أو حاقدًا أو كارهًا ‏لمحاوريه من رجال الدين من الكتبة والفريسيين ونحن لدينا خبرة عن إدارة الحوار مع مخالفينا في ‏الرأى و العقيدة أو غيرهما وغالبًا ما نقاطع أو نكره أو نحتقر أو نتلفظ بألفاظ نابية تجاه من ‏يخالفوننا الرأى.‏

ولكن يسوع كان دائمًا مايُصر على الحوار أو يستمر في موقفه رغم المحاربات التى كانت ‏تحاصره والنقد الذي كان أحد أدوات رجال الدين نحوه، وحينما نتسائل كيف كان الموقف الباطن ‏للمسيح من كل ذلك، فإننا نجد أن غالبًا ما يجد سببًا لمثل هذه المواقف السلبية نحوه، والسبب ‏الأعظم هو “عدم معرفة الخصوم” لشخصية يسوع ابن الله. إلا أن خطة يسوع كانت واضحة لا ‏مهادنة مع الفهم الخطأ للشريعة، ولا إنكسار أمام إلحاح الجاهلين بشخصيته في تغيير مواقفه، فمثلًا ‏نجده يكسر السبت دائمًا وأبدًا من أجل شفاء إنسان أو طرد شيطان رغم أنه يعرف أن مخالفيه في ‏هذه الممارسة عديدين.‏

ولقد تحدث كثيرًا عن التوبة، وضرب أمثالًا كثيرة لدعوة المخالفين إلى التوبة وطلب الغفران، ‏وكان هناك من يستجيب مثل زكا العشار ، ومتى العشار، وقائد المئة، والمرأة الكنعانية، والبُرص، ‏والعميان، والكسحان.‏
كانت حياة المسيح كلها غفران لمعاصريه ومحاولات لمساعدتهم على فهم الحقيقة مثل المرأة ‏السامرية ونيقوديموس والشاب الغنى ومريم ومرثا أختىّ لعازر وغيرهم كثيرين.‏

إن الإيمان بشخص المسيح ليس أمرًا واضحًا أو سهلًا، إنه مسيرة إكتشاف لشخصيته ولهوية الله ‏وابن الله، الإيمان مسيرة حيّة مبنية على معاشرة الإنسان لله والإصغاء لكلمته وتمحيص باطنى ‏للشعور الناتج عن هذه العلاقة وهي في الأغلب الإصغاء إلى دعوة الله الشخصية لكل واحد منا ‏ليتجاوب مع النعم التي أغدقها عليه الله.‏

فالمسيح على الصليب لأن القطاع الأهم في الشعب الممسكين بالحل والربط لم يستوعبوا سر تجسد ‏الله وكانوا يرفضون أن يكون الله جل جلاله على شبه إنسان، ولم يستطيعوا أن يستوعبوا أن محبة الله ‏تجلت في إبنه يسوع المتجسد بعد أن فشل الأنبياء والسابقون في حمل البشرية على التصديق به ‏وقبول كلمة الله (العبرانيون).‏

فالكلمة صارت بشرًا وعاش بيننا وبلغنا حب الله، إن الحكم على يسوع بالموت هو الإعتراف بأن ‏الشريعة الموسوية وصلت إلى طريق مسدود لأنها كانت تُشرع لإله مفارق للإنسان ولم يكن ‏الإتصال به ممكنًا إلا بالرموز ولم تفعل غير تطبيق الوصية ‏‎”‎لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي” (خر ‏‏20: 3-4) .‏

ولما تجسد المسيح تلاشت الرموز وأخذ الابن مكانها فحدثت صدمة قوية للإنسان ووضعت ‏الوصية الأولى على المحك ‏‎”‎أنا الرب إلهك… لا يكن لك آلهة سواي” ( تثنية 6:5-9) ، ونتذكر ‏أغن البشارة بميلاد المسيح والحبل والولادة والحياة مع يوسف ومريم. كل هذه المسيرة لم يدري بها ‏أو يعلمها إلا القليل من معاصرى يسوع من الفقراء مثل الرعاة والمجوس.‏

فسر التجسد تم في شبه طي الكتمان، فظل يسوع حوالى ثلاثين عامًا يتعلم وهو ابن الله كيف يكون ‏ابن الانسان في الحياة اليومية في علاقته مع الآب وعلاقته مع أسرته الصغيرة وعلاقته مع جيرانه ‏وأصدقائه… إلى أن استطاع أن يكتشف رسالته كان الله وهو على هيئة البشر متضامنًا معهم في كل ‏شيء ماعدا الخطيئة: “أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟” (لوقا 2: 49) قالها حينما ‏غاب ثلاث أيام في الهيكل.‏